عشرات الشكايات حول التعذيب والاعتقال التعسفي في 2023 جلها مصيره الحفظ    هو الأول من نوعه على صعيد القارة.. المغرب يحتضن مكتبا إقليميا لمؤتمر لاهاي للقانون الدولي الخاص في إفريقيا    "البيجيدي" يطالب بتتبع تطبيق قانون حرية الأسعار وأثره على المواطنين    مراكش.. توقيف مشتبه به فار من الحراسة النظرية    أسبوع حافل من الأنشطة السياسية والديبلوماسية للكاتب الأول بالمكسيك    اضطراب الشراهة عند تناول الطعام: المرض النفسي الذي يحوله تجار المكملات الغذائية إلى سوق استهلاكي    طنجة تسجل 1.77 مليون ليلة مبيت سياحية في 2024 وتحافظ على مكانتها كوجهة رابعة وطنياً    نشرة إنذارية: تساقطات ثلجية وأمطار قوية وهبات رياح قوية مرتقبة من السبت إلى الإثنين    تعليق الدراسة يوم غد السبت باقليم الحسيمة بسبب سوء الأحوال الجوية    77 ألف مكالمة على خط التبليغ بالرشوة خلال 5 سنوات أفضت إلى ضبط 299 متورطا في حالة تلبس    استشارة حول تصنيف الوسائل التعليمية للفيزياء والكيمياء بالأقسام التحضيرية    المهندسة سليمة الناجي ل "رسالة 24": فلسفتي الهندسية تهدف إلى تعزيز العمارة المستدامة و الالتزام بحماية غنى التراث المغربي    الارتفاع ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    أول لقاء بينهما.. وزيرا خارجية المغرب وسوريا يجريان مباحثات بمكة    الولايات المتحدة تدرب 124 طيارا وعسكريا مغربيا على "الأباتشي"    النظام الجزائري ومصطلح "الشرقي": مخاوف اللص من انكشاف الحقيقة    حول المغرب الأركيولوجي ..    فعل التفلسف من خلال التمارين الفكرية كتحويل لنمط الوجود    تهافت التهافت من ابن رشد إلى عبث البيضة    الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي يثني على جهود المغرب في التنمية والاستقرار    المغرب يحصل على تمويل فرنسي لشراء قطارات فائقة السرعة    عزيز أخنوش يمدّ يديه إلى مجال الانتقال الطاقي    العثور على قنبلة من مخلفات الحرب العالمية الثانية في محطة قطارات في باريس    محكمة التحكيم تفرض على "الكاف" قبول ترشح صامويل إيتو لعضوية لجنته    الفن السابع المغربي يتألق في افتتاح مهرجان الفيلم الفرنكفوني بدبلن    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    صراع الوصافة يشتد بين الوداد والفتح والزمامرة والجيش    الاتحاد الأوروبي يستورد 841 طناً من زيت الزيتون المغربي    فرق الانقاذ تنتشل جثة الطفلة التي جرفتها السيول ببركان    الدوري الأوروبي.. فوز إعجازي للاتسيو وتعادل صعب للمان وهزيمة في آخر الأنفاس لبلباو    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    من إنقاذ الحرب إلى التواصل عبر "شياوهونغشو": كيف يبني الناس العاديون جسورًا بين الصين وأمريكا    مباحثات تجمع بوريطة بنظيره السوري    استمرار ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء بمدن الشمال    مقاصد الصيام.. من تحقيق التقوى إلى بناء التوازن الروحي والاجتماعي    دوري أبطال إفريقيا: الجيش الملكي يستقبل بيراميدز المصري بمكناس    توخيل يستقر على 55 لاعبا قبل الإعلان عن قائمة إنجلترا لتصفيات المونديال    سوريا.. عمليات تمشيط أمني واسعة بمحافظتي طرطوس واللاذقية إثر اشتباكات خلفت عشرات القتلى    مزيد من التوتر بين الجزائر وفرنسا بسبب مناورات عسكرية مشتركة مع المغرب    أمطار طوفانية تغرق مدن جهة الشرق.. ووفاة طفلة في بركان بسبب بالوعة للصرف الصحي    الصين تستضيف قمة منظمة شنغهاي للتعاون الخريف المقبل    نهضة الزمامرة ينفصل عن مدربه أمين بنهاشم بالتراضي رغم سلسلة نتائجه الجيدة    توقعات أحوال الطقس اليوم الجمعة    ترامب: أجرينا محادثات مع حركة "حماس" من أجل مساعدة إسرائيل (فيديو)    "مغاربة الليغا" يلتزمون بالصيام    نادي الوداد ينال 10 ملايين دولار    عسكريون أمريكيون: تزود المغرب بمروحيات "الأباتشي" يردع الإرهاب    فصل تلاوة القرآن الكريم في شهر رمضان    سكينة درابيل: يجذبني عشق المسرح    قصص رمضانية...قصة الصبر على البلاء (فيديو)    السمنة تهدد صحة المغاربة .. أرقام مقلقة ودعوات إلى إجراءات عاجلة    "مرجع ثقافي يصعب تعويضه".. وفاة ابن تطوان الأستاذ مالك بنونة    خبير يدعو إلى ضرورة أخذ الفئات المستهدفة للتلقيح تجنبا لعودة "بوحمرون"    وزارة الصحة : تسجيل انخفاض متواصل في حالات الإصابة ببوحمرون    عمرو خالد: 3 أمراض قلبية تمنع الهداية.. و3 صفات لرفقة النبي بالجنة    مسؤول يفسر أسباب انخفاض حالات الإصابة بفيروس الحصبة    عمرو خالد يكشف "ثلاثية الحماية" من خداع النفس لبلوغ الطمأنينة الروحية    في حضرة سيدنا رمضان.. هل يجوز صيام المسلم بنية التوبة عن ذنب اقترفه؟ (فيديو)    









ابن كيران و الشجاعة المزعومة
نشر في الأحداث المغربية يوم 12 - 08 - 2016

تحدث رئيس الحكومة و أمين عام حزب العدالة والتنمية أثناء خطاب له أمام شبيبة حزبه قائلا ان حزبه: «سينتصر في الانتخابات المقبلة، لأن هذه هي مصلحة البلد ومصلحة الدولة الرسمية التي يرأسها الملك محمد السادس وليس تلك التي لا ندري من أين تأتي قراراتها و تعييناتها».
إن من يقرأ هذا التصريح بإمعان يجده محملا عن قصد بعدة رسائل سياسية تستدعي الوقوف عندها ومناقشتها، باعتبارها صادرة من شخصية سياسية تترأس حكومة دستور 2011، وباعتبارها كذلك تأتي في سياق سياسي يتسم بالتحضير لاستحقاق ديمقراطي ينتظر منه المغاربة تعزيز المؤسسات الكفيلة بتعزيز الاستقرار و الوحدة الوطنية.
ونقترح قراءة هذا التصريح من خلال ثلاث مستويات أساسية:
أولا: هذا التصريح يربط فيه السيد رئيس الحكومة مصلحة البلاد و مصلحة الدولة الرسمية بفوز حزبه في الانتخابات المقبلة، وهو بهذا يدفعنا إلى فهم أن حزبه وفوزه بالانتخابات هو الوحيد الذي يجسد مصلحة الوطن.
إن احتكار تمثيلية مصلحة الوطن هي العنوان البارز لخطاب الديكتاتوريات، وهو المبدأ المؤسس للاستبداد. فبالإضافة إلى أن هذا النوع من الخطاب يذكرنا بذهنية الحزب الوحيد الذي يختزل مصلحة البلاد والعباد في المصلحة الأنانية لنخبه، فإنه كذلك خطاب يعادي التعددية ويهدد الديمقراطية ببحثه عن ذرائع ومسوغات تخرق قواعد اللعبة الديمقراطية وعدم قبول المنافسة الانتخابية الديمقراطية المفتوحة.
ثانيا: تحدث كذلك السيد رئيس الحكومة عن وجود دولتين في المغرب، دولة قال عنها يسيرها الملك، و أخرى قال إنه لا يعلم من أين تأتي قراراتها و تعييناتها.
إن إشاعة مثل هذا الخطاب ينطوي على مخاطر جمة، فهو يضعف مصداقية المؤسسات الدستورية و يميع الحياة السياسية في عيون وعي عموم المغاربة، مع العلم أن السيد ابن كيران لم يكن ليصل إلى سدة القرار الحكومي لو لا وجود هذه المؤسسات ونشاط هذه الحياة السياسية. كما أنه خطاب يهدد قوة مشروعية الدولة المغربية باعتبارها مؤسسة المؤسسات والضامنة للوحدة الوطنية، فالقول بوجود دولتين هو إشاعة البلبلة لدى المواطنين في علاقتهم مع المؤسسات و القوانين المؤطرة لها. ثم إنه خطاب يمضي بعيدا ليشكك في مدى قدرة مشروعية المؤسسة الملكية في بسط نفوذها و سياستها. إنه خطاب أراد أن يعادي الوحدة الوطنية التي تعطي الهيبة للدولة المغربية في أعين مواطنيها و خصومها على السواء.
* فكيف سيفهم العالم رئيسا لحكومة منبثقة من دستور ديمقراطي يدعي وجود دولتين داخل مجتمعه؟
* أية صورة يريد تقديمها السيد ابن كيران عن المغرب؟
* هل نحن في نوع من الحروب الأهلية حيث يقتسم المجتمع إلى سلط متحاربة فيما بينها؟
* هل يريد أن يقول لنا أن هناك مناطق و جهات في المملكة غير خاضعة لنفوذ القانون الوطني؟
هذه أسئلة و غيرها تصب جميعها في تكريس صورة مشوهة عن المغرب، في مرحلة ما أحوجنا فيها إلى رئيس حكومة موحد ومدرك لحجم المخاطر والمؤامرات التي يحيكها أعداء الوحدة الترابية، وكذلك التحديات التنموية التي تقتضي تعبئة كل القوى والطاقات في وحدة سياسية تتجسد في الدولة المغربية.
ثالثا: لا يكتفي السيد رئيس الحكومة بإلحاق الضرر بالوحدة الوطنية و مشروعية الدولة بالمغرب، بل يذهب إلى إلحاق الضرر بمصداقيته السياسية والأخلاقية كحزب سياسي وصل إلى سدة القرار الحكومي عن طريق الانتخابات.
فعندما يقر بوجود دولة ثانية لا يدري كرئيس حكومة من أين تأتي قراراتها وتعييناتها، فهو يدفعنا إلى مساءلته بخصوص شجاعته المزعومة، ولماذا خانته لمواجهة القرارات التي لا يعرف مصدرها ومن اتخذها؟
ومن المعلوم أن في جميع الحكومات بما فيها الديمقراطيات العريقة تواجه مجموعات ضغط ذات مصالح قد تكون فئوية و خاصة، لكن دور الحكومات يكمن في مدى قدرتها على تغليب المصلحة العامة وإبطال القرارات والممارسات غير القانونية. فبدل أن يتباكى أمامنا السيد رئيس الحكومة والتشدق بالإشاعات، كان لزوما عليه و هو صاحب الموقع الدستوري القوي، أن يجعل مصلحة المملكة المغربية فوق كل اعتبار، بمعنى أنه كان عليه أن يتصدى لخرق الشرعية إن وجدت أو يستقيل، أما أن يأكل من الصحن ويشتمه، فإنه يصبح في وضع الأضحوكة بدل الشجاعة التي يدعيها.
ثم إن إشاعة أكذوبة وجود ما يشبه دولتين لا يمكنه إلا أن ينال من حماس وعزيمة المغاربة في الانخراط في بناء مؤسساتهم الدستورية والديمقراطية، لأنه يزرع الشك و البلبلة حول هذه المؤسسات ومصداقيتها. هكذا نخلص أن رئيسا للحكومة يقوض أسس ودعائم الديمقراطية التي أوصلته إلى رئاسة الحكومة، فكيف لديمقراطية أن تتطور وتنمو كما يأملها الشعب المغربي وحزب سياسي لا يتردد ولا يخجل من تشويه صورتها وإضعاف فعاليتها وتسفيه مؤسساتها.
وفي الأخير نتساءل أمام حديث رئيس الحكومة عن اختزال مصلحة الوطن في فوز حزبه وعن وجود دولتان داخل مجتمع واحد، هل هو تشخيص موضوعي لواقع سياسي بالمغرب (وهو تشخيص من منظورنا يجانب الصواب)، أم هو أمنية قابعة في ذهنية أولئك الذين لا يعرفون غير خلق الفتن وتعميق الانشقاقات وزرع الشكوك في الوحدة الوطنية والاستقرار؟.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.