ثلاث كلمات خطها زوج صدف محمود في رسالة، كانت كافية لقلب حياتها رأسا على عقب وانهاء خمس سنوات من الزواج، اذ كانت هذه الكلمات الثلاث "طلاق طلاق طلاق". تقول صدف وهي ام هندية لثلاثة اولاد لمراسل وكالة فرانس برس "اصبت بصدمة كبيرة..صحيح ان الخلافات وقعت سريعا بيننا، لكنها لم تكن شيئا كبيرا". وهذه السيدة المقيمة في مدينة بهوبال وسط الهند واحدة من ضحايا "طلاق الثلاث" في هذا البلد، اذ يعتقد بعض المسلمين ان التلفظ بهذه الكلمة ثلاث مرات واحيانا ارسالها عبر فيسبوك او واتساب، يكفي لوقوع طلاق بائن لا يمكن الرجوع عنه، رغم ان معظم المدارس الفقهية الاسلامية لا ترى وقوعه. وهذا الامر وان كان محظورا في معظم البلاد الاسلامية، الا انه ما زال ساريا في الهند. تقول صدف البالغة من العمر 31 عاما "وصلني كتاب الطلاق من دون انذار مسبق". وعلى غرار صدف، تروي شايارا بانو معاناتها بسبب هذا الطلاق "انا اتفهم ان تنتهي حياتي الزوجية، لكن يجب فعل شيء لمنع المعاناة عن نساء مسلمات اخريات يعانين مثلي". وهي تقدمت بشكوى الى المحكمة العليا للطعن في مشروعية التطليق النهائي بثلاث كلمات. – مواطنون من الدرجة الثانية – تطبق الاقليات الدينية التي يشكل المسلمون البالغ عددهم 155 مليونا، جزءا منها، قوانينها الخاصة في الاحوال الشخصية، وذلك ضمانا للحريات الدينية في بلد معظم سكانه من الهندوس. لكن عددا من النساء يرين ان قوانين الاحول الشخصية الاسلامية في الهند، والمستندة الى الشريعة الاسلامية، قد انقلبت على روحيتها، واصبحت اداة بيد الرجل تتيح له التخلي حين يشاء عن زوجته، وبشكل مفاجئ. وتقول سادية اختار التي تعمل في منظمة "بهاراتيا مسلم ماهيلا اندولان" المعنية في الدفاع عن حقوق النساء المسلمات "النساء يعاملن بشكل عام على انهن مواطنات من الدرجة الثانية في مجتمعنا، وهن ضحايا للتمييز على يد اولئك الذين يسيؤون تفسير الشريعة". وقد اظهرت دراسة اعدتها المنظمة العام الماضي ان معظم النساء يؤيدن الغاء الطلاق ثلاث مرات بثلاث كلمات. وتبين انه من بين اربعة الاف امرأة مطلقة كان عدد من عانين من طلاق الثلاث 500. وقد وقع خمسون الف مسلم عريضة اطلقتها المنظمة تدعو لحظر هذه الممارسات. وينص القرآن على ان طلاق الزوجين ثلاث مرات يستوجب انفصالهما نهائيا لاستحالة العيش معا، لكن البعض ما زال يبيح للرجل ان يطلق زوجته ثلاث مرات في ثلاث كلمات يلقيها مرة واحدة، وهو ما يشار اليه على انه يخالف روح النص. ويقول اختار الحق وصي استاذ الدراسات الاسلامية في الجامعة الملية الاسلامية في نيودلهي "طلاق الثلاث فقد جوهره، واصبح قانونا عشوائيا". ولذا تحظره دول اسلامية كثيرة، منها بنغلادش المجاورة. – مقاومة للتغيير – رغم كل ذلك، يتمسك بعض المسلمين بهذا القانون بداعي حماية الهوية الدينية للاقلية المسلمة. وبشكل خاص يتخوف البعض من ان يستفيد الهندوس المتشددون من طلب الغاء هذا القانون للانقضاض على الاحوال الشخصية للاقليات والمطالبة بالغائها. ويأتي هذا الخوف لدى الاقلية المسلمة وغيرها من الاقليات الدينية في الهند في ظل تصاعد التشدد الهندوسي، وهي ظاهرة اكتسبت زخما مع وصول رئيس الوزراء ناريندا مودي الى الحكم عام 2014. ومنذ ذلك الحين تعمل الحكومة ذات التوجه القومي الهندوسي على ابدال قوانين الاحوال الشخصية للاقليات الدينية بقوانين مدنية. يقول كمال فاروقي، وهو عضو في منظمة اسلامية نافذة، ان المسلمين لهم الحق في ان تحكمهم قوانين الشريعة الاسلامية "مهما كان الثمن". ويضيف "طلاق الثلاث مشكلة للمسلمين لكن تغيير القانون امر غير مقبول.. اننا نثني المسلمين عن الطلاق، وطلاق الثلاث لا ينبغي ان يعمل به". تروي شيستا علي وهي سيدة مقيمة ايضا في مدينة بهوبال طلقت طلاق الثلاث انها لجأت الى رجال الدين لمساعدتها في قضيتها، لكنهم وقفوا الى جانب عائلة زوجها. وتقول "لا يمكن ان نوقف الطلاق، ولكن يجب التوصل الى طريقة لجعل الرجال يفكرون مرتين قبل ان يقولوا للزوجة انت طالق طالق طالق".