AHDATH.INFO عادت صحيفة The Guardian البريطانية في تقرير نشرته الأحد، إلى ترديد خرافات تحدثت عنها الصحافة الفرنسية سنة 2007 وادعت أن المعارض المغربي الشهير المهدي بن بركة والذي قُتل بعد اختطافه يوم 29 أكتوبر عام 1965، فور وصوله إلى أحد المطاعم الواقعة في الضفة اليسرى لباريس كان جاسوساً. التقرير قال إنه وعلى مدار الأعوام، كُشف قدرٌ كبير من حقيقة اغتيال المعارض البالغ من العمر وقتها 46 عاماً، وطريقة قتله، حيث اختُطِفَ إلى منزل في جنوبباريس وعُذِّب وقُتل. إلا أن كثيراً من أنشطة بن بركة كانت قُبيل موته لا تزال غامضة، والآن كشف بحثٌ جديد في سجلات الدول التابعة للاتحاد السوفييتي أن المعارض الذي تمتَّع بالكاريزما والفكر والجماهيرية والتنظيم السياسي، ربما كان جاسوساً. وأظهرت الملفات السرية سابقاً في براغ أن بن بركة لم تربطه بالشرطة السرية في تشيكوسلوفاكيا علاقات وثيقة فقط، بل إنه تلقَّى منها كذلك مبالغ ضخمة، نقداً وعيناً. وقال جان كورا، الأستاذ المساعد في جامعة تشارلز في براغ، الذي اطلع على الملفات: "يُنظر إلى بن بركة عادةً على أنه حارب المصالح الاستعمارية وكافح من أجل العالم الثالث، لكن الوثائق تشير إلى صورة متخلفة تماماً: رجل لعب لصالح أطراف عديدة وعرف الكثير وأدرك أن للمعلومات قيمة ثمينة في الحرب الباردة، انتهازي مارس لعبة بالغة الخطورة". لكن تلك الاكتشافات سُتثير خلافاً، إذ لا يزال بن بركة بطلاً في أعين كثيرين من اليسار، وتنكر عائلته بإصرار أي اتهامات بأنه تورط في أي أعمال جاسوسية أو كانت له علاقات بأي دولة. ووفقاً للملفات التي اطلع عليها كورا، فقد بدأت علاقة بن بركة بشرطة تشيكوسلوفاكيا السرية عام 1960، عندما قابل أكبر جاسوس لها في باريس بعد أن غادر المغرب. ومنذ بداية الحرب الباردة كان موطنه، المستعمرة الفرنسية السابقة، موالياً للغرب، إلا أنه اتجه قليلاً ناحية موسكو لاحقاً. في حين تمنى جواسيس براغ أن يكون لهذا الزعيم المهم في حرب المغرب لنيل الاستقلال ومؤسس أول حزب معارضة اشتراكي، قيمة استخباراتية، ليس في التطورات السياسية في المملكة فقط، بل في تفكير قادة العرب أيضاً مثل الرئيس المصري آنذاك جمال عبد الناصر. وقال كورا: "لم يعترف بن بركة قط بالتعاون مع جهاز المخابرات، كما لم تدرجه شرطة تشيكوسلوفاكيا السرية في قائمة جواسيسها بل كان مجرد (جهة اتصال سرية). لكنه كان يُقدم المعلومات، ويتلقى أجراً". وأضاف: "كان رجلاً ذكياً وحذقاً للغاية. إذ لا توجد وثيقة واحدة عليها توقيعه، ولا عينات لخط يده. وكان يخضع للاستجواب الشفهي لساعاتٍ، وأحياناً ما كان يستخدم آلة كاتبة، لكنه رفض دائماً كتابة أي شيء بخط يده". وفي الشهور الأخيرة قبل وفاته، انشغل بن بركة بتنظيم المؤتمر ثلاثي القارات، الذي عُقد في كوبا وجمع عشرات من حركات التحرير والجماعات الثورية ورعاتهم. آنذاك مثّل المؤتمر لحظة حاسمة في تاريخ مناهضة الاستعمار دولياً في الستينات وحتى السبعينات، قد أراد الناشط القديم أن يترأس الفعالية.