بعد ثلاثة اسابيع من الاعتداءات التي استهدفت بروكسل، وجدت وزيرة النقل البلجيكية الليبرالية الفرنكوفونية جاكلين غالان نفسها مضطرة الى تقديم استقالتها بعد ان اتهمتها المعارضة باهمال تقارير تحذر من "ثغرات خطيرة" في امن مطارات بلجيكا. وقدمت الوزيرة استقالتها الى الملك فيليب الذي قبلها، وفق بيان صدر عن القصر الملكي. وقالت خلال مؤتمر صحافي ان "الغموض المسرحي المدبر خلال الساعات الماضية يمنعني من مواصلة العمل على ملفاتي بهدوء". وبعد يومين من التوتر المتصاعد، قرر رئيس الوزراء شارل ميشيل، وهو ليبرالي وفرنكوفوني مثل غالان، التخلي عن الوزيرة التي واصل حتى وقت قريب دعمها رغم الاتهامات الموجهة اليها بعدم الكفاءة منذ بدأت الحكومة مهماتها في اكتوبر 2014. وخلال عامين شابتهما صعوبات في وزارة "النقل"، ارتكبت الوزيرة البالغة 42 عاما وتتمتع بشعبية كبيرة في منطقتها (فهي رئيسة بلدية جوربيز قرب مونس) ولا تملك اي خبرة وزارية، الكثير من الاخطاء، بينها ذلك المتعلق بالمبالغ التي تم ادخارها في قطاع السكك الحديد، فضلا عن منحها عقدا عاما لمكتب محاماة في ظروف مريبة، واعلانها عن طريق الخطأ التخلي عن شبكة النقل في محيط بروكسل وهو مشروع منتظر منذ اكثر من عشرين عاما. لكن بعد اقل من شهر على الاعتداءات في مطار بروكسل في 22 مارس ومحطة قطار الانفاق وادت الى سقوط 32 قتيلا، بات موقف الوزيرة الشابة التي تهوى الدراجات النارية غير قابل للدفاع عنه، بعد ان نفت تلقيها في عام 2015 تقريرا من المفوضية الاوروبية يشير الى وجود ثغرات في مجال الامن في المطارات البلجيكية. واعتبر التقرير الذي تلقت وكالة فرانس برس نسخة عنه، ان المعايير البلجيكية "غير مطابقة" في هذا المجال، لافتا الى "وجود ثغرات خطيرة". واوضح شارل ميشال صباح الخميس، ان اثنين من المسؤولين في المديرية العامة للنقل الجوي هما من تلقيا التقرير، وليس مكتب الوزيرة. لكن المدير الاداري في وزارتها لوران لودو الذي استقال من منصبه الخميس انتقد موقفها وناقض تصريحاتها. وشرح ان اجتماعا عقد في الوزارة في "27 مارس 2015 لمناقشة النتائج الاولية للتدقيق العائد الى المفوضية". واضاف "تمت احالة تقرير التدقيق الى مكتب" غالان في 29 حزيران/يونيو. وفي اعقاب هجمات يناير 2015 ضد مجلة شارلي ايبدو ومتجر يهودي في باريس، اجرى لودو ايضا تقريرين عن امن المطارات بمساعدة خبير مستقل. وكتب الخبير، وفق مقتطفات نشرتها صحيفة "لا ليبر بلجيك" "اذا كان التهديد بحدوث اعتداء افتراضيا الى حد بعيد في السابق، فان الوضع الدولي يتطلب منا النظر بعناية اكثر الى هذا الاحتمال. فحقيقة ان عشرة من موظفي مطار بروكسل يستطيعون الدخول الى مناطق حساسة من المطار تم التأكد من انهم اما توجهوا الى سوريا او ان لديهم النية للذهاب للقتال هناك. هذا الواقع يجب ان يشكل تحذيرا لنا". واكد لودو الذي كانت علاقته منذ وقت طويل متوترة جدا مع وزيرة النقل، احالة هذين التقريرين ايضا الى مكتب غالان. والجمعة اقر شارل ميشيل الذي واصل الدفاع عن وزيرته امام النواب، بانه "في نهاية الجلسة العامة" الخميس تم ابلاغه انه "خلافا لما قيل، فان جاكلين غالان ومكتبها تلقيا ملخصا عن تقرير المفوضية الاوروبية في حزيران/يونيو 2015″ . وهذا ما حدد مصير الوزيرة. ونددت غالان في مؤتمرها الصحافي ب"الحملة الاعلامية" التي استهدفتها وب"الامكانيات الهدامة" للمدير الاداري السابق في وزارتها، كما نددت ب"الالتباس الذي يهدف الى اظهار تراخيها" في مجال الامن.