انتهى رئيس الحكومة من النكت «الحامضة»، ومر إلى الكلام «الحامض»؛ فبعد قوله المأثور الموجه للعاطلين، والذي قال فيه بصريح العبارة «الرزق عند الله»، ها هو ابن كيران يبدع في متنه ويجيب صحافية سألته عن الزيادة في أسعار المحروقات: «واش أنت تركبي السيارة وأنا نخلص عليك ليصانص؟!». رئيس الحكومة يقولها للناس صراحة «تقاضات الهضرة». سؤال يطرح نفسه بعد كل هذا هو، أين هي «الكومينيكاسيون» التي قال الجميع إن ابن كيران بارع فيها؟ لقد كان أمام الحكومة إمكانية تدشين مستوى آخر في التعامل مع المواطنين، وذلك بالتواصل معهم بشكل أفضل لشرح حيثيات الزيادة في المحروقات، إلا أنها اختارت الحل المريح وأقرت زيادتها بشكل فاجأ المواطنين، وهو نفس الأسلوب القديم. بل جاء بعد ذلك بعض وزراء العدالة والتنمية ليقترفوا عذر الشرح الذي كان حقا أقبح من زلة الزيادة. من المحتمل أن يكون خيار الزيادة في أسعار المحروقات هو الحل الأوحد أمام الحكومة لمواجهة الأزمة، لكن ألم يكن أمامها، على الأقل، خيار شرح الأمر للناس . الكل يعلم أن أسعار النفط اشتعلت في الأسواق العالمية، وأن المغرب يستورد حاجياته النفطية بتلك الأسعار الملتهبة مما يثقل فاتورة الواردات ويزيد من عجز الميزان التجاري، وينهك ميزانية الدولة. بل إن صندوق المقاصة بلع الملايير المرسومة له، ولم يعد هناك بالإمكان الاستمرار في الوضع بهذا الشكل وإلا ستصل الميزانية إلى مستوى الإفلاس. وإذا كان مخيال الحكومة عاجزا عن إبداع حلول أخرى لتفادي الزيادة التي لا محال ستنهك جيوب المواطنين، فعلى الأقل من حق الناس على الحكومة أن تشرح لهم حيثيات الوضع المالي لبلادهم. لا شك أن الزيادة في أسعار المحروقات، والشكل الذي تم به اعتمادها، يوضحان بالملموس أن الحكومة بلغت مستوى من التخبط والارتباك ما يجعل المواطنين يتساءلون حول خياراتهم الانتخابية. ومن بين ردود الفعل التي سمعناها من المواطنين الغاضبين في محطات النقل: «نستاهلوا هاد الشي حيث حنا اللي صوتنا عليهم». والحقيقة أن ابن كيران فشل هذه المرة في خياره المتعلق بالزيادة، وفشل في التواصل. أما الشعبوية ففي مقام الجد تتحول إلى قول «حامض»؛ وأما القادم من قرارات الحكومة فنرجو من الله اللطف فيه، والسلام…