بعضهم يفعلها خدمة للوطن أو المبدأ أو الفكرة، البعض يؤديها كمهنة، كثيرون مارسوها من أجل المال، مغامرة كبيرة، واحتمالات عالية للفشل والثمن حتما هو الموت، نصحبك في جولة في تاريخ الجاسوسية من خلال سير أشهر الجواسيس وأنجحهم في التاريخ. كيم فيليبي هو هارولد أدريان روسل، الشهير ب«كيم فيليبي» أحد أشهر الجواسيس في القرن العشرين، كان مسؤولا عن وحدة مكافحة نشاط السوفييت في جهاز المخابرات البريطانية، ولكن المخابرات السوفييتية «كيه جي بي» نجحت في تجنيده للعمل لصالحها. لم يكن فيليبي من نوعية الجواسيس الذين تم شراؤهم بالمال، ولكنه ماركسي مخلص لشيوعيته وضحى في سبيل ذلك ببلده وجنسيته. اعتنق فيليبي الشيوعية منذ كان طالبا في جامعة كامبريدج بين عامي «1928-1933»، في عام 1932 ذهب إلى ألمانيا ليشهد الانقلاب المفاجئ الناتج عن انتخاب فرانز فون بابن كمستشار لألمانيا وانتخاب النازيين للرايخ. وكما يذكر فيليبي في مذكراته فقد حرص على دراسة الوضع السياسي هناك حيث شارك في حروب شوارع دارت في ألمانيا وانضم إلى الشيوعيين في صراعهم ضد أصحاب القمصان البنية من النازيين، حيث انضم للعمل لصالح المخابرات السوفييتية، وقام بأعمال تجسس لصالحها في كل من فرنسا وإسبانيا أثناء الحرب، قبل انضمامه اليسير للعمل في صفوف الاستخبارات البريطانية عام 1940. يعتبر فيليبى الرجل الأبرز ضمن ما يعرف ب«سلسلة جواسيس كامبردج الخمس»، وعندما هرب زميلاه في الجاسوسية دونالد ماكلين وغاي بورغيس إلى الاتحاد السوفييتي عام 1951، ساء وضع فيليبي، لكنه سرعان ما استعاد مكانته بعد الكثير من التحقيقات التي فشلت في إدانته بسبب ثقة رؤسائه، قبل أن يقرر فيليبي ترك عمله في بيروت والهجرة إلى موسكو عام 1963، حيث بدأت تتكشف الأدوار التي كان يقوم بها لصالح السوفييت بعد أكثر من 23 عاما، حيث مكث فيليبي يعمل لصالح الاستخبارات السوفييتية حتى وفاته عام 1988. الحدث الأبرز فيما يتعلق بفيليبي كان كتابه «حربي الصامتة» الذي أصدره من موسكو عام 1967، وكشف فيه عن تفاصيل عمليات التجسس التي قام بها على مدار أكثر من 20 عاما، والذي طبعت منه عشرات الطبعات ويعد أحد أهم مراجع الجاسوسية وبسببه اعتبر فيليبي أحد أهم جواسيس القرن العشرين. كلاوس فوخس عالم الطبيعة النووي الألماني-الإنجليزي كلاوس فوخس كان ضمن العلماء الذين يعملون في مشروع مانهاتن لصنع القنبلة الذرية، الذي كانت تشترك فيه بريطانيا وأمريكا، وقد أفشى أسرار المشروع كاملا لصالح الاستخبارات السوفييتية، إضافة إلى معلومات أخرى تتعلق بالقدرات التسليحية الأمريكية، لم يكن فوخس جاسوسا متمرسا لكن فترة 6 سنوات قضاها وهو ينقل المعلومات حول أحد أخطر القطاعات خطورة كان وحده كفيلا لوضعه في مصاف أكبر رموز الجاسوسية. ريتشارد سورج من يقرأ تاريخ ريتشارد سورج في كتاب «الرجل ذو الوجوه الثلاثة» للألماني هانز أوتومسنر والصادر عام 1966 يدرك بوضوح أن خبراء الجاسوسية لم يكونوا مبالغين إطلاقا حين أطلوا على سورج أنه أخطر وأنجح جاسوس في التاريخ. ريتشارد سورج هو شيوعي ألماني حاصل على الدكتوراه في العلوم السياسية، وبسبب إعلانه الانضمام للحزب الشيوعي الألماني في بداية حياته تعرض للاضطهاد واضطر – وهو صاحب الدكتوراه في العلوم السياسية – للعمل في منجم للفحم قبل أن تتصل به المخابرات السوفييتية لينتقل إلى روسيا ليعمل بالصحافة ويتلقى تدريبات على الجاسوسية. أجاد سورج 5 لغات إجادة تامة في غضون أقل من 5 سنوات وقام بعمليات تجسس لصالح السوفييت في كل من الصينوألمانيا النازية والأخطر في اليابان وتعتبر المعلومات التي نقلها هي الأكبر تأثيرا في تاريخ الجاسوسية حيث كان له السبق في إخبار السوفييت بنية ألمانيا مهاجمة الاتحاد السوفييتي، وهو ما لم يكن متوقعا بسبب انغماسها في الحرب على بريطانيا، كما يعزى له الفضل في النصر الذي حققه السوفييت على الألمان وما تبعه من انهيار ألمانيا النازية وانتحار أدولف هتلر حين أوصى بنقل أكثر من 2 مليون جندي سوفييتى من سيبيريا «الحدود مع اليابان» إلى الجبهة الألمانية بعد تأكيده عدم نية اليابان مهاجمة روسيا واكتفائها بجبهات حربها مع الصين. تم الكشف عن حقيقة نشاط سورج في اليابان بسبب خطأ ساذج حيث قام بتمزيق ورقة تحتوي على إحدى المعلومات الاستخباراتية بدلا من حرقها، تسبب الأمر في الكشف عن هويته وحكم عليه بالإعدام في اليابان عام 1944. سيدني ريلي هو جيمس بوند الحقيقي كما يقول الكثير من خبراء الجاسوسية، الذين يزعمون أن إيان فيلمينج قد استمد المعالم الرئيسية لشخصيته الأسطورية جيمس بوند من حياة سيدني ريلي الغامضة. لا تعرف بالتحديد جنسيته ويرجح أنه ولد في روسيا أو إيرلندا، عمل لصالح المخابرات البريطانية، تحدث ريلي 7 لغات وحمل 11 جواز سفر بجنسيات مختلفة وتزوج أكثر من 11 امرأة. تم تجنيده من قبل المخابرات البريطانية وسافر إلى إيران وكان له دور كبير في تأميم حصة لبريطانيا من نفط الشرق من خلال دوره في تأسيس شركة بريتش بيتروليم. عاد ريلي إلى لندن في عام 1917 ليمارس نوعا جديدا من التجسس خلف خطوط العدو، حيث ذهب إلى ألمانيا، وخلال ثلاثة أسابيع نجح في الحصول على معلومات هامة عن خطط الهجوم الألمانية، كما تنكر في هيئة ضابط ألماني وأمضى عدة أيام في مقر للضباط في كونيغبرغ في شرق بروسيا يسجل كل ما يسمعه من معلومات، أما أبرز عملياته في ألمانيا فكانت حضوره في اجتماع للقيادة العليا الألمانية كان يحضرة القيصر نفسه، حيث تمكن ريلي من أن يجعل نفسه سائقا لضباط من معاوني الأمير روبرشت من بافاريا وأثناء ذهابه معه إلى مجلس الحرب تظاهر ريلي أن السيارة قد تعطلت ورفع غطاء المحرك ليحاول إصلاحها وعندما انضم إليه الضابط الذي فقد صبره قتله بضربة على الرأس في هدوء الطريق المظلم ولبس زيه العسكري، وذهب للاجتماع معتذرا ببرود عن التأخير لأن سائقه سقط مريضا، فتمكن من إنذار الأدميرالية البريطانية عن هجوم بالغواصات الألمانية لتدمير خطوط الإمداد عبر الأطلسي. ومن ألمانيا إلى روسيا عام 1918 وقبل مرور أقل من عام على تولي البلشيف للسلطة، شارك في عدة عمليات أبرزها محاولة اغتيال فاشلة لفلاديمير لينين ضمن خطة بريطانية للإطاحة بنظام البلاشفة، وكان ريلي يخطط للقبض على لينين وتروتسكي وتشكيل حكومة يتولاها بنفسه ولكن خطة انقلابه تم كشفها وقبض على خليته بينما نجح هو في الهرب بعد تنكره في أكثر من هيئة. لورانس العرب لم يكن لورانس العرب من هذا النوع التقليدي من العملاء الذين يمارسون أنشطتهم السرية، ولكن كان على العكس من ذلك تماما، فقد عمل مستشارا – بإيعاز من بريطانيا – للأمير فيصل – الابن الأكبر للشريف حسين – إبان ما يعرف بالثورة العربية الكبرى في جزيرة العرب ضد حكم الأتراك العثمانيين، الذين كانوا يخوضون حربا بدورهم ضد بريطانيا إبان الحرب العالمية الأولى. لم يلتحق لورانس بالمخابرات إلا في مرحلة متأخرة، فقد كان باحثا في شؤون الآثار والتاريخ، وكان مولعا بالمنطقة العربية حيث سافر إليها أكثر من مرة من الأردن إلى طرابلس وبيروت وقطع مسافات شاسعة على الأقدام خلال رحلاته البحثية وأقام ضيفا في بيوت العرب، مما مكنه من إجادة العربية كأهلها، وبعد اندلاع الحرب العالمية الأولى قام السير «جليبرت كلايتون» باستدعاء لورانس بعد أن ذاع صيته كعالم آثار إلى مكتبه بمقر القيادة العليا للجيوش البريطانية في القاهرة وطلب منه الانتقال إلى جزيرة العرب للوقوف على حقيقة الثورة العربية على الأتراك وإمكانية استفادة بريطانيا من تأزيم الأوضاع في جزيرة العرب. وبالفعل سافر لورانس إلى جزيرة العرب والتقى بالشريف حسين وأبنائه حتى نجح في أن يصبح مستشارا للأمير فيصل الذي وفر له الإنجليز كل الدعم من أجل محاربة الأتراك، بل وشارك الإنجليز في القتال بأنفسهم في بعض المعارك، ثم انتهى الأمر بسقوط القدس ثم دمشق آخر المعاقل في جزيرة العرب في أيدي قوات العرب المدعومة من الإنجليز بقيادة اللورد اللينبي في عام 1918، بعدها اتخذ لورانس قرارا بالعودة إلى بريطانيا خوفا من استهدافه من قبل العرب المعارضين لثورة الشريف حسين وأبنائه، خاصة بعد أن انكشف دوره بأنه كان عميلا لصالح المخابرات البريطانية. ألدريش إيميس
كان إيميس يعمل محللا في قسم مكافحة التجسس في الولاياتالمتحدة، تم تجنيده من قبل الروس في عام 1985 لإمدادهم بالمعلومات مقابل مبالغ مالية طائلة. أغلب المعلومات كانت تتعلق بأسماء المخبرين والعملاء السريين الأمريكيين العاملين في الاتحاد السوفييتي، يعتقد أن المعلومات التي قدمها إيميس تسببت في قتل 10 عملاء أمريكيين وسجن عشرات آخرين. تم التحقيق في وضعه عام 1994 بعد ظهور علامات للثراء الفاحش عليه، تمت إدانته وحكم عليه بالسجن المؤبد. ويعتبر ألدريش إيميس أكبر نجاح لبرنامج التجسس بالاتحاد السوفييتي بعد غزو أفغانستان في عام 1979، حيث قرر الروس التوسع في عمليات التجسس لتحسين وضعهم الاستراتيجي أمام الولاياتالمتحدة، ومما يذكر أن إميس عمل لدى المخابرات المركزية الأمريكية منذ عام 1962، وشملت مهام عمله الرئيسية الاتصال بالمصادر الروسية. رأفت الهجان هو رفعت علي سليمان الجمال تورط في أعمال مخالفة للقانون في مصر وإنجلترا وألمانياوفرنسا وأمريكا قبل أن يتم القبض عليه في ليبيا وترحيله إلى مصر، تم إرساله إلى إسرائيل عام 1956 بتكليف من المخابرات العامة في مصر مستغلة إجادته لأكثر من لغة وعلاقته الجيدة باليهود بسبب عمله معهم في أوروبا، عرف هناك باسم جاك بيتون، وتمكن من إقامة مصالح تجارية واسعة وناجحة في تل أبيب وأصبح شخصية بارزة في المجتمع الإسرائيلي. ولسنوات قام الهجان بالتجسس لصالح المخابرات المصرية تحت إطار شركة السياحة التي يمتلكها، وينسب إلى الهجان تزويد مصر بعلومات هامة تتعلق بموعد الهجوم الإسرائيلي في عام 1967، وبعض التجارب النووية الإسرائيلية إضافة إلى معلومات هامة تتعلق بتحصينات العدو قبيل حرب أكتوبر 1973. الأمر الأكثر إثارة للجدل بشأن شخصية الهجان هي الرواية الإسرائيلية التي ظهرت عام 2002 في كتاب للصحفي الإسرائيلي إيتان هابر، الذي كان يعمل رئيسا لديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين. ويحكي الكتاب قصة أكثر من 20 جاسوسا ومن بينهم رفعت الجمال ولكن القصة في ذلك الكتاب مغايرة تماما لما ورد في نسخة المخابرات المصرية «وفي القصة ادعاء بأن الإسرائيليين عرفوا هوية الهجان منذ البداية، وجندوه كعميل وجاسوس لهم على مصر، وأن المعلومات التي نقلها إليهم ساهمت في القبض على شبكات تجسس مصرية عديدة مزروعة في إسرائيل من قبل المصريين وأنه نقل للمصريين معلومات أدت إلى تدمير طائرات لسلاح الجو المصري عام 1967»، وهي الرواية التي شككت فيها مصر واعتبرتها محاولة إسرائيلية لتزييف التاريخ. جورج كوفال بينما كان أحد أهم جواسيس روسيا، كانت الظروف المحيطة بجورج كوفال لا تجلب إلا الطمأنينة لكونه مواطنا أمريكيا مثاليا، الميلاد في مدينة أيوا، والجامعة في منهاتن، والكثير من الرفقاء في مدينته، وانضمامه إلى الجيش، وعلاقاته الكثيرة مع زملائه الذين مارس معهم رياضة البيسبول الشهيرة في الولاياتالمتحدة. توفي كوفال في شقته بموسكو عام 2006، عن عمر يناهز 92 عاما، مع قليل من الاهتمام بالحديث عن الرجل في الصحافة الأمريكية، رجل من المفترض أنه كان «الجاسوس الوحيد الذي اخترق مشروع مانهاتن» لصالح المخابرات السوفييتية أثناء الحرب العالمية الثانية. نجح كوفال في اختراق أهم وأكثر المشروعات سرية ربما في تاريخ الولاياتالمتحدة، المشروع الذي حاولت الولاياتالمتحدة من خلاله استخدام البلوتونيوم واليورانيوم المخصب لصنع القنبلة النووية. هذا الفشل المريع من قبل الاستخبارات الأمريكية تسبب في حرج كبير للأمة الأمريكية بسبب قضية جاسوس كانت تعلم بشأنه الاستخبارات الأمريكية منذ 60 عاما، وتسبب في الحرج هذا الإعلان الدرامي الذي أقامه الرئيس الروسي ليعلن إحدى محطات انتصار بلاده على جهاز المخابرات الأكثر شهرة في العالم. في نوفمبر عام 2007، قرر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مفاجأة المؤرخين في البلدين عندما أعلن تقليده لاسم جورج كوفال عقب وفاته بعشرة أيام، لقب بطل الاتحاد الروسي، وهو أعلى جائزة روسية، على خلفية إسهاماته الكبيرة لصالح الاتحاد السوفييتي. وجاء إعلان شخصية كوفال الحقيقية مصحوبا ببعض التفاصيل التي زود بها الاستخبارات السوفييتية، واصفا إسهاماته بأنها: «ساعدت في الإسراع في الوقت اللازم للاتحاد السوفييتي لتطوير قنبلة ذرية محلية». بدأت الصحافة الأمريكية منذ ذلك الوقت في الحديث عن حياة كوفال، وسؤال أصدقائه ومعارفه عن السمات الشخصية التي يمكن أن تساهم في فهم شخصيته الفريدة. في الوقت نفسه، أعلنت وكالة الاستخبارات الأمريكية أن مكتب الاستخبارات وقت الحرب كان على علم بخيانة كوفال وتجسسه لصالح الاتحاد السوفييتي منذ بداية الخمسينيات، عندما كانت الاستخبارات الأمريكية تشك في أمره، وقامت بالفعل باستجواب زملائه والعديد من الأشخاص الذين كان على علاقة مباشرة وقريبة بهم. على الرغم من وجود الأدلة التي كانت ستساعد الاستخبارات الأمريكية في الكشف عن كوفال في الوقت المناسب، مثل حقيقة سفره إلى موسكو والعودة إلى الولاياتالمتحدة، إلا أن شخصيته الاجتماعية وعلاقاته الجيدة مع رفاقه وزملائه في العمل كانت غطاء كافيا لبقائه متخفيا لوقت كاف حتى تمكن من الخروج من الولاياتالمتحدة بأمان. أوليج جورديفسكي في ثمانينيات القرن الماضي، كان أوليج جورديفسكي أحد أهم جواسيس بريطانيا، وكان جاسوس مقيما للمخابرات البريطانية داخل أروقة لجنة أمن الدولة للاتحاد السوفييتي. كان أوليج أحد الضباط الكبار داخل لجنة أمن الدولة، وهو الأمر الذي منحه صلاحيات مفتوحة للوصول إلى معلومات خطيرة عن الاستخبارات الروسية، وظلت الاستخبارات الروسية على غير دراية بما يقوم به أوليج لفترة قاربت 11 عاما. بعد سنوات قضاها بين أروقة لجنة أمن الدولة للاتحاد السوفييتي، تلقى أوليج خطابا من الاستخبارات الروسية يحمل خبر ترقيته نظرا إلى مجهوداته الكبيرة داخل اللجنة، ولكي يحصل على ترقيته، لا بد أن يحضر فورا إلى موسكو من لندن. شعر أوليج بأن شيئا ما ليس على ما يرام، يقول أوليج: «بدأ الخوف يتسلل إلى جسدي؛ لأنني علمت أن هذه الترقية هي حكم بالموت». كان أوليج يعلم بحكم عمله في اللجنة أن هناك جواسيس مزدوجين كثر ممن يحتمل أن يكون أحدهم قد كشف هويته الحقيقية، في هذه الحالة ستكون عودته إلى موسكو هي حكم نهائي بالموت. كان عليه أن يصنع خياره الخاص، هذا الخيار ربما يتكفل بمقتله، إذ كان عليه أن يختار رفض الترقية، وبالتالي تدمير مستقبله الوظيفي لأن المخابرات البريطانية لم تكن مقتنعة بأنه تم كشف أمره، وإن وافق وعاد إلى موسكو فربما يقتل. ساعده المسؤولون عنه في الاستخبارات البريطانية على اتخاذ القرار، الذي كان في النهاية هو الموافقة على الترقية والذهاب إلى موسكو لملاقاة اثنين من أهم الشخصيات داخل لجنة أمن الدولة السوفييتية، على أنه لا يوجد أي دليل قوي على أن المخابرات السوفييتية قد كشفت أمره. زودته الاستخبارات البريطانية بخطة للهروب حال اكتشافه لأي دلائل على أن أمره قد كشف، وذهب أوليج بالفعل وقرر أن يتخذ القرار الأصعب. بعد وصوله إلى موسكو، استجوبه أحد الضباط في الاستخبارات السوفييتية لأربع ساعات متواصلة بعد أن جعله يتناول مشروب «كونياك» حتى الثمالة. بطريقة ما، نجح أوليج في الخروج من هذا الاستجواب متماسكا دون أن يشي بأي من المعلومات التي يمكن أن تذهب به إلى المحاكمة. في نهاية اليوم، ذهب أوليج إلى شقته يملؤه الرعب مما حدث، وأدرك حينها أن هناك من يشكون في هويته الحقيقية، فقرر استخدام خطة الهروب التي وفرتها له الاستخبارات البريطانية. كانت خطته للهروب مطبوعة داخل سونيتة لشكسبير، كان عليه أن ينقعها في الماء لكي تظهر تفاصيلها. كانت الخطة أن يقابل أوليج اثنين من عملاء الاستخبارات البريطانية على طريق قرب فنلندا، ومن هناك يتم نقله داخل شاحنة إلى الأراضي البريطانية.