قال رئيس الحكومة سعد العثماني، اليوم الثلاثاء بالرباط، إن الحكومة تعتزم الشروع في التشاور حول الإصلاح الشمولي لمنظومة التقاعد. وأبرز العثماني في معرض رده على سؤال محوري حول موضوع "وضعية المتقاعد ومكانته في السياسات العمومية" خلال الجلسة الشهرية المتعلقة بالسياسة العامة بمجلس المستشارين،أنه يتم حاليا إنجاز دراسة تشارك فيها صناديق التقاعد الأربعة المعنية بإصلاح أنظمة التقاعد وكذا القطاعات الحكومية المعنية بهدف تحديد كيفيات تنزيل الإصلاح الشمولي المبني على اعتماد نظام القطبين،قطب عام وقطب خاص، موضحا أنه سيتم استثمار نتائج هذه الدراسة، التي انطلقت في مارس الماضي ، وفق مقاربة تشاركية واسعة في إعداد خارطة طريق للإصلاح الشمولي لمنظومة التقاعد. وسجل العثماني أن الحكومة جعلت وضعية المتقاعدين في صلب اهتماماتها، من خلال التقليص قدر الإمكان من الفارق على مستوى الدخل بين مرحلتي الشغل والتقاعد، والعمل على توسيع الفئة المستفيدة من أنظمة التقاعد، وكذا الحرص على توفير الظروف والفرص لهذه الفئة من المواطنات والمواطنين، ليس فقط لضمان عيش كريم لهم ، بل أيضا لتمكينهم من الإسهام برصيدهم وتجربتهم في التنمية المدمجة لبلدهم. وفي هذا الصدد ،أفاد رئيس الحكومة بأن عدد المتقاعدين المصرح بهم يبلغ ما يناهز مليون و 805 ألف و224 شخصا برسم السنة المحاسبية 2018، بكلفة إجمالية للمعاشات الخامة تتجاوز 58 مليار درهم، مضيفا أن حصة الصندوق المغربي للتقاعد والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي تمثل أكثر من 81,8 بالمائة من الحصيص الإجمالي للمتقاعدين المصرح بهم، مقابل 10,3 بالمائة بالنسبة للصندوق المهني المغربي للتقاعد ، و6,9 بالمائة بالنسبة للنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد . وأضاف أن المملكة بذلت، ولا زالت تبذل، جهودا كبيرة في دعم القدرة الشرائية للمتقاعدين بالقطاعين العام والخاص، من مدخل التخفيضات الضريبية، حيث استفادت معاشات التقاعد بموجب القانون المتعلق بالضريبة على الدخل الذي دخل حيز التنفيذ سنة 1989 من إعفاء ضريبي بنسبة 25 بالمائة من مبلغها الخام دون تحديد سقف أقصى. وقد ارتفع هذا الإعفاء ليصل إلى 35 بالمائة بمقتضى قانون المالية لسنة 1994 ثم إلى 40 بالمائة سنة 1999، ليبلغ 55 بالمائة بموجب قانون المالية 2013. وبرسم قانون المالية 2015، يقول رئيس الحكومة، تم منح خصم جزافي عند احتساب الضريبة على الدخل بالنسبة للمعاشات التي تصرفها أنظمة التقاعد نسبته 55 بالمائة من المبلغ الإجمالي السنوي الذي يساوي أو يقل عن 168 ألف درهم، أي 14 ألف درهم في الشهر وبنسبة 40 بالمائة لما زاد عن ذلك، مسجلا انه بفضل هذه التخفيضات الضريبية، فإن حوالي مليون و600 ألف متقاعد، من أصل العدد الإجمالي من المتقاعدين،معفون من الضريبة على الدخل، أي بنسبة 89.8 بالمائة . واعتبر أن هذا الإعفاء يعد امتيازا ضريبيا هاما ساهم بشكل كبير في الرفع من المبالغ الصافية لمعاشات التقاعد، وجعلها في كثير من الأحيان تفوق الأجور الصافية خلال مزاولة العمل. كما ترتب عنه الإعفاء الكلي من الضريبة على الدخل بالنسبة للمعاشات التي يقل مبلغها عن 5.500 درهم شهريا، علما أن عدد المعاشات التي يصرفها الصندوق المغربي للتقاعد والمعفاة من الضريبة على الدخل تبلغ نسبتها 80 في المائة من إجمالي المعاشات. وأضاف انه بالنظر للارتفاع المتواصل لتكاليف العيش تعتمد أنظمة التقاعد على مبدأ مراجعة قيمة المعاشات بغية الحفاظ على القدرة الشرائية للمتقاعدين، مذكرا في هذا الصدد، بأن المقتضيات الجاري بها العمل فيما يخص معاشات موظفي القطاع العام تنص على مبدأ مراجعة معاشات التقاعد في حال كل زيادة تطرأ على المرتب الأساسي المخصص للدرجة والسلم والرتبة أو الطبقة التي كان ينتمي إليها فعلا الموظف أو المستخدم قبل إحالته على التقاعد (الفصل 44 من القانون رقم 11.71 المحدث بموجبه نظام لرواتب التقاعد المدنية)، وبفضل هذا المقتضى فستسوى وضعية "ضحايا النظامين" حتى بالنسبة للمتقاعدين منهم. أما بالنسبة للقطاع الخاص، يوضح السيد العثماني، فإن القانون المتعلق بنظام الضمان الاجتماعي ينص على إمكانية مراجعة المعاشات في حالة ما إذا كان مستوى الأجور التي تم على أساسها صرف المعاشات ضعيفا بالمقارنة مع مستوى الأجور الجاري، كما ينص القانون المتعلق بالنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد على أن المعاشات تراجع طبقا لتطورات أجرة النظام السنوية المتوسطة. وأشار إلى أنه بالنظر لمبدأ التوزيع الذي تعتمده أنظمة التقاعد الأساسية بالمغرب، فإن هذه الأخيرة ليس بإمكانها الرفع من الحد الأدنى للمعاش أو مراجعة المعاشات بمستويات مرتفعة، إذ أن ذلك من شأنه تهديد توازناتها وقدرتها على الاستمرار في صرف المعاشات علما بأن هذه الأنظمة تعاني أصلا من هشاشة توازناتها على المدى المتوسط. ومن أجل مواكبة احتياجات المتقاعدين في المجال الصحي، سجل رئيس الحكومة أنه تم العمل على تخفيض ثمن 600 دواء، جزء منها مخصص للأمراض المزمنة، وكذا للأدوية التي يفوق ثمنها 588 درهما، كما تعمل الحكومة على تطوير التكوين في مجال التخصصات الطبية في أمراض الشيخوخة التي قد تصيب بعض أفراد هذه الفئة. وذكر في هذا الصدد،بالمجهودات التي تبذلها صناديق التقاعد لتحسين القدرة على الاستجابة لطلبات المتقاعدين في إطار تعزيز سياسة القرب، حيث تم العمل على تنزيل مجموعة من المشاريع في هذا المجال، منها على الخصوص، تبسيط ونشر ورقمنة المساطر المتعلقة بالخدمات المقدمة للمتقاعدين، و تطوير أساليب جديدة لمراقبة الحقوق، وتطوير الخدمات المقدمة عبر البوابات الإلكترونية والتطبيقات على الهاتف المحمول. ولتجاوز الصعوبات المسطرية ، يقول رئيس الحكومة، أصدرت رئاسة الحكومة منشورا بتاريخ 21 ماي المنصرم بشأن اعتماد التدبير الإلكتروني لملفات معاشات التقاعد المخولة من طرف الصندوق المغربي للتقاعد، والذي يهدف أساسا إلى اعتماد التدبير الإلكتروني لملفات المعاشات وتقليص آجال تخويلها، وكذا تبسيط إجراءات ومساطر تدبير ملفات معاشات التقاعد ورقمنتها، وذلك لتفادي التأخير في صرف راتب التقاعد، مبرزا ان العمل بمقتضيات هذا المنشور ستنطلق ابتداء من فاتح نونبر المقبل، مع اعتماد التدرج في تعميم تنزيل الإجراءات المتعلقة بالتدبير الإلكتروني لملفات معاشات التقاعد بشكل يضمن انخراط جميع الإدارات في أفق متم سنة 2020.