بصمت جمعية الزاوي للمسرح والتنشيط الثقافي والفني على دورة متميزة من مهرجان الدارالبيضاء للفنون والثقافات في دورته الرابعة هذه السنة، سواء على مستوى فقرات البرنامج المتنوعة، أو على مستوى الندوات الفكرية والأدبية والحضور النوعي الذي واكب أيام المهرجان الثلاثة 22 الى 24 نونبر الجاري . برنامج الدورة عرف تنظيم ندوة بعنوان :" المسرح وأبجدية التشكيل " ، بالمركب الثقافي لسيدي بليوط، حضرها مثقفون وفنانون ومبدعون، وشارك فيها : كل من الباحث والناقد الجمالي كمال فهمي الذي تناول التسلسل التاريخي لهذه العلاقة منذ عهد أفلاطون وأرسطو إلى الفترة الحالية، مستشهدا ببعض النماذج المسرحية التي تطورت عبر العصور مع وقوفه عند تجربة فريدة من نوعها، للمسرحي والتشكيلي (كانتور) المعروف بموضوعات الموت من خلال عمله الشهير "قسم الموت". بعده تناول الكلمة ضيف المهرجان الفنان التشكيلي (محمد السالمي)، الذي تحدث عن علاقة المسرح بالتشكيل انطلاقا من تجربته الشخصية وما للمسرح من تأثير على التشكيل، خاصة فيما تعلق بترتيب المشاهد قبل تصويرها، بينما تناول التشكيلي والناقد شفيق الزكاري من خلال ورقته نوعية حضور التشكيل في المسرح انطلاقا من مسرحية موسومة ب "رحلة في خيال جدتي" للمبدع الراحل (محمد تيمد)، حيث غياب النص المكتوب وحضوره مرئيا عبر الصورة والسينوغرافيا والديكور والإكسسوارات والأشياء المؤثثة للركح. بعد كل هذه المداخلات، تناول الكلمة المحتفى به السي عبد الكريم برشيد متحدثا عن تجربته الطويلة في المجال وعلاقة المسرح بالتشكيل، وعن أهمية الإبداع وكونيته، بعيدا عن أية أفكار دوغمائية أو أيديولوجية، على كون أن الفن هو للبشرية جمعاء، ولا يرتبط بأي اتجاه سواء كان تجريديا أو تجريبيا، مشيرا إلى أنه لا يؤمن بالجديد بقدر ما يثق في التجديد. ليتم في نهاية الندوة تسليمه درعا اعترافا بمجهوداته وعطاءاته التاريخية في مجال المسرح، مع شهادة تذكارية من طرف جمعية الزاوي للمسرح والتنشيط الثقافي والفني، المنظمة للمهرجان والتي تترأسها المبدعة والممثلة نادية الزاوي، مع تسليم شهادات لكل المشاركين في الندوة. وفي ختام هذه الأمسية قرأت الشاعرة (فتيحة رشاد) اخر قصائدها الزجلية التي تحبل بصور بلاغية ودالة على عمق الإحساس الإنساني، لتليها قراءات للشاعر عبد اللطيف البطل، الذي يمتح قصائده الزجلية من الواقع المغربي بكل أحلامه وأسراره وأحزانه، انطلاقا من رؤية تراثية تغوص في أعماق التجربة الإنسانية التي يزخر بها المجتمع المغربي، بعد كل هذا، قدم الفنان التشكيلي عبد الكريم الأزهر القادم من أرخبيل المدينة العتيقة والتاريخية الجميلة (أزمور) شهادة اعتراف بأهمية تجربة الفنان محمد السالمي مع أخذ صور جماعية في آخر هذا العرس الثقافي. خلال اليوم الثاني من المهرجان الذي كرم الى جانب رائد المسرح الاحتفالي عبد الكريم برشيد ،الفنان التشكيلي المتميز محمد السالمي ، استضافت جمعية الزاوي الكاتبة الدكتورة جميلة عناب، بالمركب الثقافي سيدي بليوط بالدارالبيضاء في إطار لقاء مفتوح، تحت عنوان "تلقي الفيلم السينمائي"، بحضور عدد من المثقفين والفنانين والمتتبعين. كما تم توقيع آخر كتاب للمحتفى بها الموسوم ب "التلقي من الأدب إلى السينما" قدم له كل من الدكتور الباحث والناقد حسن حبيبي، والقاص والإعلامي سعيد منتسب، حيث كانت مداخلة حبيبي عبارة عن أسئلة موجهة للكاتبة كمدخل وأرضية للنقاش، بينما كانت تصب مداخلة منتسب في قضايا فلسفية تتعلق بنظريات التلقي عند عدد من الفلاسفة بطريقة أكاديمية، حاولا كلا المتدخلين الإحاطة بأهمية ومضمون القضايا المتعلقة بالتلقي في بعدها الشمولي، لتأخذ الكلمة في الأخير الكاتبة جميلة عناب ردا على الأسئلة المطروحة من وجهة نظرها، انطلاقا من دراستها الميدانية التي حددتها في ثلاثة أنواع للمتلقي في المجتمع المغربي. لتنتهي الأمسية الثقافية بتوقيع أول إصدار لجميلة عناب الموسوم ب "التلقي من الأدب إلى السينما"، ثم بتسليم شواهد للمشاركين وللمحتفى بها . أما اليوم الأخير من فعاليات مهرجان الدارالبيضاء، فقد توج بالاحتفاء بالروائي سعيد الشفاج، من خلال ندوة تحت عنوان "لماذا نحن في حاجة الى الرواية؟". الندوة التي طرحت عدد من الأسئلة المتعلقة بتجربة المحتفى به في لقاء أدار فقراته الأستاذ العربي الحداني، بتساؤلات حول ماهية الرواية ثم حول طرق الكتابة وطقوسها عند الشفاج من خلال تجربة حياتية خاصة .