"تعليمنا في خطر"، "الخطر يتربص بالمدرسة المغربية"، بهذا ختمت رئيسة الهيئة الوطنية للتقييم لدى المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، رحمة بورقية، تقرير الهيئة حول نتائج البرنامج الوطني لتقييم مكتسبات التلاميذ 2016. ونبهت رحمة بورقية إلى أن خلاصة نتائج هذا التقييم، تكشف "ضعفا كبيرا في مكتسبات التلاميذ والتلميذات المغاربة"، مما يؤشر على "الضعف الكبير في آداء المدرسة المغربية". وإذا كانت نتائج هذا البرنامج، التي تم تقديمها يوم الأربعاء فاتح مارس الجاري في ندوة صحافية بمقر المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي بالرباط، وشكلت نقطة عمل ضمن جدول أعمال الدورة الحادية عشر للمجلس، المنعقدة ما بين 27و28 فبراير 2017، (إذا كانت) تؤكد واقع حال معروف وأضحى من مسلمات المنظومة التربوية المغربية، فإنها نبهت إلى ضرورة "وإلزامية القيام بتعبئة وطنية كبرى لكل قوى المجتمع لوضع المدرسة فوق سكة الإصلاح قصد تحسين مستقبل الأجيال والبلاد" تقول بورقية في ختام عرضها. من جهته، اعتبر رئيس المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، عمر عزيمان، أن المؤشرات والمعطيات "الصادمة"، التي كشفت عنها نتائج البرنامج الوطني لتقييم مكتسبات التلامذة، ليس الهدف منها "صدم المجتمع والتلاميذ وأولياء أمورهم والرأي العام"، يقول عزيمان ، بل هي "حقائق وقف عليها عمل تشخيصي ضروري لواقع الحال ، وفق منهجية علمية موضوعية أبرزت حقائق صادمة ، والمبتغى هو التشخيص لأجل وضع الحلول لمعالجة النقائص وتجاوز المعيقات والاختلالات بما يخدم إصلاح المنظومة التربوية". وأضاف عمر عزيمان مؤكدا :"علما أن إصلاح المنظومة التربوية بكيفية جيدة يفرض تشخيصا حقيقيا وموضوعيا". وإلى ذلك، نبهت رحمة بورقية إلى أن ضعف مكتسبات التلاميذ بشكل عام وفي اللغتين العربية والفرنسية والرياضيات بشكل خاص وفق ما كشفت عنه نتائج البرنامج، يرهن القيمة الإشهادية للباكلوريا المغربية في المستقبل. ويهدف البرنامج الوطني لتقييم مكتسبات التلامذة، الذي هو آلية للتقييم تواكب تنزيل الرؤية الاستيراتيجية للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي 2015-2030، إلى تقييم مكتسبات تلامذة السنة الأولى من التعليم التأهيلي بعد استكمال 9 سنوات من التمدرس، ويخص الجذوع المشتركة الأربعة بالسلك الثانوي التأهيلي وهي الآداب والعلوم الإنسانية، والعلوم، والتكنولوجي، والتعليم الأصيل. ويستهدف البرنامج تقييم مواد اللغتين العربية والفرنسية والتاريخ والجغرافيا والعلوم الحياة والأرض والفيزياء والكيمياء. ويتطرق البرنامج إلى مجموعة من المميزات والعوامل المحددة كالمميزات السوسيو – ديمغرافية، والسوسيو-اجتماعية للتلاميذة ووسطهم الثقافي، وكذا المميزات المهنية للمدرسين والمدرسات، والمديرين والمديرات، فضلا عن تلك المتصلة بالمناخ المدرسي الذي يعم المؤسسات المدرسية. وقد شارك في هذه الدراسة 34109 تلميذ وتلميذة من التعليم العمومي والخصوصي، و4606 مدرس ومدرسة أجابوا عن أسئلة الاستمارة الخاصة بالأساتذة.
أبرز المعطيات "الصادمة" التي كشف عنها البرنامج الوطني لتقييم مكتسبات التلاميذ 98 في المائة من التلاميذ ينحدرون من أسر فقيرة كمعطى بارز يهم مميزات التلاميذ السوسيو – اجتماعية، كشفت الدراسة أن 98 منهم ينحدرون من أسر فقيرة وأسر متوسطة فيما لا تتعدى نسبة فئة التلاميذ المنحدرين من أسر ميسورة 2 في المائة. إذ أن آباء 6 في المائة التلاميذهم عاطلون عن العمل مقابل 88 في المائة من أمهاتهم، و17 في المائة من التلاميذ آباؤهم موظفون، و14 في المائة آباؤهم فلاحون، و13 آباؤهم تجار، و9 في المائة من التلاميذ آباؤهم متقاعدون، و5 في المائة منهم لايتوفر آباؤهم على عمل قار. هذا ولم يتمدرس ثلث آباء التلاميذ، فيما تجاوزت نسبة عدم تمدرس الأمهات النصف بتسجيلها 52 في المائة. وربع التلاميذ يقطنون سكنا غير لائق. ويستفيد 17 في المائة منهم من المنح في إطار الدعم الاجتماعي، الذي يستفيد منه التلاميذ، الذين انتقلوا من السلك الثانوي الإعدادي إلى الثانوي التأهيلي، والذين لا يتوفرون في مقر إقامتهم على مؤسسات ثانوية تأهيلية لمتابعة دراستهم، أو التلاميذ الذين وجهوا جذع مشترك في مؤسسة بعيدة عن مقر إقامتهم. وفي ما يتعلق بالمسار الدراسي، فثلاثة أرباع التلاميذ يتجاوز سنهم الخامسة عشر سنة ، أي أنهم تجاوزوا السن القانوني لهذا المستوى، حيث إن 38 في المائة منهم كرروا على الأقل مرة واحدة في مسارهم الدراسي. وفي ما يهم الدعم المدرسي، فكشفت الدراسة أن 22 في المائة من التلاميذ يستفيدون من الدعم المدرسي المؤدى عنه . إذ تحتل حصص الدعم الخصوصي في مادتي الرياضيات (22في المائة) والفيزياء والكيمياء (14في المائة) المرتبة الأولى، تليهما اللغة الفرنسية (10 في المائة)، ثم الإنجليزية (9 في المائة)، فمادة علوم الحياة والأرض (6 في المائة).
مكتسبات التلاميذ في العربية والفرنسية والرياضيات ضعيفة وفي ما يهم مكتسبات التلامذة، فقد كشفت الدراسة بالنسبة لتلاميذة الجدع المشترك "الآداب والعلوم الإنسانية" ضعفا عاما في مكتسباتهم، حيث إن تلاميذ التعليم العمومي لم يكتسبوا الكفايات اللغوية في كل من العربية والفرنسية المطلوبة في المنهاج الرسمي في حدها الأدنى. ويخص أدنى مستوى مسجل اللغة الفرنسية حيث لم يتجاوز وطنيا نسبة 23 من المائة من الأهداف المحققة في التعليم العمومي. ويسجل آداء تلامذة الجذع المشترك "آداب وعلوم إنسانية " في مادة الرياضيات معدلا ضعيفا، حيث لم يتجاوز معدل التحصيل 38 في المائة على المستوى الوطني. وبينت الدراسة أن تحصيل التلاميذ في مؤسسات القطاع الخاص والعام ضعيف مع بعض الفرق لصالح التعليم الخاص سيما في اللغة الفرنسية. وفي ما يتصل بالجذع المشترك "العلوم"، ووفق نتائج الدراسة، فقد حصل تلامذة الأقاليم الجنوبية على أعلى معدل تحصيل في اللغة العربية (51 في المائة)، مقابل أدنى نسبة لجهة الدارالبيضاء – سطات (43 في المائة). هذا فيما تم تسجيل معدلات تحصيل جد متدنية في اللغة الفرنسية حسب الجهات . وكشفت النتائج أنه لم ينجز بالتعليم العمومي إلا ثلث أهداف برنامج الرياضيات مقابل 39 في المائة من الأهداف المحققة في الفيزياء والكيمياء. وبشكل عام، كشفت نتائج الدراسة نقصا في مكتسبات التلامذة في اللغتين العربية والفرنسية والرياضيات . إذ جاءت نتائج معدلات المكتسبات اللغوية لكل الجذوع المشتركة أقل من المعدل، باستثناء الجذع المشترك "التكنولوجي" في اللغة العربية. هذا، وقد تم تسجيل نقص كبير في التعبير الكتابي في اللغة العربية لدى تلامذة الجذع المشترك الأدبي. ولم تصل نسبة تحصيل أغلب تلامذة الجذوع المشتركة "آداب وعلوم إنسانية"، و"علوم"، و"أصيل" إلى 33 في المائة بالنسبة للمكتسبات في اللغة الفرنسية. وقد سجل التلاميذ الأدبيون في كل المستويات المهارية والمجالات المعرفية في اللغة الفرنسية نتائج لا تتجاوز المعدل.