أطلق حزب الاستقلال مدفعيته صوب الاتحاد العام لمقاولات المغرب, بسبب إقدام هذا الأخير على اتخاذ قرار يهم الانتماء السياسي لقياديه. الاتحاد الذي يعد الممثل الأول للقطاع الخاص بالمملكة, أجرى تعديلات على قانونها الداخلي, تقضي بالتنافي بين عضوية المكاتب السياسية للأحزاب السياسية وبين تولي ثلاث مهمات أساسية داخل الاتحاد وهي رئيس الاتحاد، ورئاسة فرع جهوي للاتحاد أو رئاسة إحدى الجامعات القطاعية للاتحاد. هذه التعديلات لم تلق ترحيبا من حزب الاستقلال, الذي ذهب حد اتهام "الباطروناث بخدمة أجندة أحد الأحزاب السياسية المشاركة في التحالف الحكومي من أجل الالتفاف على المنظمة التي غدت خلال السنوات القليلة الماضية, معروفة بشكل أكبر لدى شرائح واسعة من المغاربة, بعدما كان الأمر يقتصر على رجال الأعمال والطبقة السياسية والمهتمين بعالم الاقتصاد. لكن ما يجري بين حزب الاستقال و"الباطرونا" ليس وليد قرار هذه الأخيرة. قبل الآن, كان هناك نزال بين الطرفين, عندما ترشح رئيس التجمع الوطني للأحرار السابق والوزير السابق صلاح الدين مزوار لرئاسة الاتحاد, فيما لم يكن منافسه في تلك المعركة الانتخابية سوى حكيم مراكشي الذي يقال إنه مقرب من حزب علال الفاسي. الغلبة في هذا النزال كانت لمزوار الذي لم يكمل ولايته واستقال بسبب تصريحاته الشهيرة. بعد مزوار, تسلم القيادة رجل الأعمال المعروف وصاحب مطاحن المغرب شكيب العلج,وذلك بعد انتخابات تقدم إليها وحيدا, وهو الحدث الذي استبشرت به العديد من الوجوه المعروفة ل"الباطرونا" بدعوى أن ذلك يدشن لمرحلة جديدة لهذه المنظمة على درب النأي عن الصراعات السياسية. حادث آخر ساهم في تأجيج التشنج بين الطرفين لكن مسرحه هذه المرة كان مجلس المستشارين. اثنان من الذين نجحوا لعضوية بمجلس المستشارين باسم فريق "الباطرونا" فضلوا الرحيل غلى الاتحاد العام للشغالين بالمغرب, التابع لحزب الاستقلال, مستثمرين في ذلك عدم وجود أي قانون يحظر الترحال السياسي. فماهي مبررات كل طرف؟ بالنسبة لحزب الاستقلال , فإن قرار "الباطرونا" يضرب في العمق دستور المملكة, بل ويجعل نفسه في خدمة حزب مُعين، معتبرا سعي الاتحاد العام لمقاولات المغرب إلى تعديل القوانين بهدف حرمان أعضائها الراغبين في الترشح من حقهم الدستوري في الانتماء السياسي الذي يكفله الدستور وجميع المواثيق الدولية تحت ذريعة الحياد. بل إن بلاغ اللجنة التنفيذية للحزب ذهب حد اتهام "الباطرونا" في "حسابات سياسية", مطالبا في الوقت ذاته بضمان تمثيلية جميع المنظمات المهنية للمشغلين بمجلس المستشارين وعدم احتكار التمثيل من طرف هيئة واحدة. قيادة الاستقلال ذهبت أكثر من ذلك عندما حذرت من مغبة "التحالف بين المال والسياسة" بالبرلمان من أجل ممارسة الضغط لتمرير تعديلات على القوانين لخدمة المصالح الخاصة لبعض الشركات بعينها وتعزيز هيمنتها واحتكارها للسوق. فما صحة هذه الاتهامات؟ غير صحيحة جملة وتفصيلا, يبرز أحد القياديين البارزين ب"الباطرونا", ملخصا حكاية هذا الصراع في « أن السي جي إم لم يعد يطيق السبي من لدن الهيئات السياسية ». واعتبر هذا المتحدث، في اتصال أجرته معه "الأحداث المغربية", أن بلاغ الديوان الملكي عزز شجاعة الباطرونا في اتخاذ خطوة منع تولي ثلاث مناصب حساسة داخل النقابة وعضوية مكتب سياسي، مضيفا أن البلاغ الديوان الملكي الذي أعقب المجلس الوزاري والذي نص على أن تحافظ المنظمات المهنية للمشغلين الأكثر تمثيلية على فريق برلماني مع ضمان استقلاليته، لتمكينها من التعبير عن انشغالات الفاعلين الاقتصاديين والمقاولات الوطنية، مع النص بشكل صريح على عدم قبول الترشح لانتخابات ممثلي هذه المنظمات بتزكية من حزب سياسي مما يضمن لها تشكيل فريق خاص بها بالمجلس طيلة مدة الانتداب. وفضلا عن هذا يضيف مصدر الجريدة أن ما تم النص عليه في تعديل القانون المنظم لمجلس المستشارين من تجريد كل مستشار تخلى خلال مدة انتدابه عن الانتماء إلى الحزب السياسي أو المنظمة النقابية أو المهنية للمشغلين الأكثر تمثيلية التي ترشح باسمها لعضوية مجلس المستشارين، كان يكفي منظمة الاتحاد العام لمقاولات المغرب لكي تكون في مأمن من الأطماع.