دعا المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي إلى اعتماد مقاربة حقوقية عوض المقاربة الطبية والاجتماعية في إدماج الأشخاص في وضعية إعاقة في المنظومة التربوية بوصفه خيارا استيراتيجيا. كذلك، دعا المجلس إلى الانتقال من الحق في الولوج إلى التعليم بالنسبة لهذه الفئة إلى الحق في الجودة. وكشف المجلس خلال لقاء تواصلي حول مشروع رأي في موضوع "تعليم الأشخاص في وضعية إعاقة : نحو تربية دامجة منصفة وناجعة"، عن مضمون مشروع الرأي، الذي كان موضوع مدارسة من قبل الجمعية العامة للمجلس في دورتها 16 بتاريخ14و15ماي 2019. وشدد المجلس على ضرورة تحمل الدولة مسؤوليتها ودورها في الإدماج الاجتماعي والاقتصادي للأشخاص في وضعية إعاقة. ونبه مشروع التقرير إلى ضرورة التقائية مختلف المبادرات والجهود المعتمدة من قبل القطاعات الحكومية وباقي المتدخلين المنتمين إلى التنظيمات المدنية الفاعلة في مجال الإعاقة. واقترح مشروع رأي المجلس، الذي يندرج ضمن برنامج عمل المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي لسنتي 2018 – 2019 وهو مبادرة من المجلس في شكل إحالة ذاتية، ( اقترح) 6توصيات تمثلت في إرساء تعليم دامج وفق سياسات قائمة على التنسيق والاستدامة والملاءمة والإشراك، وتعليم منصف يضمن حق الولوج إلى التمدرس بمواصفات الجودة للجميع، وتحقيق تنمية شاملة لقدرات الفاعلين التربويين والمتدخلين في تعليم الأشخاص في وضعية إعاقة، وارتقاء فردي وتأهيل اجتماعي ومهني دامج، وضع خطط للتحسيس والتوعية حول تعليم الأشخاص في وضعية إعاقة، فضلا عن بلورة مقتضيات من أجل نجاعة الريادة والتغيير. وفي سياق خلاصاته التشخيصية، أبرز مشروع رأي المجلس مجموعة من المفارقات تتمثل في استمرار وجود اللاانسجام في المعطيات ذات الصلة بتربية وتعليم الأشخاص في وضعية إعاقة فيما بين المتدخلين المؤسساتيين وعدم ضبط المعطيات والحالات على جميع الأصعدة (المعلوماتية، الطبية، التربوية، الاجتماعية...). وإذ سجل مشروع الرأي تطورا في الوعي الحقوقي، فإنه أشار، بالمقابل، إلى هيمنة التمثلات والمواقف والأحكام السلبية تجاه الأشخاص في وضعية إعاقة، ووجود مقاومات في تدبير ولوجهم إلى التمدرس والتكوين ومجالات المشاركة الاجتماعية. كذلك، نبه مشروع الرأي إلى وجود مبادرات قطاعية مختلفة، مقابل تشتت في السياسات ومحدودية التنسيق بين المتدخلين، في غياب إطار مرجعي للجودة والمراقبة والتتبع والتكوين والتقييم. كذلك، سجل مشروع الرأي، في إطار التشخيص، أن الأشخاص في وضعية إعاقة هي الفئة الأقل استفادة من الخدمة التربوية والتكوينية رغم الجهود القطاعية للنهوض بتربيتهم وتعليمهم. ونبه إلى أن هذه الفئة تعاني من تمييز مزدوج. كما أنها تعاني من نفس الحواجز، التي تحول دون التمدرس بوجه عام (كالحواجز التي يعاني منها أطفال العالم القروي، ومشاكل تمدرس الفتاة، الخ)، وتصطدم بصعوبات خاصة ترتبط بإعاقتهم (التصورات الاجتماعية والولوجيات وضعف مستوى تكوين الموارد البشرية...)، وإلى وجود تفاوتات داخل شريحة الأشخاص في وضعية إعاقة حسب نوعية وضعية الإعاقة (أطفال الإعاقة الحركية أكثر حضورا في التمدرس / أطفال إعاقة التوحد أو الإعاقة الذهنية يودعون المراكز المتخصصة). ودائما في سياق، المؤشرات التشخيصية، فقد أشار مشروع التقرير إلى محدودية العرض التربوي وحرمان الغالبية العظمى من التعليم بمختلف مستوياته (الأولي، المدرسي، العالي، التكوين المهني، محو الأمية)، وكذا إلى محدودية حصيلة أقسام الإدماج المدرسي (اعتبرتها الوزارة تجربة للعزل من الدرجة الثانية 2013)، وإلى تدني جودة التعليم الموجه للمتمدرسين منهم بسبب جمود وانغلاق بنيات التعلم (غياب الحركية بين المراكز المتخصصة، وبين الأقسام العادية أو أقسام الإدماج المدرسي)، وضعف ملاءمة الفضاءات وبنيات التعلم، والمناهج والبرامج، ونقص التكييف البيداغوجي غير المدعَّم بما فيه الكفاية. كذلك، سجل مشروع الرأي ضعف تكوين الفاعلين التربويين، والتعثر في مأسسة المسارات الدراسية، وانعدام الدعم الفردي والتربوي للأشخاص في وضعية إعاقة المتمدرسين، وغياب بنيات داعمة للتمدرس (الداخليات، دور الطلبة...). ورصد مشروع التقرير غياب التنسيق بين المتدخلين في تربية وتعليم الأشخاص في وضعية إعاقة، وفي ما بين الأجهزة المكرَّسة لتمدرسهم، وانعدام الجسور والممرات الممكنة.كما أشار إلى عدم إرساء مقاربة وطنية مؤسساتية وسوسيو-تربوية في مجال تمدرس الأشخاص في وضعية إعاقة، وتشتت وعدم انسجام المناهج التعليمية المعتمدة. وقد اعتبر المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي مشروع رأيه حول موضوع تعليم الأشخاص في وضعية إعاقة " خارطة طريق قوامها تربية دامجة منصفة وناجعة". وزاد أن هذا الرأي يمثل أفقاً مفتوحا، يتيح المزيد من الوعي والفاعلية بالمرجعية الموجهة والمفاهيم المؤطرة، ويسمح بتفعيل الرؤية الاستراتيجية 2015 – 2030، في إطار التفعيل الواقعي المتدرج. كذلك، شدد المجلس على حرصه على تكامل الاستشرافات والتوصيات الواردة في الرأي، مما يتطلب سياسات وتدابير ذات طابع أفقي أو عرضاني تكاملي، ومقاربة قائمة على معالجة القرب والإنصاف لواقع الأشخاص في وضعية إعاقة، ومعالجة تشاركية بين مختلف المتدخلين. كما أوصى المجلس باعتماد روح المبادرة والابتكار في الخطط، وتنويع الأساليب والموارد والشراكات، والتقييم والرصد اليقظ، في تفعيل مضامين ومقتضيات.