يواصل قاضي التحقيق جمال سرحان الاستماع إلى المتهمين في قضية الاختلالات التي عرفها مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل، فبعد جلسة الأربعاء الماضي التي استمع فيها قاضي التحقيق لإفادات مدير الوسائل العامة ورئيس قسم الأشغال ومجموعة من التقنيين، تم الاستماع أمس إلى الكاتب العام السابق للمكتب ومجموعة من التقنيين في إطار الملف المرتبط بظروف بناء واقتناء فيلا بالرباط تابعة للمكتب لفائدة الكاتب العام السابق الحسان بن موسى. وحسب مصادر مطلعة فقد اعتبر التقنيون أن ما تم القيام به، جاء بناء على طلبات وتوجيهات الكاتب العام للمكتب، وأن المعطيات الواردة في التقرير كانت تحت إشرافه شخصيا، بيد أن الكاتب العام استند على الإجابات التي تم تهييؤها للرد على تقرير مفتشية وزارة المالية. وكانت بداية هذا الملف تمت بعد توصل مكتب التكوين المهني بطلب من شركة سومانا المكلفة بالتجهيز للحصول على مبلغ يصل إلى 176 مليون سنتيم نظير بنائها لسكن وظيفي بالرباط ، حيث تكلفت لجنة تفتيش من وزارة المالية للتدقيق في الملف، وبالضبط في صفقة تحمل رقم 1/ 93 والتي تخص بناء مقر جديد لمكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل بالدار البيضاء، والتي تضمنت تكاليف السكن الوظيفي بالرباط. واستنتج التقرير الذي أنجزته لجنة التفتيش المذكورة وجود العديد من الاختلالات والخروقات ، وقد سجلت اللجنة البداية المتعثرة لاستجابة المسؤولين في مكتب التكوين المهني بالرباطوالبيضاء لطلبات اللجنة بالحصول على الوثائق اللازمة للتفتيش، وبالرغم من ذلك وقفت اللجنة على اختلالات منها: غياب معطيات تعطي صور أمينة للظروف التي جرت فيها أشغال المشروع، تضمين مجموعة من المصاريف لعمليات لا يتضح ارتباطها بالمشروع الأصلي الذي هو بناء مقر جديد للمكتب، وتجاوز شبه شامل لمجمل التكاليف الخاصة بالمشروع بنسب تصل إلى 32 في المائة. وخلص التقرير إلى أن الآمر بالصرف ممثلا في التكوين المهني والمكلف بالمشروع ممثلا في وزارة التجهيز كان عليهما توفير الوثائق التي تبرر صرف الاعتمادات ومدى مطابقتها لما تم إنجازه، قبل التسليم النهائي، بل إن الجهة المسؤولة عن المشروع قامت بإنجاز عمارة وست فيلات دون إخبار مديرية الأملاك، ومنها الفيلا التي خصصت كسكن للكاتب العام آنذاك. ووقف التقرير على الشروط التي تم فيها تفويت هذه الفيلا، ومن الطرق الملتوية التي رصدها التقرير، هو أن الفيلا المذكورة تم تقديمها من طرف المسؤول الأول عن المكتب تارة على أنها سكن وظيفي لتبرير التكاليف التي تتحملها الخزينة، وفي حالة أخرى تقدم على أساس أنها سكن تابع للأملاك المخزنية، وإزاء الوضعيتين كان الكاتب العام السابق يقدم نفسه في صورتين، الأولى تنسجم مع الحالة الأولى للسكن حيث يستفيد من تعويضات السكن الوظيفي، والثانية يتم استغلالها للإفلات من مقتضيات ظهير 18 غشت 1987 الخاص بتفويت السكن الوظيفي، وهو ما تم بالفعل بعد مرور تسعة أشهر على حيازة الفيلا. وبالرجوع إلى وثيقتين، الأولى صادرة عن قسم الشؤون الإدارية بوزارة التكوين المهني آنذاك يشهد رئيس قسم الموظفين أن الكاتب العام للوزارة لا يستفيد من أي سكن وظيفي بولاية الرباط، وقد سلمت له الشهادة للاستفادة من التعويض عن السكن، والوثيقة الثانية صادرة عن الأملاك المخزنية تشهد بأن موقع سكن للكاتب العام هي بالفيلا رقم 5 بملتقى شارعي النخيل والصنوبر بحي الرياضبالرباط، وبالتالي يتقدم لشراء السكن في إطار المقتضيات المتعلقة ببيع العقارات المملوكة للدولة لمن يشغلها من الموظفين، حيث استنتجت اللجنة وجود تحايل للحصول علي هذا السكن. علما أن التقرير اعتبر أن مبلغ التفويت الذي حصل بموجبه الكاتب العام على الفيلا يقل كثيرا عن تكلفة الإنجاز، وأن المبلغ الذي ضاع عن خزينة الدولة لا يقل عن 60 مليون سنتيم.