بعد أن وجد نفسه معزولا وعلى طرف النقيض من إجماع وزارة الداخلية وباقي الأحزاب حول القاسم الانتخابي، وضع حزب العدالة والتنمية، القائد للائتلاف الحكومي، نفسه موضع المدافع الوحيد عن الديمقراطية، والحريص على سمعة المغرب، والمنافح عن سلامة المشهد السياسي وتقوية العملية الانتخابية بل والمسؤول عن استقرار البلد. وبالمقابل، اتهم الحزب باقي الأحزاب ووزارة الداخلية بتشويه صورة المغرب الخارجية ونسف كافة التراكمات والمكتسبات، التي حققها المغرب خلال العقدين الأخيرين على المستوى الديمقراطي. وأعلن حزب المصباح " العصيان" وهو يرفض على لسان أمينه العام، سعد الدين العثماني، ماوصفه بالتحجيم قائلا :" لن نسلم رقبة الحزب لمن كان ليفعل بها ما يشاء". ورفع رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، من حدة لهجته وهو ينتقد النقاش الدائر حول القاسم الانتخابي، حيث اعتبر تشبث حزبه، العدالة والتنمية، بالقاسم الانتخابي على قاعدة عدد الأصوات الصحيحة المعبر عنها، موقفا " مبينا على منطق وأساس" يخدم الديمقراطية وصورة المغرب والمشهد السياسي المغربي ويزيد من ثقة الناخب في العملية الانتخابية والتنظيمات الحزبية. فيما اعتبر العثماني الدفع باعتماد القاسم الانتخابي على قاعدة عدد الناخبين المسجلين " تقويضا للمسلسل الديمقراطي بالمغرب وضربا في نضال المغاربة ونسفا للتركمات المحققة على مدى عقدين بقيادة الملك محمد السادس". واعتبر العثماني، الذي كان يتحدث في اقتتاح لقاء دراسي حول موضوع القوانين الانتخابية من تنظيم الكتابة الجهوية لحزب المصباح بجهة فاس – مكناس السيت 17أكتوبر 2020، (اعتبر العثماني) أن النقاش حول القاسم الانتخابي قد حاد عن كنهه وتحول إلى محاولات تستهدف"تحجيم حزب العدالة والتنمية" و" تقليص نتائجه الانتخابية". وهي المحاولات، التي عبر العثماني عن رفض حزبه لها بشكل علني وواضح وهو يتهم باقي الأحزاب ، وبدرجة أولى وزارة الداخلية، المشرفة على المشاورات مع الأحزاب حول التعديلات المزمع إدخالها على مجموعة من القوانين الانتخابية في أفق استحقاقات 2021، ب" تشويه سمعة المغرب سياسا وديمقراطيا على المستوى الدولي" يقول العثماني. إذ انتقد العثماني بحدة وسخرية قائلا :" ما يتم القيام به يشبه القص واللصق واليريكولاج الذي يشوه المغرب لأنه يأخذ بعين الاعتبار تحجيم طرف سياسي بألا يحصل إلا على أقل عدد ممكن من المقاعد ". وزاد العثماني موضحا :" للأسف الشديد بعض الأطراف السياسية والإعلامية واللوبيات لا تهمها مصلحة البلاد وصورته في الخارج التي تحسنت بفضل مواقف الملك محمد السادس ". وزاد العثماني مستنكرا :" جزء كبير للأسف من النقاش الدائر بشأن الاستعدادات للانتخابات المقبلة، أضحى يتمحور فقط حول عد المقاعد، التي سيحصل عليها حزب العدالة والتنمية والمرتبة التي سيحتلها، ويتوقع ما سيربحه وسيخسره ". والحال أن "الهاجس الذي يجب أن يحكم الجميع هو تقوية وسائل الوساطة وهي البوصلة، التي تحكمنا وتحكم موقفنا ومن المفترض أن تحكم الجميع" يقول العثماني. واستطرد العثماني موضحا :" يتوجب أن نضع صوب أعيننا جميعا أولا وقبل أي شيء تقوية هيئات الوساطة واستعادة ثقة المواطن في الأحزاب وهذا ما ستربحه بلادنا .. هيئات وساطة ذات مصداقية ويمكن الوثوق بها وقادرة على أن تساهم في تحقيق المزيد من التطورالديمقراطي والمزيد من الاستقرار والألق". وشدد العثماني قائلا :"بالمقابل مقترحاتنا يمليها الحس الوطني ويوجهها هاجس تحصين الانتخابات وجعلها أكثر مصداقية وشفافية بما يحقق المزيد من الثقة في العمل السياسي، والتنظيمات السياسية، وفي الديمقراطية ". وأكد العثماني على أن منطلق حزبه المبدئي في المشاورات الانتخابية لم يكن بمنطق حزبي، ولكن للدفاع عن الديمقراطية ونزاهة الانتخابات والحرص على تحقيق الإرادة الشعبية. وشدد في هذا السياق، على أن "هاجس الحزب ليس ما سيربح بل ما سيربح الوطن سياسيا وفي المؤسسات المنتخبة". وإذ نفى العثماني عن حزبه الغرور قائلا " نحن في الحزب منفتحون على النقاش السياسي المنطقي والمبني على أساس . ولا ننطلق من مقولة "أنا وحدي نضوي البلاد"" لكن، ومع ذلك، وبكثير من التنطع والعصيان والتمرد أضاف العثماني :" لكن أن تستهدفني وتريد تحجيمي فلن أسلمك رقبتي لتفعل ما تشاء". واعتبر العثماني أن موقف حزب العدالة والتنمية واضح بخصوص حساب القاسم الانتخابي على قاعدة عدد المسجلين، مردفا "قلنا وكررنا مرارا وأصدرت الأمانة العامة بلاغها الأول والثاني بأننا نرفضه". وأوضح الأمين العام لحزب المصباح إن "الأمور التي تحتاج التوافق على أساس منطق سياسي سيتوافق الحزب حولها، في حين أن التي لا تقبل الجدل والتي للحزب مواقف واضحة وثابتة فيها مثلما هو الحال بالنسبة للقاسم الانتخابي سنرفضها"، مضيفا أن من بين المقترحات، التي رفضها حزبه هناك "الزيادة في عدد أعضاء مجلس النواب وعبرنا عن ذلك صراحة". واعتبر العثماني مقترح اعتماد القاسم الانتخابي على قاعدة عدد الناخبين المسجلين انتكاسة سياسية وتمردا على الديمقراطية الانتخابية لافتا إلى أن القوانين الانتخابية الحالية تم إعدادها عندما كان حزب العدالة والتنمية في المعارضة سنة 2002، مستغربا كيف حدث إجماع بين الأحزاب، الذين كانوا حينها في الأغلبية الحكومية، حاليا " لاقتراح هذا القاسم العجيب" يقول العثماني مشددا على أن النظرة، التي تحكم الإعداد للانتخابات المقبلة تتسم بالنكوص، وهدفها تصفية التركة النظيفة للوزير الأول الأسبق الراحل عبد الرحمان اليوسفي. وعلاقة بالجدل، الذي أثاره تدخل القيادي بالحزب، إدريس الأزمي الإدريسي، حول تعويضات البرلمانيين، فقد أعرب العثماني عن تضامنه مع النائب البرلماني ضد ما وصفها بالحملة المسعورة والشرسةى التي تعرضها لها، مضيفا "أنه يمكن أن ينتقد ولكن التهجم والتنقيص شيء، ونحن سندافع عن قيادات الحزب لأن الأزمي رجل، وتولى مسؤوليات كبيرة". وشدد العثماني على أن ما يتعرض له حزب المصباح من هجمات وتحريف للكلام والأخبار المزيفة لن يثني الحزب في الاستمرار كما كان وكما هو على حد تعبيره . واستطرد العثماني مبرزا أن "الحزب منذ ربع قرن يتعرض للهجمات، ولكن ظل مستمرا بأفقه الديمقراطي داخليا وفي علاقته بالفرقاء وهكذا سنستمر كما نحن وكما يعرفنا المغاربة " يشدد العثماني.