شكل موضوع سبل تنزيل مضامين الخطاب السامي الذي ألقاه صاحب الجلالة الملك محمد السادس بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من الولاية التشريعية العاشرة يوم 14 أكتوبر الماضي، محور لقاء دراسي الجمعة بالرباط. ويهدف اللقاء إلى التفكير في وضع خارطة طريق تحدد سبل تنزيل الإصلاح الإداري وإعداد تصور شامل ومتكامل وقابل للتنزيل تنبثق عنه مشاريع بناءة وخلاقة في انسجام كامل مع التوجيهات الملكية، وبحث كيفية تنزيل مضامين الخطاب الملكي ، الذي شكل منعطفا أساسيا في مسلسل تحديث الإدارة والنهوض بالوظيفة العمومية، إذ أنه يحتم إعادة النظر في المنهجية المعتمدة في هذا الشأن، سعيا إلى جعل الإدارة قادرة على الاستجابة لانتظارات المواطنين والمرتفقين . وفي كلمة بالمناسبة ، قال ادريس مرون، وزير التعمير وإعداد التراب الوطني، إن التحديث الإداري يعد من الشروط الأولية لتحقيق تنمية سياسية واقتصادية واجتماعية شاملة ومستدامة، كما أكد على ذلك صاحب الجلالة الملك محمد السادس حين ربط تقدم الأمم بالنجاعة الإدارية وجعل من هذه الأخيرة جوهر تحقيق التنمية. وأوضح مرون، الذي يتولى بالنيابة مهام الوزارة المنتدبة المكلفة بالوظيفة بالعمومية وتحديث الإدارة، أن الإصلاح الإداري "يشكل تحديا كبيرا في ظرفية تفرض علينا بكل قوة مضاعفة الجهود بغاية إنجاز الإصلاحات الضرورية لتقدم بلدنا وازدهاره"، مبرزا أن اللقاء يعد أولى المحطات للتفكير سويا ولتشخيص الوضعية الراهنة بالوظيفة العمومية، ولوضع خارطة طريق تحدد التوجهات الكبرى لورش تحديث الإدارة العمومية بالمغرب. وتطرق إلى التوجيهات الملكية السامية التي حددت أولويات الإصلاح الإداري في الموظف وآليات تتبع أدائه وتحفيزه ومحاسبته، وتبسيط المساطر الإدارية، وتحسين الاستقبال، وتعميم الإدارة الإلكترونية بطريقة مندمجة، وتحسين جودة التشريعات، ومعالجة الشكايات، وتعليل القرارات الإدارية، وإخراج ميثاق متقدم للاتمركز الإداري. وشدد على أن الإصلاح يعد ورشا مجتمعيا وأن إنجاحه يعد مسؤولية مشتركة على اختلاف مستوياتها، للنهوض بالإدارة وتطوير أدائها وضمان نجاعتها، وجعلها في صلب التقدم المنشود وأحد دعائمه الأساسية. واعتبر مرون أن الوزارة المعنية بقطاع الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة مطالبة بإعداد تصور شامل ومتكامل يحدد أولويات البرنامج الحكومي في هذا الشأن ويضع معالم إدارة تواكب تطلعات وانتظارات جميع المغاربة، مشيرا الى أن التوجه الذي "ينبغي أن نصوغه لورش التحديث الإداري يتعين أن يضع في مقدمة غاياته إحلال روابط الثقة وتعزيزها بين الإدارة والمواطن من جهة، وإرساء المناخ الملائم للمقاولة لتسريع وتيرة استقطاب الاستثمارات وتوظيفها للمساهمة في الجهود التنموية، من جهة أخرى". وأكد على أن رؤية التحديث والأوراش المفتوحة في إطارها ينبغي أن تهيء الأرضية الملائمة والآليات الضرورية لبلوغ الهدف الرئيسي المتمثل في رضى المواطن والمتعامل مع الإدارة، مستعرضا محاور العمل المستنبطة من التوجهات الملكية، وتهم على الخصوص ملاءمة ومواكبة التشريع لتطور الإدارة ولمقتضيات الدستور وللجهوية المتقدمة، وتقويم العقليات والسلوكات الفردية، وترسيخ مبادئ الحكامة وربط المسؤولية بالمحاسبة، بغية الارتقاء بالإدارة وتحسين خدماتها وجعلها في خدمة المواطن. يذكر أن جلالة الملك كان قد أكد في خطابه يوم 14 أكتوبر الماضي، على ضرورة تعزيز مسلسل الإصلاحات المهيكلة الشاملة والعميقة، الهادفة إلى إرساء أسس التدبير القائم على النتائج وتحسين جودة الخدمات المقدمة، ودعم اللا تمركز الإداري باعتباره أحد شروط نجاح الجهوية المتقدمة، من أجل خلق إدارة حديثة قادرة على الاستجابة لتطلعات وانتظارات المواطنين الملحة ، والمساهمة في تعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني والتنمية وتشجيع الاستثمار.