أوقفت الشرطة الروسية أكثر من 4800 شخص الأحد وأغلقت وسط عدة مدن بما في ذلك العاصمة، فيما تشهد البلاد تظاهرات جديدة للمطالبة بالإفراج عن المعارض أليكسي نافالني. بدا وسط موسكو التي غطتها طبقة رقيقة من الثلج مثل قلعة محصنة في بعض الأماكن مع انتشار العشرات من شرطة مكافحة الشغب بالدروع والهراوات. وفي حدث نادر، أغلقت عدة شوارع ومحطات مترو في العاصمة تمام ا، ما دفع المتظاهرين لتغيير مكان التجمع في اللحظة الأخيرة، كما نشر على مواقع التواصل الاجتماعي. وفيما كانوا يخططون للتجمع أمام مقر الاستخبارات، قال مراسل لوكالة فرانس برس أن المتظاهرين توجهوا نحو مركز اعتقال نافالني، لكن كثيرين منهم لم يتمكنوا من الوصول إليه، فاتجهوا إلى وسط المدينة. وهتف المتظاهرون "بوتين لص" و"حرية"، وفق مراسلي فرانس برس الذين شاهدوا الشرطة تستخدم القوة لاحتجاز عشرات منهم. في بداية المساء، أعلن فريق نافالني انتهاء التظاهرة في موسكو. وكتب على تلغرام "لقد بينا لهم كم عددنا كبير!"، ودعا المتظاهرين للتعبير عن تأييدهم له من خلال حضورهم خلال مثوله أمام المحكمة الثلاثاء. وأوقفت الشرطة يوليا نافالنايا، زوجة أليكسي نافالني، لدى وصولها للمشاركة في المسيرة، بحسب فريق المعارض. وذكرت منظمة أو في دي-انفو" غير الحكومية أن 4818 شخصا على الاقل أوقفوا الأحد في 85 مدينة وخصوصا في موسكو (1515) وسان بطرسبرغ (1097). وقال اتحاد الصحافيين الروس أن ستين صحافي ا على الأقل أوقفوا. وتأتي هذه المسيرات في أعقاب يوم التعبئة الذي نظم السبت الماضي قبل نحو أسبوع وشارك فيه عشرات الآلاف من المتظاهرين وأسفر عن توقيف أكثر من 4000 شخص، فضلا عن فتح نحو عشرين قضية جنائية. على الرغم من التهديدات، لم تتردد إيكاترينا بريتشكينا البالغة من العمر 39 عام ا عن النزول إلى الشارع في موسكو. وقالت لوكالة فرانس برس إنها "تخشى اكثر مما سيحدث في البلاد اذا لم نخرج الى الشوارع". وقالت داريا وهي طبيبة بيطرية تبلغ من العمر 34 عام ا: "هذا قمع. ي لقى بالأبرياء في السجن". في سان بطرسبرغ، وهي معقل آخر للمعارضة، تجمع ما يقرب من 2000 شخص في ميدان بوسط المدينة قبل أن تفرقهم قوات مكافحة الشغب. وقال اندريه (30 عاما) لفرانس برس "بوتين يمثل الشر. لا مستقبل معه. من المستحيل العيش بمثل هذه الرواتب مع قلة فرص العمل". على تويتر، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن الولاياتالمتحدة "تدين استخدام روسيا المستمر للتكتيكات الوحشية ضد متظاهرين سلميين وصحافيين للأسبوع الثاني على التوالي وتجد د دعوتها إلى الإفراج عن الموقوفين من بينهم أليكسي نافالني". وعلى الفور نددت روسيا بهذه التصريحات عبر وزارة الخارجية الروسية التي قالت في بيان على فيسبوك: "إن التدخل الوقح للولايات المتحدة في الشؤون الداخلية لروسيا هو حقيقة مثبتة مثل الترويج للأخبار الكاذبة والدعوات لتجمعات غير مصرح بها من خلال منصات الإنترنت التي تسيطر عليها واشنطن". وقال مبعوث فلاديمير بوتين لحقوق الإنسان فاليري فاديف "ما نراه اليوم لا علاقة له بحماية الحقوق أو النضال من أجل حياة أفضل. ما نراه اليوم هو عمل استفزازي". وابدى وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في تغريدة "أسفه للاعتقالات الكثيفة" التي جرت الاحد خلال التظاهرات المؤيدة لنافالني، و"الاستخدام غير المتكافئ للقوة" بحق المتظاهرين والصحافيين. تأتي هذه التظاهرات الجديدة فيما ينتظر أن يمثل أليكسي نافالني أمام القضاة الأسبوع المقبل فيما يخضع منذ عودته إلى روسيا للملاحقة في عدة قضايا يعتبرها ذات دوافع سياسية. في الجانب الآخر من البلاد، في فلاديفوستوك، هتف عشرات المتظاهرين بحسب لقطات نشرها الفرع المحلي لتنظيم المعارض الروسي "بلدي روسيا في السجن!". وصرح المتظاهر اندريه (25 عاما) لوكالة فرانس برس "هناك عدد قليل من الاشخاص هذه المرة لأن شرطة مكافحة الشغب اغلقت وسط المدينة مسبقا". وأضاف "لكن كما ترى لا أحد يشعر بالخوف". وفي نوفوسيبيرسك، ثالث كبرى مدن روسيا، قدرت منظمة نافالني عدد المتظاهرين بنحو أكثر من خمسة آلاف، وهو من بين أكبر التجمعات المعارضة خلال السنوات الماضية. وقالت خيلغا بيروغوفا المنتخبة في المجلس المحلي عن ائتلاف موال لنافالني لوكالة فرانس برس "الناس غاضبون بسبب ما يحدث ولأن نواب ا ونشطاء معارضين أوقفوا هذا الاسبوع". والجمعة، و ض ع العديد من المقربين من نافالني بمن فيهم المحامية ليوبوف سوبول وشقيقه أوليغ نافالني في الإقامة الجبري ة حت ى أواخر آذار/مارس، في انتظار محاكمتهم بتهم انتهاكهم القيود الخاص ة بالحد من انتشار وباء كوفيد-19 عبر دعوتهم إلى التظاهرات الاحتجاجية. وجاء ذلك بعد يومين من المداهمات التي استهدفت منزل زوجته يوليا ومقار منظمته صندوق مكافحة الفساد. في الأيام السابقة، حذرت السلطات مرارا أنصار نافالني. وقالت الشرطة إنه يمكن محاكمة المتظاهرين بتهمة تنظيم "أعمال شغب جماعية" إذا تحولت المسيرات أعمال عنف. وتأججت الاحتجاجات بعد نشر تحقيق مصور أجراه المعارض يتهم الرئيس فلاديمير بوتين بأنه يملك "قصر ا" فخما على شاطئ البحر الأسود، وهو تحقيق شوهد أكثر من 100 مليون مرة على موقع يوتيوب. ونفى الكرملين امتلاك الرئيس الروسي المجم ع الفخم. وقال بوتين إن الاتهامات تهدف إلى "غسل دماغ" الروس، فيما نشر التلفزيون الحكومي الجمعة صورا للقصر الذي لا يزال في طور البناء فيما أكد الملياردير أركادي روتنبرغ الشريك السابق لبوتين في الجودو واسمه مدرج على لائحة عقوبات غربي ة، السبت إن ه مالك العقار وإن ه يبني فندق ا هناك. عاد نافالني الناشط في مكافحة الفساد إلى روسيا في 17 يناير بعد شهور من النقاهة في ألمانيا للاشتباه في تسميمه متهما فلاديمير بوتين وأجهزة الأمن الروسية بالمسؤولية عن ذلك. لكن موسكو نفت ذلك تماما.