ثوب حداد تلبسه منذ يومين المدينة القديمة بالدارالبيضاء.. ثوب يحمل الكثير من قصص الموت التي تتناثر هنا وهناك منذ سنوات بسبب مساكن تهدد أرواح ساكينها أو بسبب نمط حياة قريب من الموت أكثر من الحياة يمشي بين دروب وأزقة المدينة القديمة بالدارالبيضاء. «نريد من ينقذنا..» كان هذا صوت شباب المدينة القديمة والذين تطوعوا أمس لمساعدة رجال الوقاية المدنية في عمليات البحث عن آخر المفقودين تحت الركام والذي تم استخراجه مساء أمس وهو في وضع صحي قلق. أمس ظهرا ووري الثرى موتى انهيار المدينة القديمة، حيث تم دفن سيدة في السبعين من عمرها بمقبرة الرحمة بالبيضاء، في حين نقل باقي الموتى للدفن بمسقط رأسهم بقلعة السراغنة. وحضر مراسيم الدفن وزير الداخلية ووالي مدينة الدارالبيضاء وعامل عمالة آنفا ورئيس مقاطعة سيدي بليوط وعدد من المسؤولين المحليين والإقليميين والمنتخبين بالبيضاء.. وقد أقيمت أمس مراسيم العزاء بساحة عرصة الزرقطوني، حضرها عدد من المسؤولين بمقاطعة سيدي بليوط والسلطات المحلية والإقليمية.. وفعاليات من أبناء المدينة القديمة ومن محيطها ممن تدخوا أمس لمواجهة بعض الأشخاص الذين حاولوا الركوب على الحادث لأهداف مصلحية محضة ترتبط أساسا باستغلالهم للكثير من معالم المدينة القديمة خارج القانون. وقد أعلن عن إجراء خبرة دراسية على منازل سيدي فاتح وأيضا على المنازل المحيطة بالمنزل المنهار للوقوف على الأسباب التي تقف وراء حادث الانهيار، والذي خلف كارثة بكل المقاييس، لم تشهد المدينة القديمة بالدارالبيضاء مثلها منذ سنوات. «باشرنا العمل من أجل مواكبة الأسر المتضررة من هذا الانهيار وذلك في أفق إعادة إسكانها في القريب العاجل.. وأيضا تتبع نتائج اللجنة التي تم تكوينها لوضع دراسة تقنية حول منازل سيدي فاتح والعديد من أزقة المدينة القديمة» يتحدث مسؤول اقليمي بالمنطقة.. والذي أكد بلغة قوية تحمل الكثير من علامات الحزم «نحن ماضون في برنامج تأهيل المدينة القديمة. ولا أحد يمكن له أن يوقف هذا البرنامج والمدينة القديمة بأبنائها وسكانها سيعاد لها الاعتبار .. بعيدا عن كل من يحاول استغلال بؤس أو الفقر ساكنتها لأسباب بتنا نعرفها جيدا، وسنتعامل بما يخوله القانون أولا .. ومصلحة المدينة القديمة ثانيا» يؤكد المسؤول ذاته والذي كان واحد من بين قائمة من المسؤولين الذين حجوا إلى المنطقة خلال الدقائق الأولى لشيوع خبر الانهيار. وكانت عدد من أصوات أبناء المدينة القديمة قد رفعت احتجاجها خلال الزيارة التفقدية التي قام بها وزير الداخلية امحند العنصر لموقع الانهيار، على التماطل الذي يطال التعامل مع ملفات ترحيل سكان الأحياء خارج أسوار المدينة القديمة والذي استمر لأزيد من عقدين دون أن يكون هناك حل في أفق. زيارة وزير الداخلية شهدت أيضا، بعض المواجهات بين سكان المدينة القديمة وبين بعض المسؤولين الجمعويين بالمنطقة والذين رفعوا شعارات لا ترتبط بالمطالب الأساسية للسكان في إعادة الإسكان، بل حولوها إلى وقفة بشعارات فيها الكثير من ملامح الاستغلال الواضح لوضع يتطلب حسب عدد من سكان المدينة التحرك الفعلي لإنقاذ المدينة القديمة وسكانها.. ليس فقط من انهيارات المنازل المحتملة، بل من تنامي الجريمة واستغلال معالمها خارج القانون وبعيدا عن إرادة سكان البيضاء.