بدأت في برشلونة، الاثنين 6 فبراير2017، أول محاكمة كبرى مرتبطة بتنظيم استفتاء "غير قانوني" على استقلال كاتالونيا يخضع لها آرتور ماس الذي كان على رأس المقاطعة عند تنظيم التصويت في نوفمبر 2014. وعند افتتاح المحاكمة، هتف آلاف من المتظاهرين الكاتالونيين "فليسقط القضاء الإسباني". ودخل آرتور ماس رئيس كاتالونيا من 2010 إلى 2016، قاعة محكمة الاستئناف في كتالونيا، بتأخير نحو نصف ساعة عن الموعد المحدد. وقد سبقه آلاف من أنصاره انتشروا في شارع واسع على طول المبنى وهم يهتفون "استقلال استقلال" و"ليسقط القضاء الإسباني" و"نريد أن نصوت". ويمثل في هذه المحاكمة أيضاً عضوان سابقان في السلطة التنفيذية هما نائبة الرئيس السابقة خوانا أورتيغا والمسؤولة عن التعليم السابقة أيضاً إيريني ريغاو. وهم يحاكمون بتهمة تنظيم مشاورة لا قيمة قانونية لها شارك فيها 2,3 مليون شخص في التاسع من نوفمبر 2014. تصويت اعتبر غير شرعي يتهم القضاء هؤلاء المسؤولين الثلاثة بتجاهل الدستور الإسباني الذي علق في 04 نوفمبر2014 الاقتراع بعدما اعتبرته حكومة المحافظ ماريانو راخوي غير شرعي لأنه يمس بمسألة وحدة إسبانيا التي يفترض أن يناقشها كل الأسبان. لكن السلطة التنفيذية في كاتالونيا تجاهلت القرار وجندت متطوعين لتنظم الاستفتاء عبر موقع للإنترنت، ووضعت في التصرف مدارس وثانويات، ووزعت بطاقات اقتراع. كما وضعت في التصرف 7 آلاف جهاز كمبيوتر محمول لبث النتائج واحتسابها. وصباح التاسع من نوفمبر 2014، توجه الناخبون في كاتالونيا إلى مراكز الاقتراع الذي شارك فيه في نهاية المطاف 2,3 مليون من أصل 6 ملايين ناخب. وصوت 80% منهم مع استقلال المنطقة. وشكل هذا الاستفتاء عرضاً لقوة الانفصاليين الذين يطالبون منذ سنوات باستفتاء حقيقي مثل التصويت الذي جرى في إسكتلندا في 2014. لكن في نظر النيابة، فإن هذا الاستفتاء كان "عملَ عصيانٍ خطيراً" و"إخلالاً بالواجب"، وهي جنحة تعني العمل مع العلم الكامل بالمخالفة. ويدعو الاتهام إلى الحكم على ماس بالمنع من ممارسة أي وظيفة عامة أو شغل منصب بالانتخاب لعشر سنوات. وهو يأمل في فرض العقوبة نفسها على مساعدتيه لمدى 9 سنوات. ويؤكد الانفصاليون من جهتهم أن المحكمة وبمنعها هذا الاستفتاء الذي لا مفاعيل قانونية له، قامت بالمساس بحقوقهم الأساسية وخصوصاً حرية التعبير وحتى "الديمقراطية". وقال ماس الأحد إن "ما ندافع عنه هو قضية الديمقراطية"، مؤكداً أنه لن يتردد في إعادة تنظيمه. وقد وعد باللجوء إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان للدفاع عن نفسه. نزاع متصاعد يؤدي الدفاع عن خصوصية كاتالونيا، المنطقة ذات اللغة والثقافة الخاصتين بها، إلى توتر العلاقات مع مدريد منذ عقود. لكن النزاع تصاعد في السنوات الأخيرة. وتصاعدت حمى الاستقلال بعد 2010 عندما ألغت المحكمة الدستورية التي لجأ اليها المحافظون "الوضع" الذي منح لكاتالونيا في 2006 ويمنحها صلاحيات واسعة وصفة "أمة". ويؤكد الانفصاليون الذين يشكلون أغلبية في البرلمان المحلي بكاتالونيا منذ سبتمبر/أيلول 2015 أنهم سينظمون في سبتمبر على أبعد حد استفتاءً حقيقياً حول حق تقرير المصير، بموافقة مدريد أو بدونها. وهم يعدون بالانفصال إذا اختار الناخبون ذلك. وتقر حكومة ماريانو راخوي من جهتها أن "قضية كاتالونيا" هي أخطر تحد تواجهه إسبانيا في 2017. وهي تعول على الانتعاش الاقتصادي والاستثمار في البنى التحتية المحلية و"عملية حوار" أطلقتها نائبة رئيس الحكومة ثريا ساينز دي سانتاماريا من أجل "تطبيع" العلاقات. ورأى ماس أن هذه المحاكمة يمكن أن "تسرع" القضية بإظهارها كيف تنتهك الحكومة حقوق الكاتالونيين. وتم تخصيص عشرات الحافلات لنقل 40 ألف شخص سيتظاهرون دعماً لماس في جادة كبيرة مقابل المحكمة. وكان الرئيس الحالي لكاتالونيا الانفصالي كارلز بيغديمونت أكد لصحيفة "لافانغوارديا" أن "العد العكسي" للدولة الإسبانية في كاتالونيا بدأ.