نظم مؤخرا على امتداد الأيام الأربع لمهرجان أوروبا الشرق للفيلم الوثائقي ، الذي احتضن أنشطة دورته الرابعة المركز الثقافي الجديد أحمد بوكماخ بطنجة ، معرض لملصقات بعض الأفلام السينمائية الأوروبية والمغربية والمصرية القديمة وغيرها ، تم إنتاجها على مدى أربعين سنة من 1946 إلى 1987 ، وقام بتجميعها خلال ربع قرن من الزمان والحفاظ عليها مشكورا الأستاذ يونس الشيخ علي، المعروف بمبادراته الثقافية العديدة في المدينة (المقهى الثقافي " لحظات طنجة " نموذجا). وهذا المعرض ، الذي نتمنى أن يتكرس كتقليد في الدورات القادمة ، شكل إضافة نوعية للمعارض السابقة والحالية للمهرجان وجعلنا نتذكر العديد من الأفلام التي شاهدناها بالقاعات السينمائية المغربية وكان لطنجة حضور في بعضها ، كفضاء للتصوير الكلي أو الجزئي أو كمكون من مكونات عناوينها أو غير ذلك. هناك ملصقات أثارت انتباهي أكثر من غيرها ، بحكم اهتمامي بتاريخ السينما المغربية ، من بينها ملصق أول مهرجان سينمائي متخصص في السينما المتوسطية أقيم بقاعة المبروك بطنجة سنة 1968 وملصق الفيلم المغربي الذي شارك فيه أي " عندما يثمر النخيل " (1968) للمخرجين العربي بناني وعبد العزيز الرمضاني ، وخصوصا ملصق فيلم " طبيب بالعافية " (1955) من إخراج الفرنسي هنري جاك . و هذا الفيلم الأخير يمكن اعتباره إحدى البدايات الأولى ، بشكل من الأشكال ، للسينما المغربية على مستوى الأفلام الروائية الطويلة . اشتغل فيه قيدوم المخرجين السينمائيين المغاربة العربي بناني مساعدا في الإخراج إلى جانب اللبناني يوسف معلوف ، وساهم في وضع موسيقاه التصويرية الملحن المغربي عبد القادر الراشدي وشارك في تشخيص أدواره ، إلى جانب المصريين كمال الشناوي وأميرة أمير ومحمد التابعي ، ثلة من الممثلين المغاربة كالعربي الدغمي والطيب الصديقي والبشير لعلج ومحمد سعيد عفيفي وعبد الله شقرون وأمينة رشيد وحمادي عمور وعبد الرزاق حكم وحمادي التونسي وغيرهم ، وممثلين مغاربيين آخرين. فيلم " طبيب بالعافية " ، المقتبس سيناريوه من مسرحية لموليير بنفس العنوان ، والمصورة مشاهده الداخلية باستوديوهات السويسي بالرباط والخارجية بدار السلام وحدائق الوداية ، بتقنية السكوب وبالألوان ، إنتاج فرنسي مصري مغربي لبناني مشترك . وقد تم عرضه بالبلدان المغاربية وتوجد نسخة منه بأرشيف المركز السينمائي المغربي ، المساهم في إنتاجه . إن مدينة طنجة ، التي أصبحت في السنوات الأخيرة فضاء مناسبا لاحتضان المهرجانات السينمائية المختلفة ، مؤهلة أكثر من غيرها لحفظ ذاكرتنا السينمائية من التلف سواء عبر مثل هذا المعرض وغيره أو عبر خزانتها السينمائية (سينما الريف) ، التي أصدرت سنة 2011 ألبوما جامعا مانعا بأربع لغات (العربية والفرنسية والإسبانية والإنجليزية) يوثق لجوانب من ذاكرة طنجة السينمائية منذ ظهور أولى القاعات السينمائية بها في مطلع القرن العشرين. نتمنى أن تشتغل إدارة مهرجان أوروبا الشرق للفيلم الوثائقي على محور " الذاكرة السينمائية " لطنجة/المغرب وتعمل على توثيق جوانب منها بالصوت والصورة.