بعد عرضه في مهرجان كان ( مسابقة نظرة ما)، والعديد من المهرجانات العالمية وتتويجه بجوائز مهمة في أشهر المهرجانات العربية والمغاربية وحتى العالمية، تشرع القاعات السينمائية الوطنية (ميغاراما وريتز وأب س وإدن كلوب بالبيضاء وميغاراما وسيني أطلس والنهضة في الرباط وميغاراما سيتي مول وميغاراما غويا في طنجة وميغاراما فاس وكوليزي وميغاراما مراكش وأبينيدا تطوان) في عرض فيلم «آدم»، الشريط السينمائي الطويل الأول لمريم التوزاني. فيلم فعلا يستحق المشاهدة، ويستحق أيضا الجوائز التي توج بها في المهرجانات التي شارك في مسابقاتها في مختلف القارات.. الموضوع مستهلك أو مكرور (الأمهات العازبات) قد يقول قائل، لكن السينما ليست موضوعا، بل هي قصة تحكى بالكاميرا بتشخيص الممثلين والصوت والإضاءة والديكور والمونطاج... وبنظرة المخرج (أو المخرجة) وإدارته وبحجم الإنتاج وجودته. لقد اختارت مريم التوزاني في أول تجربة لها مع الشريط الطويل تمرينا سينمائيا ليس بالسهل، وهو التصوير في فضاء مغلق أو شبة مغلق (البيت بالأساس الذي هو محل لبيع الفطائر والحلويات)، لكن نجحت فيه بنسبة كبيرة بالغوص في دواخل الشخصيات، وتفجير مشاعرها أمام الكاميرا وعلى الشاشة، وجعل البيت يضج بالحركة والحياة، مما وسع من الفضاء وجنب المشاهد الإحساس بالضيق... وقد اعتمدت في ذلك على كاستينغ جيد جدا، وعلى رأسه الممثلتان مريم أزبال في دور عبلة المرأة الأرملة التي تتكفل برعاية ابنتها، ونسرين الراضي في دور سامية الأم العازبة الشابة التي تبحث عن مخرج ل«ورطتها» ونهاية لمعاناتها في عالم لا يرحم. ولقد استطاعت التوزاني، من خلال التناقض والتنافر بين الشخصيتين... ثم الصفاء والتعاطف بينهما أن تعطي إيقاعا للقصة الملأى بالدموع وأيضا لحظات الفرح القليلة، عبلة (لبنى أزبال) المرأة المتحفظة، التي تحاول أن تخفي جروحها ومعاناتها في دواخلها ولا تظهرها للآخرين وسامية (نسرين الراضي)، التي رغم معاناتها تحاول أن تقترب من عبلة ولا تقمع مشاعر الفرح والحزن لديها. وبالفعل لم تخيب الممثلتان ظن المخرجة فيهما وبصمتا الفيلم بأدائهما الرائع، الذي كان أساسيا في نجاح الفيلم. والحقيقة التي لا يمكن أن ينكرها أي مشاهد للفيلم هي أن «آدم» كان اكتشافا لنجمة سينمائية حقيقية وهي نسرين الراضي، بما وقعت عليه من تميز في أداء الشخصية، وبما منحتها من مشاعر الحزن والفرح والمعاناة و الاكتئاب واليأس، وأيضا محاولة الانعتاق والخلاص من هذه المعاناة... لقد امتلكت طاقة كبيرة في تجسيد الدور.. والجوائز التي حصلت عليها نسرين الراضي، من خلال أدائها في «آدم» تؤكد ذلك (أفضل ممثلة في مهرجان دوربان بجنوب إفريقيا وجائزة «إيدا» في مهرجان الجونة). كما أن الفيلم أيضا أعطانا وجها آخر للممثلة لبنى أزبال ذات التجربة الكبيرة في السينما والتلفزيون وطنيا وعالميا. لكن هذا الأداء وهذه الصورة النهائية لم تكن لتصل إلى المشاهد (جمهور المهرجانات ولجان تحكيمها) بهذه الكيفية وتخلق لديه ردود الفعل الإيجابية في المهرجانات، وهو ما ينتظر أن يكون عليه الحال في القاعات السينمائية الوطنية، لولا وجود إمكانيات فنية ومادية وإنتاجية حقيقية وراء الفيلم. ففيلم «آدم» هو سيناريو من توقيع المخرجة نفسها، بتعاون مع زوجها المخرج نبيل عيوش وتوقيع فنيين وتقنيين مغاربة وأجانب لهم إسمهم في المجال السينمائي وإنتاج شاركت فيه ثلاث شركات من ثلاث دول، وهي شركة عليان للإنتاج لنبيل عيوش، وشركة لفيلم دونوفو موند من فرنسا وشركة أرتميس من بلجيكا، بالإضافة إلى استفادته من دعم المركز السينمائي المغربي والعديد من المؤسسات الدولية. تجدر الإشارة إلى أن توزيع الفيلم وطنيا يقوم به الموزع محمد العلوي، من خلال شركتة «يونس فيلم».