كان حكما "تاريخيا" في القضاء المغربي، استمر لمدة ثمانية أشهر، قبل أن تلغى البنوة استئنافيا بعد ثبوتها ابتدائيا، في أشهر ملف عرض على قضاء الأسرة بطنجة، لتحديد مصير مولودة من علاقة غير شرعية. وكانت هذه القضية قد أثارت اهتمام الرأي العام الوطني، حين اعتبر الحكم القاضي بثبوت البنوة من علاقة غير شرعية، الصادر عن المحكمة الابتدائية بطنجة (قسم قضاء الأسرة)، بتاريخ 30 يناير 2017، "سابقة" في تاريخ القضاء المغربي. وبعدما صفقت للحكم العديد من المنظمات النسائية والجمعيات الحقوقية، ساد الصمت مع بداية الأسبوع الجاري، بصدور حكم غرفة الأحوال الشخصية باستئنافية طنجة، يلغي الحكم الابتدائي. دفاع الأم المطالبة بإثبات بنوة مولودتها، اعتبر الحكم الاستئنافي "مخيبا للآمال"، بعدما ساد التفاؤل من خلال الحكم الابتدائي، في تمكين مثل حالات المولودة المعنية بهذه الدعوى، من حقهم في النسب، مؤكدا على أن "معركة ثبوت البنوة" ستتواصل بالمحطة المقبلة في محكمة النقض. وتعود وقائع هذا الملف، المثير للجدل، إلى شهر يونيو من عام 2016، حين تقدمت سيدة بدعوى أمام غرفة الأحوال الشخصية بقسم قضاء الأسرة بالمحكمة الابتدائية بطنجة، تعرض فيها بأنها أنجبت من المدعى عليه بنتا، وأنه يرفض إلحاق نسبها إليه، والتمست الحكم بثبوت بنوة البنت وإلزامه بأداء نفقتها منذ تاريخ ولادتها. وكانت هيئة المحكمة قد أصدت حكما، نهاية يناير الأخير، لصالح المدعية، من خلال قبول ثبوت بنوة المولودة للمدعى عليه، والحكم بأدائه تعويضا قدره 100 ألف درهم لفائدة المدعية، بعدما استندت الهيئة، وفق ما ورد في منطوق الحكم الابتدائي، إلى تفسير مفهوم البنوة من الناحية الشرعية، والتعليل بما تناولته المادة 142 من مدونة الأسرة، وكذا الفقرة الثالثة من الفصل 32 من دستور المملكة، وأيضا ما تضمنه تقرير الخبرة الطبية الجينية، التي أثبتت نسبها إليه، إلى جانب ما تنص عليه مجموعة من الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل.