حتى وقت قريب كان الانسان في القرية المغربية تحكمه تقاليد وعادات تشكل نسقا اجتماعيا قويا قوامه التازر والتعاون في السراء والضراء يكرسان ويعززان الروابط الاجتماعية رغم بساطة الحياة وقصر ذات اليد لدى الانسان القروي على العموم . ومن بين مظاهر التاخي والتازر التي يعيشها الانسان القروي مشيا على خطى الاجداد، والتي كانت تجسيدا لمفهوم الشراكة يتم من خلالها تحقيق غايات فردية اوجماعية بمجهود جماعي يمتد الى مختلف مناحي احياة القروية ، '' التويزة '' كتقليد عتيق في المغرب. وعادة تروم هذه العملية تحقيق مصلحة فردية او جماعية في ظاهرها تطوعية، وفي باطنها غير ذلك بحيث يجتمع عدد من افراد القرية الواحدة لتنفيد عمل لفائدة فرد واحد وبالتناوب تعمم العملية على باقي افراد المجموعة. ويظهر ذلك جليا اثناء موسم الحصاد بحيث يتفق عدد من الفلاحين في اطار '' التويزة '' بحصد محاصيلهم الزراعية بلتناوب بينهم ، ومن لم يستطع العمل يكلف مستخدما نيابة عنه ، ويتكلف ، حسب الاعراف ، المستفيد من الدورة بتغدية اعضاء المجموعة العاملة خلال الدورة التي قد تستغرق اكثر من يوم واحد . وغالبا ما تتم العملية بعيدا من اي نزاع بين افراد المجموعة وذون حسابات شخصية ضيقة . وحين يتعلق الامر بمصلحة جماعية كبناء القناطر الخشبية او توسعة طريق او بناء مسجد او غير ذلك من المصالح الجماعية فان جميع افراد القرية يشاركون في ذلك العمل دون استثناء ومن لم سيتطع ينيب عنه عاملا او يؤدي ثمن الخدمة لفائدة المجموعة . واذا كانت '' التويزة '' تعني العمل الجماعي ليوم كامل الى غاية انهاء المهمة المتفق عليها ، فان هناك اختلاف بينها وبين '' تاعشويت '' فقط في زمن التنفيد بحيث تعتمد هذه الاخيرة على العمل فقط كل عشية وليس ليوم كامل ، الى ان يكتمل العمل المتفق عليه . النزوع نحو الفردانية بسبب تغير نمط الحياة في القرية المغربية وارتفاع منسوب الخلافات بين مكونات القرية بتلاشي دور الاعيان و'' الحكماء '' وتراجع دورائمة المساجد في نزع فتيل الخلافات بين الافراد والجماعت ، اصبح معه تدبير المشترك بشكل توافقي تشاركي في القرية امرا صعبا بما في ذلك بناء المساجد ذات البعد العقائدي المترسخ في المجتمع واصبح الاعتماد اكثر على هبات المحسنين . واصبح العمل ب'' التويزة '' و'' تعشويت '' خلال العقدين الاخيرين حكايات تروى فقط الا من بعض الحالات النادرة في المناطق الجبلية النائية . وهناك من الجمعويين من يعتبرون ان العمل الجمعوي كما هو عليه اليوم امتداد ل '' التويزة '' مع بعض الاختلافات ياتي الجانب المادي في مقدمتها بحيث بدا مبدا التطوع ، العمود الفقري ل '' التويزة '' ، في التلاشي لدى الفاعلين الجمعويين .