أن يطلق نشطاء "شارلي" في الأنترنيت المغربي حملة للمطالبة بالمزيد من الجهود الأمنية في الشارع المغربي ضد الجريمة أمر طيب ومقبول ويدخل في إطار المبادرات المدنية التي تتيحها مواقع التواصل الاجتماعي اليوم. لكن أن يتلقف آخرون المبادرة وأن تتحول المطالبة ب"زيرو جريمة"، مع أن "زيرو جريمة" هي مسألة مستحيلة في العالم بأسره اليوم إلى المطالبة بتطبيق حد قطع اليد وانتشال الآية القرآنية الكريمة من سياقاتها التاريخية، وإدخال المجتمع المغربي إلى دعشنة غير مقبولة، ومرفوضة من طرف الجميع، هنا يطرح السؤال نفسه: من يلعب بمن في مواقع التواصل الاجتماعي المغربية؟ أكثر من هذا عندما ينخرط محسوبون على الحزب الذي يقود التجربة الحكومية الحالية، أي العدالة والتنمية في الحملة، ويشرعون عبر "ماريشالات كتائبهم الإلكترونية" في تسفيه كل الجهود الأمنية المبذولة للقضاء على الجريمة في الشارع المغربي، تصبح الأشياء غير مفهومة، ويصبح الالتباس الانتخابي واضحا فيها، ويكون شرعيا القول إن رفض تسجيل الجيش الانتخابي الإلكتروني للبيجيدي في اللوائح لم يمر مرور الكرام، وأن الرد على هذا الرفض تم بطريقة أقل مايقال عنها إنها خبيثة، تستهدف وزارة الداخلية في الحكومة التي يقودها هذا الحزب نفسه، وتستهدف كل الجهود الأمنية التي يقول ابن كيران بنفسه إنه فخور بها، وإنه يعرف أن وراءها رجالا لا ينامون ليل نهار من أجل حماية المغرب والمغاربة.
لنعد التذكير ببعض البديهيات: محاربة الجريمة دور الأمن نعم، لكنه دور الأسرة، ودور المدرسة، ودور المؤسسة الحزبية، ودور منطمات المجتمع المدني، ودور الإعلام، ودور كل واحد فينا، والاكتفاء بإلقاء اللوم على جهة واحدة رغم كل ماتقوم به من مجهودات مشهود بها، والمطالبة بالمستحيل الذي لم يتحقق لا في أمريكا ولا في أوربا أي "صفر اعتداء" هو أمر يدخل في إطار "جنون انتخابوي" غير حميد كثيرا. نعم لحماية المغربية والمغربي في الشارع . نعم لمزيد من الجهود الأمنية لمحاربة الجريمة خصوصا في الأحياء الصعبة في مختلف مدننا وقرانا. نعم، لمزيد من التطوير المادي والمعنوي والعتادي لقوات أمننا في الشوارع. لا للعب بأمن الناس في حكايات انتخابوية فارغة. ولا للضرب تحت الحزام من أجل الانتخابات، ولا لتقليد اليمين المتطرف في الغرب الذي يلعب على التخويف من الجريمة لكي يستعدي المواطنين ضد الأجانب، ولكي يوصل مجتمعات مثل أمريكا إلى حدود المواجهة غير المقبولة مع رجال الأمن يجب أن نقولها بصراحة لأنها تعني أمن الناس العام: هذا المجهود الكبير والخرافي الذي يقوم به الأمن المغربي يجب أن يجد منا جميعا السند والتشجيع، لا التشويش والاختفاء وراء الحسابات الوهمية في الفيسبوك، لتصفية حسابات أخرى لا علاقة لها بأمن الناس حقا..