إذا كان استئناف العلاقات بين المغرب وإسرائيل ذا أبعاد إنسانية من أجل تعزيز ربط اليهود المغاربة بوطنهم الأم، فضلا عن تكريس المغرب كشريك ذي مصداقية من أجل إحلال السلام بالشرق الأوسط، فإن الاتفاقيات الموقعة بين المغرب وإسرائيل خلال زيارة الوفد الأمريكي الإسرائيلي مؤخرا للمغرب حملت في طياتها بداية تعاون مثمر قادم في المستقبل القريب، لاسيما مع الإعلان عن افتتاح مكتبي اتصال خلال الأسبوعين المقبلين. وأثمرت الزيارة الأولى للوفد الإسرائيلي،توقيع أربع اتفاقيات همت مجالات متعددة. ففضلا عن اتفاقية تتعلق بالإعفاء من إجراءات التأشيرة بالنسبة لحاملي الجوازات الديبلوماسية وجوازات الخدمة، همت هذه الاتفاقيات الطيران المدني وتدبير وتهيئة المياه إلى جانب إنعاش العلاقات الاقتصادية بين البلدين من خلال التجارة والاستثمار، وكذلك تجنب الازدواج الضريبي واتفاقية إنعاش وحماية الاستثمارات واتفاقية المساعدة الجمركية. هذه الاتفاقيات ليست إلا البداية، يقول الاقتصادي عبد الغني يمني، موضحا في تصريح ل"أحداث أنفو " أن فرص التعاون الاقتصادي بين المغرب وإسرائيل يعد بالشيء الكثير، لاسيما أن اقتصادي البلدين متكاملين. و"إذا قارنا الاقتصاد المغربي بنظرائه على المستوى المغاربي والشرق أوسطي، فإن الاقتصاد الإسرائيلي أكثر تكاملا مع اقتصادنا أكثر من تركيا"، يوضح أستاذ الاقتصاد بجامعة بوردو،معددا عدة قطاعات اقتصادية تمثل فرصا حقيقية بين البلدين. أولا هناك السياحة، حيث يزور المغرب نحو 70 ألف إسرائيلي سنويا حاليا، فيما يمكن الاشتغال لرفع هذا العدد إلى 700 ألف سائح مستقبلا. هناك أيضا الفلاحة. فرغم أن إسرائيل من أول دول العالم من الناحية التقنية وعلى مستوى الابتكار في المجال الفلاحي، فإنها تعاني من ضيف المساحة،لذلك يمكن تصدير المنتجات الفلاحية إلى هذا البلد، مقابل الاستفادة من خبرتها في مجال الابتكار وكذلك على مستوى تخصيب الأراضي، يضيف المتحدث ذاته. إلى جانب ذلك، يمكن أن تمثل إسرائيل فرصا حقيقيا للصناعة التحويلية المغربية، من قبيل النسيج والألبسة،يستطرد أستاذ الاقتصاد منوها باتفاقيات الشراكة الموقعة بين البلدين، اتفاقية حول على التعاون التقني في مجال تدبير وتهيئة الماء، مشيرا إلى أن إسرائيل تعد من أكثر دول العالم في مجال تحلية مياه البحر إلى جانب ترشيد استعمال مياه السقي. في هذا الإطار أبرز الاقتصادي المغربي أن صحراء النقب كانت جرداء، لكن بفضل الاستثمار في تحلية مياه البحر وتقنيات عقلنة استعمال مياه البحر، أصبحت واحة خضراء. وفضلا عن ذلك، يضيف المصدر ذاته، أن إسرائيل تعد الخامسة عالميا في الابتكار والبحث العلمي، وتتوفر على 300 مركز بحث علمي كما أنها تعد من أوائل الدول في التكنولوجيات الرقمية، لذلك فإن من شأن توقيع اتفاقيات شراكة في هذا المجال أن يعزز الابتكار ونقل التكنولوجيات نحو المغرب. وفي الوقت الذي أشار إلى أنها تصدر 110 ملايير دولار سنويا إلى الخارج، أبرز يمني أن إسرائيل،تستثمر بالخارج، موضحا أن مشكلة هذا البلد تكمن في ضيق المساحة، لذلك فإن المغرب يمكن أن يمثل فضاء جيدا من أجل الاستثمار في عدة قطاعات لاسيما على مستوى الصناعات التحويلية،من خلال شراكات بين فاعلين اقتصاديين خواص بالبلدين.