من بحيرة مارشيكا بالناظور إلى قناة بنغالانيس بمدغشقر، مرورا بخليج كوكودي بكوت ديفوار، تتعدد وتتوالى المبادرات التي يتم إطلاقها من طرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس، وتتعمم وتتوسع من أجل تحقيق التنمية المستدامة المنشودة بالقارة الإفريقية. وعلى غرار باقي المشاريع المهيكلة الضخمة، مكنت المبادرة السامية لجلالة الملك الرامية إلى تأهيل وتثمين بحيرة مارشيكا بالناظور من استعادة هذا الموقع الطبيعي الهش لتوهجه، بعد أن عانى طويلا من اختلالات منظومته الإيكولوجية بفعل تدخل العامل البشري. ودفع نجاح هذه العملية على الصعيد الوطني، المملكة، إلى وضع الخبرة والتجربة التي راكمتها على مدى سنوات، والنابعة من رؤية ملكية متصبرة وطلائعية للنهوض بالمشاريع المهيكلة والمندمجة، رهن إشارة بلدان القارة الإفريقية. وشكل مشروع المحافظة على خليج كوكودي وتثمينه، من جهته، مناسبة مكنت الكفاءات والطاقات المغربية والإيفوارية من العمل سويا بهدف حماية البيئة وبلورة نموذج يحتدى للتنمية المستدامة بإفريقيا. وتعد هذه المشاريع ترجمة عملية وملموسة على أرض الواقع للرؤية الملكية، من خلال خارطة طريق تضع أسس شراكة جنوب-جنوب تعود بالنفع على جميع البلدان. وحسب سعيد زارو رئيس مجلس إدارة "مارشيكا ميد"، فإن الأمر يتعلق بنموذج ناجح للتنمية المشتركة، والذي سيتعزز ويتطور على الصعيد القاري بفضل الدعم الثابت والموصول لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، وذلك في إطار رؤية للتعاون جنوب-جنوب تنطلق من معطى مفاده أن إفريقيا تثق في إفريقيا. وأوضح زارو، في مؤتمر صحفي مشترك مع وزير التجهيز والأحوال الجوية الملغاشي رامانتوسوا رامارسيل بنجامينا، أن مشروع تثمين والمحافظة على قناة بانغالانيس يعد نموذجا ومثالا لإفريقيا دينامية وفاعلة. وأبرز أن الأمر يتعلق بمشروع مندمج سيتم إنجازه في إطار التعاون الوثيق مع الحكومة الملغاشية، ويشمل مكونات متعددة تهم، بالخصوص، البيئة والولوجيات والتنقل وتهيئة المجال، إلى جانب المجالات المائية والرسوبية. وأشار إلى أن مذكرة التفاهم التي تم توقيعها بين "مارشيكا ميد" والحكومة الملغاشية، تشكل اتفاقا من حيث المبدأ بين الطرفين من أجل الانطلاق في مقاربة شمولية بهدف إنجاز المشروع. من جهته، اعتبر وزير التجهيز والأحوال الجوية الملغاشي رامانتوسوا رامارسيل بنجامينا، أنه سيكون "لهذا المشروع العملاق، اعتبارا لطول القناة، انعكاسات إيجابية على المنطقة ومدغشقر بشكل عام". وأشار الوزير الملغاشي إلى أن هذا "المشروع الضخم" سيمكن المملكة المغربية من وضع خبرتها في مجال التهيئة المينائية والترابية وحفر القنوات والحفاظ على حركة الملاحة، رهن إشارة دولة مدغشقر. ويشمل هذا المشروع المهيكل عددا من المجالات التي تتعلق بحماية البيئة، واستدامة حركة الملاحة والتنمية المستدامة للساكنة المحلية. وحسب رامارسيل بنجامينا، فإن هذا المشروع الذي يشكل تجسيدا للتعاون جنوب – جنوب، سيمكن من تحديث هذه المنطقة، قائلا في هذا الصدد "إنه مشروع يحمل في طياته الحداثة والتنمية المستدامة، ما سيمكن البلدين من تعزيز أواصر التضامن والتعاون القائمة بينهما". وأشاد في هذا الإطار بالتقارب بين المملكة ومدغشقر، والذي يستمد قوته من الروابط التاريخية التي تجمع البلدين، مضيفا أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس، وعلى خطى جده المغفور له محمد الخامس، الذي تم نفيه إلى أنسيرابي سنة 1954، قدم إلى مدغشقر من أجل إطلاق شراكة جديدة جنوب-جنوب بين البلدين الإفريقيين الشقيقين. وقال "تعودنا دوما على اعتماد تعاون شمال – جنوب (…)، لكن اليوم ليس بوسعنا إلا أن نشيد بالدينامية الجديدة التي أطلقها قائدا البلدين". فبفضل هذه الإرادة المشتركة -يضيف الوزير الملغاشي- سيكون هناك تبادل للتكنولوجيات والخبرات والكفاءات في إطار مشروع يجسد جيدا قيم التضامن، التآزر والتعاون. وينبع هذا المشروع، الذي شكل موضوع مذكرة تفاهم وقعت تحت رئاسة صاحب الجلالة الملك محمد السادس وفخامة رئيس مدغشقر السيد هيري راجاناريمامبيانينا، من رؤية للتنمية الاقتصادية المستدامة للقناة وضفافها، فضلا عن منطقة تأثيرها.