بعد عقد من الزمان على اندلاع الأزمة المالية العالمية عام 2008، وما نتج عنها من إعلان مؤسسات دولية إفلاسها، ما زال العديد من الإقتصادات تعاني أثرها حتى اليوم، فضلاً عن انكشاف أخرى نتيجة التغيرات. وبعد عشر سنوات من الإحتفاظ بمعدلات أسعار الفائدة عند أدنى مستوى ممكن لها، وما نتج عنه من ارتفاع حجم التدفقات النقدية إلى اقتصاديات الدول الناشئة، أصيبت اليوم معظمها بحالة من عدم الإستقرار. فاليوم معظم الدول الناشئة مثل تركيا، والبرازيل، وجنوب أفريقيا، والأرجنتين، وإندونيسيا، تعاني انخفاضاً في عملتها بنسب تفوق 40%، وبطئاً ملحوظاً في حجم التدفقات الخارجية والاستثمارات الأجنبية الواردة. وفي تقرير صدر مؤخراً عن منتدى الاقتصاد العالمي، تمّ تسليط الضوء على أهم المخاطر التى تهدده، خصوصاً بعد نزع فتيل الحرب التجارية بين الولاياتالمتحدة والصين. ارتفاع الدين العالمي يعتبر ارتفاع حجم الديون الخارجية التي تعاني منه معظم دول العالم، أحد أهم الأخطار التي تهدد استقرار الاقتصاد العالمي، إذ بلغ إجمالي نسبتها مؤخراً 225%، من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، بقيمة إجمالية تصل إلى 164 تريليون دولار، وهو رقم قياسي جديد. وتكمن الخطورة في ارتفاع حجم تأثير تلك الديون على الدول في حال مواجهة أيّ تراجع اقتصادي، ومن هنا جاءت ضرورة تطبيق إصلاحات اقتصادية تضمن تخفيض العجز، وتحسين مخزونات رأس المال المصرفي وزيادة مرونة سعر الصرف. الأسواق الناشئة إن ما تعانيه معظم الدول الناشئة على الصعيد الاقتصادي، على الرغم من الاختلاف الكبير بينها، يتمثل في انخفاض عملتها بنسب تفوق 40%، وبطء ملحوظ في حجم التدفقات الخارجية والاستثمارات الأجنبية الواردة. حيث انخفضت التدفقات إلى هذه البلدان ل2.2 مليار دولار في آب الماضي، مقارنة بارتفاع قدره 13.7 مليار دولار أميركي قبل شهر واحد فقط. والاقتصاد الأميركي ينمو بسرعة كبيرة في الوقت الحالي، بعد ضغوط التخفيضات الضريبية التي مررها الكونغرس في العام الماضي، كما ساهمت التغيرات التي أحدثها الرئيس الأميركي دونالد ترامب فيما يتعلق باللوائح الهيكلية للأسواق المالية في رفع أسعار الأسهم الأمريكية إلى أعلى مستوياتها. وأضف إلى ذلك تبني الإحتياطي الفيدرالي الأميركي سياسة رفع أسعار الفائدة، بعد عقد من الاحتفاظ بها عند أدنى مستوى ممكن (ساهم في سحب الأموال من الأسواق الناشئة)، وهو ما ساهم في تعزيز قوة أسواق واشنطن وجعلتها أكثر جاذبية للمستثمرين (أسعار سهم أعلى، وأسعار فائدة مرتفعة). التجارة الدولية ارتفاع وتيرة التوترات التجارية بين الولاياتالمتحدة والصين تمثل أحد أكبر المخاطر التي يواجهها الاقتصاد العالمي، بما يصاحبها من مخاطر جيوسياسية هائلة. هذه البلدان لديها حجم ديون يصل إلى 73.6 تريليون دولار، لذلك فإن أي تداعيات اقتصادية من أوضاعهم التجارية يمكن أن تضع الأسواق العالمية في مأزق، فضلاً عن تأثيراتها غير المباشرة على الأسواق الناشئة التي تعاني من عدم الاستقرار. البنوك على الرغم من التغيرات التي صاحبت النظام المصرفي العالمي في أعقاب الأزمة المالية، انتقلت البنوك الكبرى في العالم من الاعتماد على الاقتراض قصير الأجل إلى بناء مخازن رأسمالية أكبر لمساعدتها على مواجهة أزمة ائتمان أخرى. وعلى الرغم من ذلك، فإن العديد من البنوك الأخرى لا تزال تبدو ضعيفة، خاصة بعد الأزمات المصرفية اليونانية والإسبانية والإيطالية في السنوات الأخيرة. وهذه إشارة قوية إلى أن اللوائح لا تزال غير كافية لحماية النظام بشكل عام، فضلاً عن ارتفاع حجم القروض المقدمة من المؤسسات غير البنكية، والتي تخضع لقيود تنظمية أقل، مثل شركات التأمين وغيرها، وهذا ينمو بشكل حاد بعد الأزمة السابقة، وينذر بخطر قد يواجه النظام المالي قريباً. المخاطر السيبرانية فضلاً عن المخاطر السابقة أصبحت مشاكل ضعف الأمن السيبراني، تشكل قلقاً للمحللين يتمثل بالأزمة المالية القادمة يمكن أن تنطلق من الهجمات السيبرانية على النظام المالي الرقمي (المترابط بشكل كامل). والأمن السيبراني هو عبارة عن مجموع الوسائل التقنية والتنظيمية والإدارية التي تستخدَم لمنع الاستغلال والاستخدام غير المصرح به، بهدف ضمان توافر واستمرارية عمل نظم المعلومات وتعزيز حماية البيانات الشخصية وسرّيتها.