«حياة بريئة».. عمل تلفزي غير مسبوق من حيث موضوعه، تناول زواج القاصرات المنتشر في المغرب العميق بأسلوب فني راق، برع فيه المخرج مراد الخودي، رفقة الطاقم الفني والتقني المشارك فيه، والمنتظر بثه يوم الأحد ثالث يوليوز القادم على القناة الثانية. سيناريو قضية.. هذا هو الخط التحريري إن جاز هذا التعبير، وضعه المخرج والكاتب مراد الخودي لنفسه، وسيؤطر أعماله القادمة كما صرح لنا، لن يشتغل في أي فيلم تلفزي جديد، إلا إذا كانت بنيته التحتية نص مكتوب، يعالج قضية من قضايا المجتمع، هذا ما أمسى هاجسه حاليا وعلى هدى هذا المنطق سيسير، محاولا أن يلتقط أفكار ومواضيع قد يمر عليه العديدون دون أن ينتبهوا إليها «الأفكار كما نقول منتشرة على قارعة الطريق، لكن الأهم منها كيف تلتقط الفكرة الأصوب، وتقدمها في قالب فني ممتع فنيا وسرديا..» يضيف المخرج.
«حياة بريئة».. يحكي قصة الطفلة زهرة لم تتجاوز ربيعها 12، وجدت نفسها مضطرة في عمر الزنابق هذا، الخضوغ لنظام اجتماعي متوارث جيل بعد جيل، يزوج البنات القاصرات، وينظم لهن طقس زواج جماعي بدوار ولاد مبارك، زهرة قررت التمرد على هذا التقليد، ولاذت بالفرار في ليلة الحناء استعداد لإرغامها على الزواج، ولم يكن أمامها من ملجأ سوى اقتحام منزل هند (حفيظة باعدي) طبيبة القرية ليلا، آوتها عندها بعدما استمعت إلى مبرر هروبها من منزل والديها، انتشر بعدها خبر الاختفاء، وقام شيح القبيلة «الحاج عمر» باستنفار رجالها للبحث عنها، باءت كل محاولاتهم بالفشل، وتسارعت الأحداث قبل أن ترغم الطبيبة شيخ القبيلة على القبول بشرطها لإرجاع زهرة، وهو عدم تنظيم العرس الجماعي لعشر قاصرات، بيد أنه سيتراجع على اتفاقه معها، وهو ما دفع الطبيبة إلى الاتفاق مع لحبيب «حميد باسكيط»، إلى وضع خطة لتهريب كل القاصرات، ومعهن رقية والدة زهرة «سعيدة باعدي»، إذ فضلت الخروج عن صمتها، والتمرد ضد هذا الاغتصاب المشرعن الممارس ضد طفلات، لم ينضجن لا نفسيا ولا جسديا، وكانت واحدة من ضحاياه. «حياة بريئة»، تحس وأنت تشاهده أن هناك مجهودا كبيرا بذل على مستوى جميع مكوناته: الكتابة، التصوير، أداء الممثلين، التوضيب، بل تحس أن المنتج المنفذ لم يكن بخيلا ولا تعامل بمنطق مول الشكارة المهووس بالبحث عن أكبر هامش للربح، بل وضع رهن إشارة المخرج وطاقمه كل ما يتطلب «تقديم عمل يشرفنا جميعا ويشرف القناة الثانية»، يقول مراد الخودي. هل يكفي أن يثير فيلم تلفزي موضوعا مازال مطروحا عندنا في ما يسمى المغرب غير النافع لتحسيس قاطنيه بخطورة هذا الفعل؟ يجيب المخرج أن دوره كما دور كل المبدعين والمثقفين أن يستخدموا السلطة الكبيرة للتلفزيون لخلخلة مثل هذا الوضع، وتسليط الضوء في مرحلة أولى على بشاعة هذا الفعل، حينها تبقى كل المسؤولية على أطراف أخرى «نحن كسفراء للمشاهدين، ولدينا ثقة من طرفهم، وعلينا أن نكون على قدرهم، ونساهم بدورنا في طرح مثل هذه المشاكل..»، يوضح مراد الخودي.