في عز مواجهة بلدان الاتحاد الأوروبي والعالم أجمع للتداعيات الكارثية لجائحة كوفيد 19، خرجت الجزائر لدعوة هذا التكتل الأوروبي بضرورة تقديم مساعدات إنسانية لفائدة الجبهة الانفصالية المقيمة على الأراضي الجزائرية، وهو ما أثار غضب نواب داخل البرلمان الأوروبي، الذين استفسروا عن حقيقة هذه الدعوات لمساعدة حركة انفصالية لها جيش ومدججة بأسلحة تتطلب صيانتها إمكانيات مالية مهمة. توفر البوليساريو على هذه الترسانة العسكرية الكبيرة والادعاء بوجود أزمة إنسانية طلبا للمساعدات الإنسانية جعل عددا من البرلمانيين الأوروبيين يميطون اللثام عن ضجر أوروبي من هذه المفارقات، خصوصا في ظل الأزمة التي تمر منها دول الاتحاد بسبب تداعيات فيروس كورونا المستجد. السؤال الموجه للممثل السامي للاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية والأمنية، جوزيف بوريل، من قبل عضو البرلمان الأوروبي، إلهان كيوتشيوك، جسد هذا التوجه، حيث أكد على مفارقة توفر البوليساريو على الإمكانيات التي تسمح لها باستعراض سنوي لإمكاناتها العسكرية بحضور وفود أجنبية، وهو ما يتطلب ميزانية ضخمة لصيانة هذه الترسانة، وفي نفس الوقت التمسك بطلب مساعدات سنوية من الاتحاد والإصرار على استمرارها ورفعها. النائب البرلماني إلهان كيوتشيوك قال إن قادة البوليساريو «يستغلون باستمرار الوضع الإنساني في مخيمات تندوف لجلب انتباه مؤسسات الاتحاد الأوروبي حول مصير الساكنة التي تعيش بها»، قبل استفسار الممثل السامي للاتحاد الأوروبي حول ما إذا كانت المفوضية الأوروبية على علم بهذا الوضع السوريالي. وأضاف عضو البرلمان الأوروبي أنه «في مواجهة الرفض الذي تقابل به وتوقف البرلماني الأوروبي عند نقطتين مهمتين، تتعلق الأولى بتلكؤ ورفض الجزائر لمسألة تنظيم إحصاء لساكنة مخيمات تندوف، والذي تتقدم به كل سنة المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، على الرغم من الدعوات المتكررة لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة». النقطة الثانية التي أثارها إلهان كيوتشيوك، تتعلق بمصير المساعدات الإنسانية التي سبق لأجهزة الاتحاد أن حققت في نهبها وتحويلها، ولذلك يقول كيوتشيوك: «يحق لنا مطالبة الاتحاد الأوروبي باتخاذ تدابير لمراقبة المساعدات الإنسانية الموجهة إلى هذه المخيمات، وضمان عدم إهدار أموال دافعي الضرائب الأوروبيين». سؤال النائب الأوروبي، عضو لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان الأوروبي، جاء في سياق حملة دولية أطلقتها الجزائر بموازاة التحذيرات والتخوفات التي أطلقها نواب أوربيون بشأن مصير الساكنة في ظل جائحة كورونا، كاشفين عن استفهام حول دور الجزائر في حماية الساكنة الصحراوية بهذه المخيمات التي تقع على أراضيها، وورود معلومات عن تخلي الجزائر عن سلطاتها بهذه الأرض لفائدة البوليساريو. ففي سؤال موجه إلى المفوضية الأوروبية حول الوضع الصحي بمخيمات تندوف، والمتعلق على الخصوص بانتشار فيروس «كوفيد 19»، كشفت النائبة البرلمانية الأوروبية، فريديريك رييس، أنه تم الإعلان عن بؤر للعدوى في هذه المخيمات، مذكرة بأن الوباء الذي يجتاح العالم بأسره لا يستثني هذه المنطقة التابعة للأراضي الجزائرية. وأوضحت النائبة، بناء على معلومات واردة من هذه المخيمات، أن الوضع الصحي هناك مؤسف في غياب المعدات الأساسية للتكفل بالأشخاص المصابين بالعدوى، في حين أن المرضى يخضعون للحجر داخل «غرف عزل في وضعية كارثية». وأشارت النائبة البرلمانية الأوروبية إلى أن مسؤولية حماية سكان المخيمات في سياق الأزمة الصحية هذا يقع على عاتق الجزائر، التي تستقبلهم على ترابها، موضحة أن المخاوف الأوروبية أصبحت أكبر حجما، حيث سجلت تفاقم الوضعية الصحية لسكان تندوف نتيجة نقص الوسائل الطبية للتكفل بالمرضى والكشف عن الفيروس، ناهيك عن غياب النظافة، والربط بالمياه الصالحة للشرب، وأنظمة الصرف الصحي. النائبة البرلمانية رييس تساءلت حول ما إذا كانت المفوضية الأوروبية على علم بالوضع الصحي المثير للقلق في مخيمات تندوف، وما هي المعلومات التي تتوفر عليها حول انتشار فيروس «كوفيد 19» هناك، وما إذا كانت السلطة التنفيذية الأوروبية قد أثارت المسألة مع السلطات الجزائرية، وما هي التدابير التي تعتزم اتخاذها لكي تقوم الجزائر بضمان أمن الساكنة في مخيمات تندوف، وحمايتهم من «كوفيد 19» في السياق الصحي العصيب الراهن.