المشاورات غير الرسمية لمجلس السلم والأمن الإفريقي: البلدان التي تمر بانتقال سياسي تشيد بريادة المغرب وحنكته الدبلوماسية    الحكومة تصغي لمعالم إصلاح التعليم .. وتوسع اختصاصات قطاع الاتصال    استفزازات دبلوماسية خطيرة .. الجزائر تجر المغرب إلى المواجهة العسكرية    الديوان الملكي يعلن عن ثلاث تعيينات جديدة    تراجع طفيف في تحويلات الجالية    نتانياهو: سنضرب لبنان في كل مكان    استطلاع رأي يكشف مخاوف الفرنسيين: الجزائر تشكل تهديدًا جديًا لأمن فرنسا    رفع الإيقاف عن مهدي بنعطية    إحباط عملية للهجرة غير المشروعة    تألق ليلة القدر في رمضانيات طنجة الكبرى: روحانية، تراث وتكريم لذوي الهمم    مسلسل "على غفلة" يجذب الجمهور    عمرو خالد: هذه تفاصيل يوم وفاة النبي صلى الله عليه وسلم.. مشاهد مؤثرة ووصايا خالدة    المدرسة الرائدة بالوداية .. نموذج مبتكر يعيد الثقة في التعليم العمومي    عامل إقليم الدريوش يترأس حفل إحياء ليلة القدر المباركة بمسجد المسيرة الخضراء    144 قتيلا جراء الزلزال في ميانمار    من أجل استئناف الحوار الاجتماعي.. أخنوش يجري اتصالات مع الأمناء العامين للمركزيات النقابية الأكثر تمثيلية وقيادة الباطرونا    شهر رمضان.. وكالة بيت مال القدس الشريف تقدم حصيلة حملة المساعدة الإنسانية في القدس    آلاف المغاربة يطالبون بإنقاذ غزة وإدخال مساعدات للفلسطينيين    عامل إقليم الحسيمة يحيي ليلة القدر المباركة بمسجد محمد السادس    تاونات.. موسم فلاحي واعد بفضل التساقطات المطرية الأخيرة    بخصوص ما قاله الكاتب الأول عن فلسطين الآن!    تفاصيل حريق بمطار محمد الخامس    مستقبل الدولي المغربي سفيان أمرابط بات على المحك … !    توزيع ملابس العيد على 43 نزيلا حدثا بالسجن المحلي بطنجة2    تفاصيل تزويد المغرب ب 18 قطارًا    إلغاء حكم السجن ضد داني ألفيش    دنيا بوطازوت تنسحب من تقديم "لالة العروسة" بعد أربع سنوات من النجاح    بورقية وبوعياش وبلكوش .. الديوان الملكي يعلن عن تعيينات جديدة    السعيدية.. تسليط الضوء على الندوة الدولية حول تطوير الريكبي الإفريقي    إسبانيا تعلن عن ملف مشترك مع المغرب والبرتغال لتنظيم بطولة عالمية جديدة    العجز التجاري للمغرب يقفز إلى 50.7 مليار درهم عند متم فبراير    ارتفاع حصيلة زلزال بورما إلى 144 قتيلا    نهضة بركان يبلغ ثمن نهائي كأس العرش بفوزه على اتحاد طنجة    مارين لوبان تنتقد إدانة بوعلام صنصال: وصمة عار لا تُمحى على النظام الجزائري    العرض ماقبل الأول لفيلم «مايفراند» للمخرج رؤوف الصباحي بسينما ميغاراما    رامز جلال في رمضان والكاميرا الخفية المغربية .. مقلب في الضيوف أم في المشاهد؟    وزارة الداخلية.. إغلاق 531 محلا ومصادرة 239 طنا من المنتجات غير القانونية    مباريات كرة القدم للتأهل إلى المونديال إصابة أكرد تدمي قلب مشجع ستيني    مطالب بعقد اجتماع عاجل بمجلس النواب لمناقشة تفاقم البطالة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    ضبط 240 ألف طن من المواد الفاسدة وإغلاق 531 محلا تجاريا بسبب مخالفات صحية خلال شهر رمضان    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    تيك توك تطلق منصة تسوق تفاعلية في أوروبا    "مناجم" التابعة للهولدينغ الملكي تحقق رقم معاملات ناهز 4 مليارات درهم وتعلن عن اكتساف 600 طن من احتياطي الفضة    هل ينتقل نايف أكرد لماشستير يونايتد … بسبب إعجاب المدرب … ؟    عودة أسطورة الطرب المغربي عبد الوهاب الدكالي في عرض يعد بالكثير    الأردن وزواج بغير مأذون    أيها المغاربة .. حذار من الوقوع في الفخ الجزائري    باحثون يكتشفون رابطا بين السكري واضطرابات المزاج ومرض ألزهايمر    كرة القدم لعبة لكنها ليست بلا عواقب..    سكان المغرب وموريتانيا أول من سيشاهد الكسوف الجزئي للشمس السبت    "الرزيزة" .. خيوط عجين ذهبية تزين موائد ساكنة القصر الكبير    أوراق من برلين: فيلم "طفل الأم".. رحلة تتأرجح بين الأمومة والشكوك    فن يُحاكي أزمة المياه.. معرض فني بمراكش يكشف مخاطر ندرة الماء والتغيرات المناخية    رسالة إلى تونس الخضراء... ما أضعف ذاكرتك عزيزتي    الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تودع شكاية لفائدة طفلة أُصيبت بالسيدا عقب عملية جراحية    عمرو خالد يحث المسلمين على عدم فقدان الأمل في وعد الفتح الرباني    السعودية تحين الشروط الصحية لموسم الحج 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكيم وردي يكتب عن: نزيف الكرامة
نشر في الأحداث المغربية يوم 30 - 08 - 2020

تتغدى الفوضى من اعتقاد واهم بضعف آليات إنفاذ القانون، أو تعفف القائمين عليها من النزول إلى المستنقع للخوض مع الخائضين، فالتربية الصارمة التي يتلقاها القضاة بمجرد ولوجهم لمعهد القضاء تذكرهم دائما أنهم لم يعودوا ملكا لأنفسهم، وأن أمانة النيابة عن الإمام في تصريف العدل بين الناس تقتضي أن يتحلوا بالنزاهة والتجرد والترفع عن كل ما يمكن أن يحط من هيبة السلطة التي ينتمون إليها.
وفي المحصلة تصبح حركات القاضي وسكناته مضبوطة على إيقاع القانون، آلته في وزن الأفعال والأقوال.
وفي مقابل واجب التحفظ الذي قد يبدو خانقا ومطوقا للحرية ألزم المشرع سواء الجنائي أو التنظيمي الدولة بضمان الحماية للقاضي ضد التهديدات والإهانات التي قد يتعرض لها بالأقوال والإشارات والدسائس، ليس حماية لشخصه الضعيف كمواطن فحسب، ولكن صونا لحرمة السلطة التي يتشرف بالانتساب إليها حتى لا تغدو هدفا سائغا لكل بلطجي بئيس هماز مشاء بنميم. وحتى لا يقع القاضي فريسة للمخاوف والتوجسات من اللوبيات والمركبات المصالحية التي تسوقه مخاطر المهنة إلى الاشتباك معهما مسطريا صونا للحق وإعلاء لكلمة القانون.
فالمفارقة المؤلمة والخطيرة أن يترسخ في ذهن رجل الشارع البسيط أن من ينتظر منه حمايته عند الذوذ بحماه عاجز على الدفاع عن نفسه.
مناسبة هذه الكلام سحب القلق والتردد والاستنكار المكتوم التي باتت تجثم على صدور الغيورين والشرفاء من القضاة وهم يطالعون في أكثر من موقع وقناة أخبار وتقارير وفيديوهات مفبركة، بليدة، ومخدومة لتصفية حسابات بالوكالة ضد كل من عجز المال القذر عن احتوائه، أو شراء قراره.
ومع تعدد أخبار الإفك عن هذا القاضي أو ذاك بشكل ممنهج دون بروز بوادر عن إيقاف هذا النزيف المشين للكرامة يكون الصمت باسم واجب التحفظ صنو الجبن الذي لا يليق بقاض حر.
ومع التسليم بما لكل مؤسسة من اختصاصات وما يطوق القائمين عليها أحيانا من إكراهات، وما يتشبع به كبار القضاة من أخلاق عالية وما يتحلى به رجل الدولة من كاريزما لا يتصور معها أن ينزل إلى مستوى الرد على الحملات المخدومة، فإن للجمعيات المهنية دور محوري ورئيسي في التواصل المؤسساتي مع الهيئات المنوط بها قانونا تفعيل ميثاق أخلاقيات المهنة وعلى رأسها المجلس الوطني للصحافة والنقابة الوطنية للصحافين ورؤساء التحرير والمنابر الإعلامية المؤطرة قانونا عموم الصحفيين المهنيين، للتذكير بأبجديات التغطيات الإعلامية للملفات المعروضة على القضاء وما تحتمه من احترام لقرينة البراءة وسرية التحقيق وامتناع التشهير بالأشخاص والقضاة، وعموما بوجوب التحري والتقصي قبل النشر صونا لمصداقية العمل الصحفي النبيل، واحتراما لحق المواطن في الخبر الصحيح، وبأن ينأى الصحفي عن أن يكون - بوعي أو بدونه - وسيلة لتصفية حسابات ضيفة ضد القضاء لفائدة هذه الجهة أو تلك. فالتمييز بين القاضي الإنسان المواطن، رب الأسرة وبين القضايا التي قال كلمة القانون في شأن وقائعها من صميم الضمير المهني الواعي.
لقد بات من قبيل إواليات السياسة الجنائية المعلنة أن تنأى النيابة العامة عن تحريك الدعوى العمومية في قضايا النشر، على أساس أن حرية التعبير ضرورة حيوية لكل ديمقراطية حقيقية، وأن القانون الجنائي لا يمكن أن يتخذ أداة لزجر الكلمة المسؤولة والخبر الشريف، وأن الحق في المعلومة كمبدإ دستوري جرت مأسسته بتكوين ناطقين باسم النيابات العمومية، وأن باب المسؤولين لم يغلق يوما في وجه أي صحفي مهني محترم، وأن الكثير من شرفاء الصحافة يحترمون القضاة ويتفهمون طبيعة مهامهم ويعرفون معنى السرية، وخطورة التعريض أو التشهير بهذا القاضي أو ذاك، لذلك لم يسجل منذ استقلالية النيابة العامة متابعة صحفي من أجل ممارسته لمهنته كصحافي.
وعلى الإجمال فالوضع بالنسبة للمواقع المعتمدة والمعروفة لا يحتاج من الجمعيات المهنية سوى التحرك العاجل والفعال للتواصل والتوضيح والتذكير، فمثلا ما ينشره البعض من إغلاق للحدود وسحب لجواز السفر في حق قاض ذكر بالاسم عار من الصحة وترويجه بشكل وثوقي وبذكر لإسمه إشاعة مؤلمة تسببت للزميل في إحراج كبير داخل أسرته على النحو الذي دفعه إلى إشهار جوازه لأبنائه ليهدئ من روعهم.
ولم يجد المسكين أمام هول ما تكالب عليه من أنباء زائفة غير الالتماس من رئيس المكتب الجهوي لنادي قضاة المغرب بالدارالبيضاء أن يجد طريقة لتكذيب الخبر.
حقيقة أن المجلس الوطني للصحافة وحكماء المهنة والجسم الصحافي رغم صدور الميثاق لم يهتد بعد إلى الصيغة الفضلى لفرض الأخلاقيات التي التزم بها الرواد فاستحقوا بها المجد وانتزعوا بها لقب السلطة الرابعة، وأن جفاف الحبر على الورق ينعي موت الكلمة الشريفة، ليستأسد الخبر الالكتروني لاهثا بعناوين مثيرة وأحيانا فضائحية عساه يظفر بنسبة من التتبع في فضاء هلامي عصي على الضبط، وفي منافسة صعبة لكثرة المواقع والصفحات والقنوات وشح سوق الإشهار، وتطاحن الصغار في معارك الكبار. ناهيك عن بعض خفافيش الظلام الذين أنشؤوا قنوات مجهولة يعتقدون أن الاغترار بعدد متتبعيها والسعي إلى تشويه سمعة القضاة سيعصمهم من المساءلة.
وعلى الإجمال وأمام قتامة هذا المشهد المعقد نهمس في أذن من أصغى السمع بقلب رشيد أن ضريبة الإيمان بالحرية صنو المسؤولية تتنافى مبدئيا مع أي عقيدة زجرية، مادام أن أي خبر زائف يتناول القضاة تنتفى سوء النية في نشره وجرى الإسراع بتكذيبه بمجرد التنبيه إليه، أما عدا ذلك لا يمكن أن يفهم إلا في سياق استئساد غير مقبول وتطاول لا عذر فيه ضد قضاة يزينهم الحلم، ويسمو بهم العلم، ...
العلم بالقانون سلاحهم الشريف للتصدي لكل زيف، ولإيقاف كل طاغ، باغ عنيف ... فقديما أنشد الشاعر الجاهلي عمرو ابن كلثوم بعد أن جز رأس عمر بن هند ملك الحيرة بسيفه انتصارا لكرامة أمه ليلى بنت المهلهل التي استشعرت الإهانة في حضرة والدة المنذر فصاحت : ( واذلاه ...يا لثغلب ) معلقته الخامسة نسوق منها للسياق قوله:
ألا لا يجهلن أحد علينا .. فنجهل فوق جهل الجاهلينا
اللهم إني أعوذ بك أن أقول زورا أو أغشى فجورا أو أكون بك مغرورا.
وللحديث بقية.
(*) عضو نادي قضاة المغرب
ملحوظة: المنشور أعلاه صادر عني بصفتي كمواطن وكجمعوي، ولا علاقة له البتة بصفتي القضائية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.