بعد أن مرت العلاقة بين المغرب والاتحاد الأوروبي بالكثير من الغموض خلال السنوات الأخيرة، وانتهت بتدخل صارم للدبلوماسية المغربية بتأكيدها على أن أي تعزيز للشراكة لن يمر سوى عبر احترام المصالح العليا للمغرب ووحدته الترابية، أكدت كاتبة الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، مونية بوستة، أول أمس الإثنين بالرباط، أن المصادقة على الاتفاق الفلاحي بين الاتحاد الأوروبي والمغرب يفتح المجال لمرجعية قانونية تؤطر علاقة المغرب بأوروبا في المستقبل. وأبرزت بوستة، في معرض ردها على سؤال آني يتعلق «بتصويت البرلمان الأوروبي بأغلبية ساحقة على الاتفاق الفلاحي بين المغرب والاتحاد الأوروبي» تقدم به فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، أن المصادقة تعكس وجاهة الطرح المغربي، وبطلان كل الطروحات المعادية للوحدة الترابية، مبرزة أن هذه المصادقة بعثت برسائل واضحة في ما يخص سيادة موقف المغرب واحترام مصالحه العليا. وأشارت إلى أن المصادقة على الاتفاق الفلاحي حدث بالغ الأهمية، يجسد لمرحلة تاريخية في علاقة المغرب مع شركائه في الاتحاد الأوروبي، باعتبار المملكة بصدد تأسيس مرحلة جديدة تتطلب مواصلة العمل والتعبئة بمساهمة البرلمانيين لبلورة دينامية أكبر، والدفاع عن القضايا في مختلف المحافل الدولية خاصة الأوروبية، معتبرة أن التصويت على هذا الاتفاق يعد نتيجة عمل مثمر ودبلوماسية جماعية تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس. ولم تتوقف بوستة عند هذا الحد، بل أضافت أن الاتفاق يؤكد، دون لبس، أن المنتجات الفلاحية ومنتجات الصيد البحري القادمة من الأقاليم الجنوبية، ستستمر في الاستفادة من التفضيلات الجمركية المنصوص نفسها، عليها في اتفاق الشراكة، مشيرة إلى تأكيد الاتفاق على أن أية اتفاقيات تشمل الأقاليم الجنوبية للمغرب لا يمكن التفاوض بشأنها، والتوقيع عليها إلا من طرف المملكة المغربية في إطار سيادتها الكاملة على هذا الجزء من أراضيها. واعتبرت بوستة أن هذه المصادقة تعد حصيلة عمل جاد وبناء استمر لعدة سنوات ساهم فيه عدد من المتدخلين، ومن بينهم اللجنة البرلمانية المشتركة المغرب - الاتحاد الأوروبي، مبرزة أن هذا العمل اعتمد على الجانب الدبلوماسي والسياسي، والجانب التقني، من خلال توظيف كل الخبرات القطاعية والقانونية، مسجلة من جانب آخر أن التعبئة مستمرة على مستوى كل السفارات المغربية بالدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى تنظيم مجموعة من اللقاءات التحسيسية على مستوى مؤسسات الدراسات والأبحاث الأوروبية، ومن خلال وسائل الإعلام، وتكثيف ودعم مساعي بعثات المغرب ببروكسيل لدى جميع الجهات الفاعلة، وتعبئة الخبرات الضرورية خاصة في مجال القانون الأوروبي. وأكدت أن المقاربة الشمولية التي تم إعمالها، اعتمدت أيضا على عمل ميداني مع الاعتماد على ما هو واقعي وعملي، من خلال تنظيم عدة زيارات للبرلمانيين الأوروبيين للأقاليم الجنوبية، مضيفة أنه كانت لهذه الزيارات آثار إيجابية بفضل التقارير التي تم إنجازها وتوظيفها في إطار اللجان البرلمانية، بمساهمة مجموعة من الفاعلين السياسيين والاقتصاديين المعنيين. وتجدر الإشارة إلى أن البرلمان الأوروبي، صادق يوم الأربعاء الماضي، في جلسة علنية، بستراسبورغ، بأغلبية ساحقة، على الاتفاق الفلاحي المغرب الاتحاد الأوروبي، ب444 صوتا، وهي الخطوة التي اعتبرت جديدة في العلاقات بين المغرب والاتحاد الأوروبي، حيث تلتها في اليوم الموالي زيارة فيدريكا موغريني المسؤولية الأوروبية عن السياسية الخارجية والأمنية للاتحاد الأروبي للرباط، وحظيت باستقبال ملكي مكن من استعراض مختلف محاور الشراكة الاستراتيجية متعددة الأبعاد والعريقة بين المملكة المغربية والاتحاد الأوروبي، بكل مكوناتها السياسية والاقتصادية والأمنية والإقليمية والدولية، والاتفاق، بالنسبة لكلا الشريكين، على ضرورة مواجهة مختلف التحديات القائمة بالمنطقة سويا، من أجل استثمار الفرص.