تتبعت كما تتبع الجميع التصريحات الأخيرة للأمينة العامة للاشتراكي الموحد نبيلة منيب، بدءا من هجومها على الياس العمري، إلى اتهامها لشباب حركة أمل بالتمخزين، و باستنساخ تجربة البام، بل وصلت الى حد تخيير مناضليها بين الانتماء للحزب و حركة مدنية تريد صنع الأمل بدعوى ارتباطات مشبوهة قد تكون لاعضاءها مع الياس العمري، من خلاله البام، مرورا بطردها لعضو من المكتب السياسي لأنه يجالس الياس العمري، دون أن يسلم الكاتب العام السابق ل'حشدت' من نفس التهمة و نفس القرار. لن أدخل في التحليل النفسي لصاحبة الخطاب، لأن الأمر يحتاج لمحللين مختصين، لكن بالعودة لمختلف خطابات نبيلة منيب منذ رحلة السويد إلى الآن و التي ستستمر إلى ما بعد الانتخابات خاصة اذا لم تحرز لائحتها الوطنية على العتبة المطلوبة للدخول لمجلس النواب، سيتأكد للمتتبع بأنها تعيش حالة فوبيا من البام، حتى أنها لا يمكن أن تتحدث الا و تثير بمناسبة أو غير مناسبة اسم هذا الحزب و أمينه العام، معللة ذلك بأنها تشكل الخط الثالث ما بين ما تسميه خط "الاصولية الدينية" و خط "الاصولية المخزنية"؛ و هو تحليل تستغله للهجوم على معارضيها داخل الحزب و خلق وهم مفزع لمناضليها و قواعدها من أن هناك من له رغبة في ابتلاع نبيلة منيب. شخصيا قد أتفهم هذا الاصرار في التهجم على الياس العمري سياسيا، في إطار الصراع السياسي، لكن أن يمتد هذا الهجوم الذي يمتح من خطاب يسراوي يخبئ عقلية ديكتاتورية حقيقية، إلى تبرير القضاء على كل الأصوات المعارضة داخل حزبها من الشبيبة الى الحزب الى المجتمع المدني، حتى تظل هذه السيدة لوحدها "أيقونة" الخط الثالث داخل المشهد السياسي، و تظل هي الوجه الأبرز نسائيا داخله، للوصول للبرلمان عن طريق اللائحة الوطنية للنساء، فهي لعبة لا تليق بمن يقدم نفسه مدافعا عن الخط الثالث، الذي لحدود اللحظة لم تقدم له أية ملامح عنه اللهم شعارات كبرى، قد يتبناها أي شخص دون الحاجة لأن يعلن عن نفسه بديلا لما هو موجود. نبيلة منيب باصرارها التحكمي داخل الحزب، كان عليها قبل أن تقدم نفسها بدلا عما هو موجود، أن تكون لها الجرأة في تقديم الحساب السياسي عن موقفها الذي فرضته على الحزب إبان حراك 20 فبراير، و ما بعده، خاصة مقاطعة الدستور و النقاش الذي فتح حوله، و صولا إلى مقاطعة الانتخابات التشريعية لسنة 2011، مرورا بالنتائج المخيبة التي حصدتها شخصيا في الانتخابات الجماعية التي لم تحصل فيها على العتبة، إلى اللحظة الحالية حيث تقود اللائحة الوطنية للنساء، أليس من حق الرأي العام عليها أن توضح له، و هي تعتبر نفسها خطا ثالثا، ما الذي تغير بين 2011 و 2016 حتى تختار المشاركة في الانتخابات التشريعية التي تجري تحت نفس الدستور، و تحت نفس الغطاء السياسي، و بنفس القواعد السياسية، بعد الدستور الذي قاطعته، و بعيد خمس سنوات على قرار مقاطعة الانتخابات؟؟ ما الذي تغير بل من الذي تغير و لم؟؟. عليها و هي تتقدم لهذه الانتخابات أن توضح للرأي العام، هذا التحول في الموقف القصير زمنيا ما بين لحظتين، خاصة و أن هذه الانتخابات هي امتداد زمني، سياسيا و دستوريا، لما رفضته نبيلة منيب بشكل كلي، فإما أن تحليلها لتلك اللحظة كان خاطئا و من شيم اليساريين أن يعلنوا عن نقد ذاتي علني، أو أن الأمينة العامة للحزب تريد جر حزبها تحت أية ظروف لتحقيق "مجد سياسي/انتخابي" يحسب لشخصها لا للحزب نفسه، لأن من يهمه تقوية مسار الحزب، لا يتحول الى ديكتاتوري يخون كل مختلف معه، بدءا من شباب الحزب صولا الى حركة مدنية، هذه الديكتاتورية لا يمكن أن تشكل بديلا عما هو موجود، و لا خطا تقدميا ثالثا، بل ستشكل خطا نكوصيا في تاريخ اليسار الديموقراطي المغربي، و خطا تحريفيا لمقولة و فكرة الخط الثالث نفسه. الخط الثالث لا يمكن أن يكون مجرد أداة لتخوين الذات و "تكفير" الآخر، و لا الى امتياز سياسي، على الأقل على مستوى الخطاب السياسي بعيدا عن الفعل الميداني كما حالتنا هاته، و لا الى ورقة اشهار "للتجارة" السياسية خاصة مع قرب الانتخابات، و لا الى مسحوق للتبييض السياسي و محاولة الظهور بمظهر النقاء، بقدر ما هو تصور واضح عن التصورات السياسية و الحزبية الموجودة، لا يكفي أن نقدم قراءة سياسية تقسم العالم الحزبي ببلادنا الى "فسطاطين"، "فسطاط العدالة و التنمية" و "فسطاط البام"، بل الأمر يحتاج الى إعمال الذكاء اليساري ذي البعد الديموقراطي، التقدمي المبني على التعايش، و قبول مختلف الأصوات داخليا قبل الخارجي منها، وصولا الى بناء برنامج اجتماعي يحقق العدالة؛ الديموقراطية، الحداثة، و إلى أن تقوم بما هو مطلوب منها، أنصحها بأن تغير من خطتها و أن تحترم ذكاءنا، خاصة و أنها مقبلة على انتخابات.