"رسبت في سنتي الأولى من البكالوريا ونجح صديقي عبد الله باها الذي توفي في حادثة القطار.. رحمة الله عليه.. كان رجلا طيبا..."، هكذا امتزجت المكاشفة بطرح جزئيات غير معلومة لكثير من المغاربة عن حياة رئيس حكومتهم. فبتلقائية غير معهودة، وبلغة تلامس جميع الشرائح، وتتغيى إيصال الخطاب التوجيهي لكل من اجتمعوا في القاعة الكبرى لإحدى المجموعات المدرسية الخصوصية بالدارالبيصاء، اختار رئيس الحكومة سعد الدين العثماني مخاطبة التلاميذ المشاركين في فعاليات الملتقى التوجيهي الذي نظمته مجموعة مدارس "إيلبيليا" في دورته السابعة، من المقبلين على اجتياز البكالوريا. العثماني الذي كان يلقي كلمة توجيهية أمام تلاميذ يتمدرسون في القطاعين العمومي والخاص، اختار التحذير من خصلة الغش الذي قال إنه صار صفة للعديد من التلاميذ ممن يعتبرون أنفسهم "مطورين". كما شارك الحاضرين بعض محطات مسيرته الدراسية، عندما قال "للإشارة أنا كررت البكالوريا". عند هذه اللحظة من بوح رئيس الحكومة عمت موجة من الضحك قاعة الملتقى، بعد أن شارك العثماني الحاضرين ضحكهم؛ ليفسر أن رسوبه في سنته الأولى من اجتياز امتحانات البكالوريا لم يكن نتيجة كسله، وإنما لانشغاله ب"السياسة" كما قال. وذكر الحاضرين أنه كان تلميذا مجتهدا يتابع دراسته بشعبة العلوم الرياضية، التي أخفق في نيل شهادة البكالوريا بها في سنتها الأولى، في الوقت الذي تمكن فيه صديقه في الدراسة، كما في الحياة السياسية وزير الدولة الراحل عبد الله باها، من النجاح.. ما جعل أسرته وزملاؤه في الدراسة يفاجؤون لرسوله. ولم تكن السياسة سببا في رسوب العثماني في سنته الأولى من البكالوريا، فقط، بل إنه ضيع سنتين من عمر مساره الدراسي في كلية الطب، كما قال، حيث كان الاعتقال سببا في تكراره للسنة الأولى، في الوقت الذي كانت سنته الموالية من الدراسة الجامعية "بيضاء" في عام عرفت فيه الكلية توقف الدراسة بها لأحداث معروفة. العثماني أكد في كلمته التوجيهية على التلاميذ أن يكونوا "طماعين في مجال العلم وفي القدرات العلمية، والكفاءة والقدرة على العمل"، مضيفا "تعلقوا دائما بالأحسن"، و"لا تكونوا طماعين في المال أو العقار أو السيارات"؛ لأن الأخيرة - كما قال رئيس الحكومة أمام التلاميذ - "أمور تحضر وتغيب". وقد ذكر العثماني التلاميذ بالاختيارات المتنوعة والمختلفة التي تقدمها الدراسات العليا للطلبة بالمغرب، ناصحا إياهم ب "اختيار الملائم لهم منها" وما "يجدون فيه أن"سهم"، و"يوافق مؤهلاتهم"، لكي يعطوا فيه أقسى ما عندهم، واصفا الاختيار بالطريق السيار الذي لا يمكن فيه الرجوع إلى الوراء، وإنما ينبغي انتظار أقرب نقطة خروج لمغادرته. واعتبر أن جميع الاختيارات في التعليم العالي يمكن أن تكون صائبة شريطة البحث عن النجاح بامتياز ، وتحصيل الخبرة والكفاءة، وليس الشهادة فقط. وقد أكد العثماني امام التلاميذ أن الشهادة، حتى وإن كانت عالية، فإنها في غياب الكفاءة والخبرة قد لا تسعف صاحبها في الحصول على عمل.