اجتمع مائة طالب وطالبة من مغاربة بإفران في إطار النسخة الثالثة من الجامعة الشتوية، التي افتتحت فعالياتها السبت 21دجنبر 2019. وتنعقد الدورة الثالثة من الجامعة الشتوية، تحت شعار "العيش المشترك"، وتهدف إلى تقوية الروابط الثقافية للكفاءات الشابة المهاجرة الناجحة بوطنها الأم، وتبادل الخبرات والمعارف بين الكفاءات الوطنية المُقيمة في بلدان المهجر. وتناقش الدورة " العيش المشترك" بوصفه قيمة حضارية أساسها السلم والتسامح وقبول الآخر في إطار عالم متعدد الهويات والثقافات وترسيخ مبادي المواطنة . وأكدت الوزيرة المنتدبة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج، نزهة الوافي، خلال افتتاح التظاهرة، على الرعاية، التي يوليها الملك محمد السادس للمهاجرين المغاربة وحرصه على الحفاظ على روابط الصلة بينهم وبين وطنهم الأم. وقالت الوافي، في هذا الصدد : "هناك رعاية سامية عميقة للمغاربة القاطنين في المهجر بشكل عام، تجسدت في الكثير من الخطط والرسائل الملكية الموجهة للأجيال الصاعدة". وأوضحت الوافي أن "المغرب يُعدّ من البلدان القليلة التي عملت بجدّية على وضع هندسة مؤسساتية تسعى لتدبير ملف مغاربة الخارج"، موضحة أن "دستور 2011 تضمن مكتسبات لها علاقة وطيدة بمغاربة الخارج". والجامعة فرصة لكفاءات المغرب الشابة المهاجرة لتقاسم تجربة المغرب الإصلاحية والأوراش المفتوحة عبى مدى عقدين في مجال الهجرة، وهي الأوراش، الذي تضع أولويات لها تعزيز روابط الأجيال الناشئة من أبناء المغاربة المقيمين بالخارج بوطنها الأصل وتقوية التفاعل الثقافي بينها وبين ثقافة وحضارة بلدها الأم. وزادت الوافي أن "مقدمة الدستور نصّت على ذاكرة المغرب، التي تتشكل من أصول أندلسية وعبرية وإفريقية ومتوسطية"، مضيفة أن "الحمض النووي لأي مغربي يقوم على العيش المشترك وتكريس قيم التسامح والاعتدال"، داعية إلى "الاطلاع على الزخم الكبير الذي يسِم أرشيف المملكة في هذا المجال". وتستضيف الدورة الثالثة من الجامعة الشتوية ما يناهز مائة من شباب مغاربة العالم، المتراوحة أعمارهم ما بين 18 و25 سنة، المنحدرين من تسعة بلدان هي بلجيكا وكندا وإسبانيا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والمملكة المتحدة وتونس والجزائر. وتشكل نسبة الإناث من المشاركين نحو 79 في المائة، بما مجموعه 68 مشاركة في هذه الدورة. وأشارت الوزيرة المنتدبة إلى "أزمة سياسة الهجرة في الخارج"، ونبهت إلى أن "هنالك استعمالا سياسوياً في بعض الدول، نتيجة ارتفاع الأجندة اليمينية المتطرفة، التي يتم تصريفها أحيانا في العداء والإقصاء"، لكن المغرب، بحسبها، يظل "نموذجا في تدبير موضوع الهجرة، لأنه يحرص على تعزيز الروابط الثقافية والدينية والهوياتية لكفاءات الخارج مع بلدهم الأصلي". وزادت الوافي مؤكدة ضرورة " تدبير ملف المغاربة القاطنين بالخارج بما يُحاكي التحول الذي تعرفه سياسة الهجرة"، ولفتت إلى أن "هناك بيداغوجية خلفية تواكب كل العروض، التي تنجزها الوزارة، بما يتيح مُسايرة التحولات الواقعة بآليات جديدة". من جهته، قال أمين بنسعيد، رئيس جامعة الأخوين، إن "الجامعة الشتوية حققت نتائج مبهرة وكبيرة على مدار السنوات الماضية، حيث تناقش مواضيع مختلفة وشائكة تخص التعايش المشترك، بغية نبذ خطابات العنف والكراهية التي أصبحت سائدة". وأضاف أن "المغرب دولة لها حضارة وثقافة وتاريخ قديم"، ليتوجه إلى الطلبة المشاركين قائلا: "أنتم تعيشون الآن في بلدان الاستقبال، وقد تصادفون هذه الحالات، ما يتطلب إحداث التوازن في حياتكم داخل البلدان المضيفة". وخاطب المسؤول الجامعي الطلبة الحاضرين بالقول: "وجب عليكم إقناع الأشخاص الذين يوجدون في وسطكم بالقضية التي تؤمنون بها، لأنكم تجسدون الأمل في المستقبل بكل بساطة"، داعيا إياهم إلى المساهمة في إنجاح هذه المبادرة لأنها "تقدم دعما معنويا لمغاربة الخارج"، بتعبيره. وتُختتم النسخة الحالية من الجامعة الشتوية الإثنين سيستفيد خلالها المشاركون من ندوات وورشات يؤطرها عدد من الأساتذة الجامعيين والأكاديميين تتطرق لموضوع العيش المشترك، وتتناوله من زوايا وجوانب مختلفة، تاريخية وثقافية وتربوية واجتماعية، فضلا عن تنظيم ندوات فكرية تتمحور حول الهوية المغربية والقضية الوطنية.