حشد من المواطنين ينتظر افتتاح وكالة بنكية في شارع كبير وسط مراكش. وجوم دال يخيم على وجوه المصطفين في ذلك الطقس البارد من أول أيام الأسبوع، ومحادثات جانبية تعطي انطباعا بالقلق. بدا المشهد غير مألوف خصوصا في ساعات الصباح الأولى. غير أن المفاجأة ما تلبث أن تتبدد فور الاقتراب من ذيل الصف الطويل. ‘‘اسيدي راه مشات لينا لاكارط ديال البنكا وجينا نسترجعوها‘‘. لم يكن المشهد حصريا في مراكش. في مناطق أخرى خصوصا بضواحي الدارالبيضاء ومنطقتي برشيد والكارة والدروة، تكررت نفس التفاصيل. مواطنون ينتظرون افتتاح الوكالات البنكية لاسترجاع بطائقهم التي علقت بالصرافات الآلية في الليلة السابقة. لاح طيف موظف الوكالة قادما من بعيد فتنفس كثيرون الصعداء. بعد سلسلة حوارات جانبية مع المنتظرين، تبددت الكثير من المخاوف. قال الموظف وهو يفتح باب الوكالة البنكية ‘‘القضية ما صعيباش بزاف عندكم.. حفظكم الله.. غير البطائق ديالكم لصقات فالكيشي.. راه كان ممكن يتبيراطا ليكم كاع المعلومات ديال لاكارت ويبداو يخرجو ليكم لفلوس بلا خباركم‘‘. ما كشف عنه الموظف هو في الحقيقة الجزء الأخير أو الفاشل من عمليات القرصنة على البطائق البنكية، المعروفة ب‘‘سكيمينغ‘‘، والتي عادت للواجهة مؤخرا في عدد من المدن المغربية. يتعلق الأمر بطريقة ذكية لقرصنة القن السري لبطاقات الصراف الآلي على مرحلتين. في المرحلة الآلة يلصق المقرصنون مدخلا بلاستيكيا كاذبا يطابق المدخل الرئيسي الذي توضع فيه البطاقة، ويضعون داخله بطاقة بنكية عذراء تركب فيها كاميرا ولوحة مفاتيح ذكيتين تربطان بأسلاك الكترونية لحفظ المعلومة. في المرحلة الثانية، وبعد أن يركب المواطن ضحية العملية قنه السري العادي مستعدا لاستلام نقوده، يتم استنساخ رقمه السري على البطاقة العذراء الكاذبة، لتتحول مباشرة إلى بطاقة بنكية جاهزة للاستعمال في أي صراف آلي.. باسم الضحية. المديرية العامة للأمن الوطني دخلت على خط هذه القرصنة بعد توصل العديد من الدوائر الأمنية بشكايات وكالات الأبناك المستهدفة. الإرسالية الأخيرة لمديرية الأمن طلبت من بنك المغرب تحذير كل الأبناك من العملية واتخاذ التدابير اللازمة لإجهاض عمليات القرصنة في المهد من خلال التأكد من خلو الصرافات الآلية من أي تركيب مشبوه أو كاذب لمداخل البطاقات البنكية. المديرية العامة للأمن الوطني ذكرت بالعمليات التي تم رصدها في مدينة مراكش بين 13 و 15 دجنبر الجاري، وكشفت تفاصيل القرصنة بطريقة تقنية محذرة من خطورة العملية على المعلومات البنكية للمواطنين، والتي تستهدف استنساخ أقنانهم السرية بطريقة الاحتيال المشار إليها. وتداولت وسائل التواصل الاجتماعي فيديوهات وصورا لهذه العملية على نطاق واسع خلال الأيام القليلة الماضية، وتظهر إحدى الصور، عملية قرصنة للحساب البنكي لمواطنة مغربية، تعرضت من خلالها للاستيلاء على مبلغ مالي يتجاوز ال30 ألف درهم، بالطريقة ذاتها.