مع قرب الامتحانات تبدأ أسهم بورصة الساعات الاضافية في الارتفاع والتنافسية، تختفي الأصوات النبيلة وتتراجع معها الرسائل التربوية الحميدة وتتلاشى الضمائر الحية تاركة مكانها لدروس التقوية أو الدعم مقابل التعويض المادي. أسلوب لا يضير أحد حين يرمي إلى دعم قدرات التلميذ وتهييئه لخوض الامتحانات الإشهادية بغية الحصول على معدلات مرتفعة أو سد نقص في مادة من المواد الدراسية في جو تسوده المنافسة الشريفة. لكن الأمر حين يزيغ عن مساره التربوي إلى درجة الانحراف، ما تلبث هذه الدروس أن تتحول إلى شبح مقيت حيث تصبح الساعات الإضافية فرض عين لمن يبحث عن نقط صاروخية في المراقبة المستمرة. ومما يزيد الطين بلة أن بعض الأساتذة يقومون بساعات إضافية لتلامذتهم داخل أماكن ضيقة لا تستجيب لشروط التلقين البيداغوجي. انقسمت اراء التلاميذ الذين تمت مساءلتهم حول الظاهرة إلى موقفين: الاول يرى أنها ضرورة للحصول على نقط جيدة خاصة عندما يكون ممارسها هو الاستاذ نفسه الذي يدرس في المؤسسة التعليمية النظامية مما يدفع بالبعض إلى دفع الأجر دون الحضور إلى هذه الدروس. فيما الموقف الثاني يرى أنها تضييع للوقت وهدر للمال مؤكدين على اجتهاد التلميذ بالدرجة الأولى وانتباهه داخل الحصة الرسمية هو الكفيل بسد التعثرات، وبلوغ نتائج أفضل وإن كان لابد فمن الأنسب، تقول احدى التلميذات تدرس في مستوى الأولى بكالوريا فضلت عدم ذكر اسمها أن تلقن هذه الدروس من طرف أساتذة لا تربطهم علاقة رسمية بالتلاميذ. في هذا الاتجاه صرح أحد الاباء أن ثمن الحصة يبدأ من 200 إلى 300 درهم في مادتي الرياضيات والفيزياء وقد ترتفع السومة في حالة تقديم الساعات بشكل فردي، وبحسب قانون العرض والطلب، مما يخلف عبئا على جيوب الأسر وإرهاقا على نفسية وذهن المتعلم الذي يجد نفسه مجبرا على التوجه لممارستها بعد انتهائه من برنامج دراسي طيلة اليوم. كما ينعكس أيضا على الأساتذة الذين يضطرون إلى العمل بشكل مسترسل وبذل مجهود مضاعف في سبيل جني الأموال ولو على حساب عطائهم الفعلي. من جهتها فقد سبق لوزارة التربية الوطنية في عهد "رشيد بلمختار" أن دعت إلى تقنين الظاهرة بإصدار مذكرة وزارية تهدف إلى تعزيز الرقابة على عمل أساتذة المدارس العمومية في المؤسسات الخصوصية، فضلا عن إصدار مقرر يحرص على أخذ إجراءات تأديبية بخصوص الأطر التربوية الذين يقدمون خدمات في القطاع الخاص. إلا أن خلفه "محمد حصاد" الذي أجرى بعض التعديلات في المقرر الوزاري بالسماح بمزاولة الساعات الإضافية شريطة عدم التأثير على مردوديتها أعاد الظاهرة إلى بدايتها الأولى، خاصة أمام صعوبات مراقبة رياض الأطفال ومراكز اللغات التي تتحول مساء إلى فضاءات للساعات الإضافية في ضوء حاجة المتعلم إلى نقطة مرتفعة ، وتكتم أولياء الأمور عن الظاهرة، وعجز المشرع عن مواجهتها.