عاد "الكينغ" محمد منير إلى تونس بعد 15 سنة من الغياب. وأطل على جمهوره في سهرة أمس الجمعة على ركح مهرجان الحمامات الدولي في دورته الثالثة والخمسين، بأسلوبه المعهود المتمرد عن بقية الفنانين: لباس بسيط وشعر منفوش مشعث ووقفة حازمة بيد على الخصر وأخرى تمسك بالمصدح وحركات عفوية على الركح. المسرح يعج بالمعجبين، والأهازيج والهتافات لم تتوقف سيما لما تأخر انطلاق العرض ب 15 دقيقة. استهل "الكينغ" حفله بأغنية وطنية هي "بلادي يا عرب" التي أطلقها سنة 2012، ثم حيى على إثرها تونس وثورتها وغنى "عل صوتك بالغنا" تلتها "أنا بعشق البحر" لما لهاتين الأغنيتين من دلالات عميقة في الانتصار للحريات ولإرادة الإنسان في الحياة والحب والسلام. رافقت محمد منير فرقة مؤلفة من ثمانية عازفين على آلات شرقية وغربية هي البندير والدربوكة والناي والباتري والطبل والقيتار والأورغ والساكسوفون، مشك لة ألحانا وإيقاعات جمعت بين الجاز والريغي والبوب. كما شكلت آلة الناي والساكسوفون مزيجا من الحزن والاحتفال وهما مصطلحان متناقضان للدلالة على الواقع العربي المأساوي، وهي في الآن ذاته دعوة للفرح للتغلب على قساوة الحياة والحد من هذه المعاناة الإنسانية. راوح الفنان المصري بين الأغاني الإيقاعية والهادئة، فأدى على مدى ساعة ونصف "يونس" و"الليلة يا سمراء" و"في عشق البنات" و"أنا قلبي مساكن شعبية" و"على مين" التي أطلقها إبان الثورة المصرية في 2011. وغنى محمد منير بطلب من الجمهور "سو يا سو" فتهاطلت عليه ورود الياسمين من كل صوب في المدر جات لما قال من كلمات هذه الأغنية "حبيبي عايز ياسمينة منين أجيب ياسمينة". استقبل جمهور الحمامات "الكينغ" بالحب بعد غياب طويل عن تونس ناهز 15 سنة. وعلا صوته بالغناء وبالحرية وبمآسي الفقراء. ولم يبخل على جمهوره بأداء الأغاني التي طلبوها رغم المرض وتقدمه في السن. وكانت رسالته للجمهور مفعمة بالصبر وروح الأمل وعدم اليأس.