اختار ثري سوسي يوم أمس أن يطوي كتاب حياته، انتحارا بحبل ربطه بسلاليم بيته بحي بوتشكات بقلب مدينة أكادير. وقبل أن يستنشق آخر نفس في الحياة أغلق حوله البيت، وتناول قلما وورقة ليخطط آخر كلمة لاسرته، لم يستطع أن يقولها صباح يوم أمس قبيل مغادرته البيت، كما لم يتمكن من قولها عبر الهاتف. كتب الرجل رسالة مضمونها " لقد نخر السرطان عظامي وانتقل إلى سائر أحشائي، ولا أمل لي اليوم في العلاج، فاخترت أن أنهي حياتي المعذبة، واعتذر لكل أفراد أسرتي، عن هذا القرار الذي اتخذته اليوم وسيؤلمهم ويلحق بهم الضرر". وضع الثري القلم والورقة جانبا لينفذ الانتحار شنقا، فأنهى مسارا مهنيا حافلا طبع حياته المهنية والأسرية. فالرجل واحد من كبار الخبراء المحاسباتيين بأكادير، يعتمد عليه واحد من أهم الوزراء المغاربة في حكومة العثماني في قضايا الخبرة المالية الخاصة بأعماله. كما يتهافث عليه رجال مال وأعمال مشهورين بسوس وبخارجه، في إدارة أعمالهم، فتمكن من مراكمة ثروة كبيرة، غير أن المرض الخبيث واللعين، غير مجرى حياته، وغيبه جانبا عن زبنائه. يتحدر الرجل من تيزنيت، ويسكن بمدينة بيوكرى، متزوج من سيدتين، وله ثلاثة أبناء، اختار بيته الخاص بحي بوتشكات الذي تتخذه الاسرة للاستجمام بأكادير، لكي ينفذ قراره المؤلم. والمثير أن الرجل نفذ القرار فور عيادته لطبيبه الخاص به بأكادير، بعدما شعر بأن شعرة معاوية التي تربطه بالحياة توشك أن تنقطع لأن المرض نخر العظام وأتى على الأعضاء الحيوية بالبطن، وكان الرجل عاد مؤخرا من رحلة استشفاء من خارج المغرب، أجرى خلالها عدة فحوصات وعملية جراحية. الأسرة كانت دائما قلقة حيال الحالة النفسية المتدهورة للخبير المحاسباتي البالغ من العمر ستين سنة، فاتصلت به هاتفيا منتصف نهار يوم أمس لمعرفة أحواله. فكان لا يرد ولما ملت من معاودة الاتصال قررت ليلة نفس اليوم الانتقال إلى بيته بحي بوتشكات لتقف على المأسأة فاشعرت في حينه السلطات الأمنية وبأر من النيابة العامة بأكادير أحيلت جثته على مستودع الأموات بمستشفى الحسن الثاني لإخضاعها للتشريح، وتحديد أسباب الوفاة.