عندما يتعلق الأمر بعلاج السرطان فإن الرحلة غالبا ما تكون طويلة ومؤلمة لكن تقنيات علاجية موازية حديثة جاءت لتخفف من هذا العبء. مركز الكندي للأنكولوجيا بالدار البيضاء اختار أن يوفر لمرضاه علاجا موازيا يدخل في إطار العلاج بالفن وتبادل الحديث وكذا العلاجات التجميلية. داخل قاعة العلاجات في مركز الكندي كانت النساء المصابات بالسرطان على موعد مع حصة علاجية خاصة. جميعهن كن متصلات بأنابيب العلاج الكيميائي لكن ما يخفف من هذه اللحظة العصيبة هو وجود داليا الاختصاصية في التجميل الاجتماعي. بينما يتسلل الدواء ببطء إلى جسم المريضة ترسم داليا بأصابعها الناعمة على وجه المريضة بفرشاة الماكياج لتنفض عنها شحوب المرض وترسم من جديد حدود حاجبيها اللذين فقدتهما جراء المرض. وبنفس النعومة تدلك يديها وتشذب أظافرها وتطليها وهي تتجاذب أطراف الحديث مع المريضات. «سعادة كبيرة نخلقها لدى المريضة وذويها الاهتمام هو كل ما يرجوه مريض السرطان إنهن بحاجة للمسات حانية بحاجة للاستماع بحاجة للظهور بمظهر أنيق...»، تشرح داليا. وتشتغل الاختصاصية في التجميل الاجتماعي بتشاور وتكامل مع الطاقم الطبي المعالج. وتتم تدخلاتها داخل غرفة المريض أو في قاعة العلاج الكيميائي. «بصراحة، هذه المهنة ممتعة جدا لأنه من السعادة الغامرة أن تجعل المرضى يبتسمون وينسون أحزانهم ولو لحين.» وبشراكة مع جمعية أميدار، أطلق مركز الكندي للأنكولوجيا أول «مجموعة تبادل الحديث» في الدار البيضاء لفائدة المرضى الذين يعانون من داء السرطان أو الذين تعافوا منه. وتدور حصص مجموعة الحديث التي أطلقت شهر ماي 2016 في سرية تامة وبدون أحكام مسبقة كل أيام الثلاثاء الأولى من الشهر ابتداء من الساعة الثالثة. وتوفر هذه الطريقة فضاء يمكن من التواصل بفعالية حول الصعوبات التي يواجهها يوميا الأشخاص المصابون بداء السرطان أو الذين شفوا منه، وتقاسم تجاربهم والخروج من حالة العزلة النفسية التي يمكن أن يسببها لهم داء السرطان. وتقوم بتنشيط المجموعة الكاتبة العامة لجمعية أميدار صفية زين العابدين، وهي معالجة شابة مختصة في العلاج الإشعاعي وعلى وشك إنهاء دراستها في العلاج النفسي. وتقول سيلفيا بينو مديرة العلاجات بمركز الكندي: «المجموعة فضاء للتواصل الحر بدون أحكام مسبقة ولا خوف ولا استحياء يمكن للمرضى أثناء الحصص التعبير عن اضطرابهم في مواجهة هذا المرض وكذلك عن واقعهم اليومي الذي يصبح بالنسبة للبعض منهم صراعا مريرا يخرجون منه أكثر قوة وعنفوانا». في الواقع، تحفز مجموعة المحادثة نشوء تآلف بين القوى والطاقات الإيجابية بحيث يقوم المعالجون المصاحبون بتصريفها في اتجاه تحرير المرضى من مخاوفهم والتقليل من هول داء السرطان. وهكذا لا يظل المريض وحده يصارع المرض إذ أن صراعه معه يشترك فيه مع الكثيرين من المرضى الآخرين وينسج معهم علاقات عبر قصص المعاناة التي يتقاسمهما معهم. وتضيف سيلفيا بينو: «أعتقد أن كل مجموعة تحمل هوية خاصة بها، لذلك ستكون لمجموعة التحدث التابعة لمركز الكندي للأنكولوجيا هويتها الخاصة بها التي ستعكس قيم مركزنا الذي رأت فيه النور». وفي نفس الإطار أيضا، لا يتوقف التكفل بالمريض المصاب بالسرطان داخل مركز الكندي عند تقديم الخدمات العلاجية، بل يوفر المركز مصاحبة تكميلية تسمى «علاجات الدعم» تقدم مجانا للمريض طيلة مراحل التكفل به بدءا من لحظة تشخيص المرض. وتأخذ هذه العلاجات في الاعتبار تبعات المرض وعلاجاته بغية مساعدة المصاب على العيش مع السرطان وتحسين جودة حياته ورفاهيته. لذلك يتعاون مهنيو الصحة والخدمات الشبه الصحية من مختلف التخصصات من أجل تلبية الاحتياجات الخاصة بكل مريض على حدة: إدارة الألم والعياء، التربية العلاجية للمريض بواسطة الاستشارات العلاجية، المصاحبة الاجتماعية بواسطة مجموعة حديث وكذلك عبر علاجات تجميلية. وتهدف هذه العلاجات التكميلية إلى الحفاظ على الجمالية الجسمانية: العناية بالوجه، العناية بالأظافر، ترطيب البشرة، التدليك. واسترجاع الصورة الأصلية والثقة في النفس. والاستفادة من النصائح: ماكياج تصحيحي، نصائح حول التجميل الجلدي، علاجات لبشرة الشعر، ارتداء الشال، معلومات عن الشعر المستعار. ومصاحبة المريض بعد التعافي من السرطان. وتشرح داليا الأمر قائلة: «بصورة عامة، أتمكن من تحسيس المرضى بضرورة الاعتناء بأنفسهم والنتيجة جيدة جدة لأنه بعد مرور الأيام يطلب المرضى أو أقاربهم مزيدا من العلاجات أو معلومات إضافية».