وزارة الفلاحة منشغلة بإحصاء خسائر الموسم الفلاحي الحالي، لا حديث عن الإجراءات المزمع اتخاذها لمواجهة موسم دخل مرحلة الخطر الحقيقي، فالقلق تسرب إلى نفسية الفلاحين، والقطاعات التي تضررت بالفعل، هي الحبوب التي لن يصل محصولها إلى الرقم الذي تحقق في السنة الماضية، ومربو الماشية يعيشون التأثيرات من الآن بعد تأكد الانخفاض القوي في منتوج الشعير والأعلاف، فيما الخضروات والفواكه تأثرت بعنف الصقيع الذي ضرب البلاد، المؤمل فقط أن تمكن تساقطات محتملة من نجاة بعض المناطق التي لم تتضرر بالفعل بعد. التأمين على الأخطار غير كاف، والإجراءات الحكومية المعلن عنه لا تفي بالغرض، والمغرب مطالب باستراتيجية تخرجه من دورات الخوف المتكررة. الخسائر المباشرة تضرب قطاع الخضروات والحبوب والمواشي قبل أن تقدم وزارة الفلاحة إحصاءاتها الرسمية حول خسائر الموسم الفلاحي الحالي، تكون قطاعات متضررة قد أعلنت عن نفسها، فموجة البرد التي اجتاحت المغرب ستؤثر على مختلف الزراعات، سواء بشكل مباشر في الزراعات التي تم تزامن زرعها مع اكتساح الصقيع لمناطقها، كما هو الحال بالنسبة لزراعة البطاطس، أو المزروعات التي توقف نموها تحت تأثير البرد الشديد كما هو حال الحبوب، أوالذي تأثرت خلال جنيها كما هو الحال بالنسبة «للكليمونتين» الذي وصلت الخسارة فيه بحوض ملوية إلى 30 في المائة، ولم تسلم مزروعات البيوت البلاستيكية من التأثير. التأثير المباشر سيكون في قطاع الحبوب، إذ أصبح مستحيلا الوصول إلى 41 مليون قنطار التي تم تحقيقها في الموسم الماضي، فتأخر الأمطار أثر بشكل مباشر في هذه الزراعة، حيث لجأ عدد من الفلاحين في مجموعة من المناطق إلى إطلاق قطيعهم من الماشية والأبقار على المزروعات التي علاها الاصفرار، وبدا نموها مستحيلا. الجفاف الذي استمر لثلاثة أشهر سابقة سيكون إنتاج الخبز هو المتضررالأول منه، وإن كانت بصمته المباشرة على سعر الخبز مستبعدة لوجود دعم لهذه المادة، وللجوء المغرب إلى الاستيراد المستمر، حيث لجأت الحكومة إلى تمديد الترخيص باستيراد الحبوب حتى نهاية أبريل القادم، بالرغم من تأكيدات المكتب الوطني للحبوب بوجود احتياطي مطمئن. نفس الهواجس والتخوفات تأكدت لدى مربي المواشي الذين دقوا ناقوس الخطر خلال لقاء لهم بالدارالبيضاء ، واعتبروا أن تأخر التساقطات سيكون له الأثر السلبي البليغ ، فالانخفاض القوي الذي سيعرفه إنتاج الشعير سيؤثر بشكل مباشر في تغذية المواشي ، فالعديد من مناطق الشمال حيث تكثر تربية الماعز دقت ناقوس الخطر منذ مدة، بعد تضاعف أثمان الشعير وندرته بالأسواق، حيث وصل ثمن القنطار الواحد إلى 500درهم عند الاستيراد. موجة الصقيع أتلفت زراعات البطاطس وتوت الأرض والموز والأفوكا بمنطقة الغرب، وتكبد المزارعون خسائر فادحة بحوض ملوية وكيكو ومكناس، ولم تترك للفلاحين فرصة لجني ثمار جهدهم الذي استمر أكثر من ثلاثة أشهر من حرث الأرض، تم زرعها ومدها بالأسمدة اللازمة وصيانتها، حيث ذهب كل هذا الجهد أدراج الرياح بعد أن أتلف الصقيع مزروعاتهم بالكامل، ليعودوا إلى نقطة الصفر . بمنطقة مولاي بوسلهام والمناصرة وبنمنصور والشوافع، تكبد الفلاحون خسائر فادحة، كما امتدت هذه الأضرار إلى ضيعات البطاطس المتاخمة لإقليم العرائش، وكشف مزارعون من المنطقة، أن الزراعات الأكثر تضررا هي البطاطس التي تعرضت للتلف بنسبة مائة في المائة، فيما طالت موجة الصقيع أزهار توت الأرض بمنطقة وضيعات الموز والأفوكا تحت البيوت المحمية، لكن خسارة هذه الزراعات أقل من غيرها في منطقة المناصرة وبنمنصور ومولاي بوسلهام . المدير الجهوي للفلاحة بجهة الرباط، سلا، زمور، زعير سبق وأن قال، إن موجة الصقيع التي عرفتها الجهة خلال الأسابيع الماضية « تسببت في إلحاق الضرر ببعض الزراعات المبكرة المتعلقة خاصة بالخضراوات لا سيما البطاطس الخريفية». ما بين 600 و700 هكتار من مجموع 1200 هكتار مخصصة لزراعة البطاطس المبكرة أو ما يسمى بالبطاطس الخريفية بمناطق الصخيرات (400 هكتار) وتيفلت وسلا (أزيد من 200 هكتار)، قد تأثرت بموجة الصقيع التي شهدتها الجهة وذلك نتيجة تأخر الفلاحين في زراعة هذا النوع من البطاطس خلال شهر أكتوبر ليتم جنيه في يناير. تأخر الفلاحين في زراعة هذه البطاطس إلى أواخر شهر دجنبر الماضي جعل فترة نضجها تتزامن مع موجة الصقيع مما تسبب في إلحاق الضرر بها . الإجراءات التي وضعتها مديرية الفلاحة لمواجهة موجة الصقيع بالجهة تحددت في قيام المديرية بإحداث لجنة مهمتها الوقوف ميدانيا على الأضرار التي لحقت بالمحاصيل الزراعية نتيجة موجة الصقيع التي تعرفها الجهة ودعم الفلاحين الأكثر تضررا من هذه الموجة. كما تم تسطير ثلاثة مستويات من الدعم منذ بداية الموسم الفلاحي، يتمثل الأول في تأطير الفلاحين وإرشادهم وتحسيسهم بأهمية استعمال المبيدات لمحاربة الأعشاب الضارة، وكذا استعمال الأسمدة لاسيما الأزوتية منها من أجل محاربة الطفيليات، وتم توزيع 73 ألفا و512 قنطارا من الأسمدة على الفلاحين بالجهة، أي بزيادة 26 في المائة مقارنة مع السنة الماضية. الدعم الثاني فيتمثل في خفض أثمنة المبيدات ضد الطفيليات والأعشاب الضارة، فيما يتمثل الدعم الثالث في التأمين على المخاطر الفلاحية. وكان بلاغ لوزارة الفلاحة والصيد البحري، قد أكد أن موجة الصقيع التي عرفها المغرب خلال الأسابيع الماضية قد تسببت في إلحاق الضرر ببعض الزراعات المبكرة في بعض جهات المملكة، خاصة بجهتي الغرب واللوكوس وبدرجة أقل جهة الرباط – سلا – زمور – زعير. وأشار البلاغ إلى أن الحكومة، وبعد جرد الحصيلة النهائية، ستعمل على اتخاذ الإجراءات اللازمة من أجل دعم الفلاحين المتضررين، مؤكدا أن الوزارة ستراقب عن كثب تطور حالة الزراعات بسبب موجة الصقيع، التي قد تخفض من وتيرة نمو الزراعات، خاصة الهشة منها. إجراء التأمين على الأخطار تجاوزها واقع القطاع حين أعطى عزيز أخنوش وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية انطلاقة الموسم الفلاحي 2011 – 2012، من فاس، استعرض مجموعة الإجراءات التي ستتخذها الوزارة، خلال هذا الموسم. وقدم أخنوش، في البداية، حصيلة موسم 2010 –2011، التي اعتبرها إيجابية، من خلال المحصول الذي فاق 84 مليون قنطار، واعتبر أن الكميات المسوقة من الحبوب على الصعيد الوطني وصلت إلى 18.4 مليون قنطار، وتوقع أن تصل هذه الكميات عند انتهاء فترة التسويق إلى 24 مليون قنطار، كما قدم محاصيل النشاطات الفلاحية الأخرى. ومن أهم الإجراءات التي كشف عنها أخنوش النظام الجديد للتأمين، إذ وقعت الوزارة مع وزارة الاقتصاد والمالية والتعاضدية الفلاحية المغربية للتأمين، اتفاقية من أجل اعتماد تأمين متعدد المخاطر بالنسبة إلى الظروف المناخية الأكثر ضررا على النشاط الفلاحي، وستدعم الدولة اكتتاب الفلاحين، إذ لن تتعدى مساهمتهم 26 درهما للهكتار. وسيطبق نظام التأمين الجديد على مساحة 300 ألف هكتار في مختلف أنحاء المغرب، وسيشمل زراعات الذرة والقطاني، إضافة إلى القمح الصلب والقمح الطري والشعير، وذلك ضد أهم المخاطر المناخية، مثل الجفاف، والبرد والصقيع والرياح القوية والرملية، وركود المياه في الحقول. وبالرغم من هذا الإجراء، ظل عدد من الفلاحين يشتكون من محدودية هذا التأمين، سواء على المساحات المعنية به، أو بالنسبة لنوعية الزراعات المعنية به، فهو لن يهم سوى 300 ألف هكتار تشمل مزروعات القطاني والذرة، إلى جانب الشعير والقمح الصلب والطري على الصعيد الوطني، في حين أن المساحة المخصصة لزراعة الحبوب وحدها تناهز 5 ملايين هكتار، وإذا أضيفت إليها الأراضي المزروعة بمنتوجات القطاني والذرة سترتفع المساحة إلى أزيد من 6 ملايين هكتار، وهو ما يجعل الإجراء محدود الأثر. اليوم يوجد القطاع في وضعية حرجة، وما ينتظره الفلاحون من الوزارة تخصيصا، ومن الحكومة عموما، هو الإعلان عن إجراءات أكثر شمولية، لمساعدة القطاع أولا، وللتخفيف من آثار الأزمة على المواطنين، سواء على صعيد الخضر والفواكه أو الحبوب، أو اللحوم. من المؤكد أن تأثير الفلاحة على حياة المغاربة عميقة، وبالتالي فالإجراءات يجب أن تتجاوز اختصاصات وزارة الفلاحة لتهم، قطاعات أخرى معنية بالتسويق والتوزيع، ويوجد على رأس الآفات التي يكتوي منها المواطن محاربة المضاربة التي ترهق السوق وقاصديها. الفلاحة بالمغرب في حاجة إلى تجاوز دورة التخوفات «أشتا صبي صبي را أولادك في قبي..» هي واحدة من العبارات التي ظل الأطفال في تخوم البلاد المتعطشة لقطرات الغيث، يرددونها بحماس مع أول الغيث، والعبارات في مجملها تحيل على ترحيب سعيد بأمطار الخير، وتستدعي كنيات ومجازات استدعاء قطرات الرحمة لتبلل حالة اليبس التي تعم البلاد، وتطرد شبح القنوط. أمطار الخير في المغرب، ترتبط رأسا بقطاع يعتبر المغاربة أنه الأساس في تحديد الشكل العام للسنة، بغض النظر عن ترتيبه في سلم الدخل القومي، وهو الاعتبار الذي يفرض على المسؤولين استحضاره في تدبيره، سواء على صعيد التخطيط الخاص به، أو بالرعاية المطلوبة للمنتسبين إليه. لكن بالرجوع إلى ما يحدث عند كل موسم فلاحي، تظهر العديد من الثغرات، لعل أخطرها أن يترك القطاع لتلاعبات المضاربين، فالوضع لا يحتمل أن تضاف إلى معاناة الفلاحين ثقوبا أخرى تدخل اليأس والقنوط لنفسية الفلاحين. صحيح أن هناك العديد من الاجراءات التي تم اتخاذها لتوفير شروط النجاح للموسم الفلاحي الحالي، من أهمها كان الإعلان عن تأمين المخاطر عن سوء الظروف المناخية وتوفير البذور بأسعار في متناول المنتجين إلى جانب حزمة من الإجراءات التي جاء بها مخطط المغرب الأخضر. إجراءات اعتبرها البعض مهمة، وكان لها انعكاس على الميزانية العمومية، ولهذا وجب التعامل معها بعقلانية. دون أن تحجب تجاوزات ترتبط بسلوكات المضاربة والمحسوبية والتوزيع غير العادل، أحيانا في الكميات، وأحايين أخرى في تعقد بعض المساطر الإدارية التي تتطلب تجنيد المزيد من آليات المراقبة للحد منها. وقبل انتظارات المواطنين لسقوط الأمطار، هناك إجراءات ضرورية تجعل استقبالها يتم في ظروف جيدة، وإن كانت الدولة دخلت في مسلسل يهدف إلى تحسين ظروف تهييء المواسم الفلاحية من سنة إلى أخرى. فإن اقتناء البذور والأسمدة من العوامل الرئيسية التي تلعب دورا مهما في تحديد مصير الموسم الفلاحي. فالإجراء الذي اتخذته الدولة، والذي يضمن توفير مليون و300 ألف قنطار من البذور المختارة بأثمنة مناسبة، مع الاحتفاظ على الأثمان العادية للأسمدة، خلف أثرا كبيرا في نفوس الفلاحين، باعتبار أنه شكل إجراء متميزا، كان له انعكاس إيجابي على وفرة هذه المواد بأسعار جد مشجعة مقارنة بالأثمان الرائجة في الأسواق. وإذا كان البعض يرى أن الأمور لا تسير كلها على ما يرام، لأنه كيفما كانت الإجراءات، وكيفما كانت ظروف تهييء الموسم فلا يمكن أن نتجنب بالكامل بعض المعيقات التي تعترض السير العادي للموسم، خاصة وأن السوق حرة وخاضعة لقانون العرض والطلب وأيضا لتدخل بعض الوسطاء، فإن البعض الآخر يلقي باللوم على الحكومة التي يجب أن تتعامل مع القطاع بأولوية، عوض التحجج بتحرير السوق، فهذا القطاع الحيوي أكبر من أن يترك لمعادلة العرض والطلب... المغاربة صلوا صلاة الاستسقاء، ورئيس حكومتهم أجهش بالبكاء، لكن ترجمة هذا الإحساس لا زال متعثرا، لأن القطاع الفلاحي بالمغرب والذي أكدت جل الدراسات أن الرهان فيه على الأمطار وحدها يصعب من تحقيقه للنقلة النوعية. فالإحصائيات تدل على أن هذاالموسم مثلا، يعرف نقصا وتأخرا في التساقطات المطرية مقارنة مع ما هو معتاد. إلى حدود أوائل نونبر تم تسجيل 36 ملم كمعدل عام، بينما عرف الموسم المنصرم في نفس التاريخ 47 ملم، فيما المواسم العادية تصل إلى 65 ملم. المعدل العام الذي عرفه هذا الموسم شمل مجمل المناطق رغم تفاوته بين الشمال 80 إلي 90 ملم، والغرب 40 ملم، ومنطقة سايس 70 ملم، والساحل الأطلسي 40 إلى 50 ملم وتادلة 50 ملم، والحوز 22 ملم. وبعيدا عن لغة الأرقام، فالمغرب يوجد في منطقة تتميز بالتقلبات المناخية، وكل موسم فلاحي له ميزته الخاصة،حيث عاش المغرب مواسم فلاحية عرفت تأخرا في الأمطار، لكن في المقابل كانت الحصيلة إيجابية والعكس صحيح. على العموم، فإن التساقطات المطرية المبكرة لها دورها في الرفع من معنويات الفلاح وتوفير الوقت الكافي للاستعداد وتهيئ التربة، لكن النتيجة تبقى مرتبطة أكثر بكمية الأمطار ومدى توزيعها الزمني وتطابقها مع الحاجيات المائية للزراعة طوال الموسم. القنوط إذا لا محل له، لو توفرت الإرادة لجعل الاستثمار في القطاع الفلاحي أولوية، توفر لها كل شروط النجاح، سواء على مستوى تبسيط شروطه، ومحو العقلية البيروقراطية فيه، ووأد الفساد الذي يجعل الفلاحين عرضة للابتزاز حتى يطمئن المستثمرون أن المغامرة في القطاع ليست نهاية مؤلمة بالضرورة. اقتصاد الماء ضرورة لمواجهة أخطار المستقبل في كل سنة فلاحية تعود نفس الهواجس النمطية للظهور، ومن بينها ضرورة نهج سياسة مائية في المجال الفلاحي ببلدنا تأخذ بعين الاعتبار ندرة الموارد المائية والسرعة الهائلة التي يزداد الطلب عليها بكثرة، فنسبة جد هامة من الأراضي الفلاحية المسقية تسقى بنظام الري الجد البدائي (irrigation gravitair تقدر ب 80 % من المساحات المسقية، وتنتج 55 % من مجموع الإنتاج. فنظام السقي البدائي يساهم في تبذير كمية جد هامة من المياه تصل إلى أكثر من 8000 م3 في الهكتار الواحد، ونسبة هذه الأراضي المسقية تستهلك من المياه ما بين 80 % إلى 90 % من الاحتياط الإجمالي للمياه.. فالاختلالات البيئية والتقلبات المناخية والجوية ناتجة عن الانحباس الحراري وانبعات الغازات، والأسباب الرئيسية التي أدت إلى هذه التحولات هي الصناعات الثقيلة لدى الدول العظمى والتي تشكل نسبة التلوث البيئي فيها 99 %، أما معدل التلوث في الدول النامية وبعض الدول المنبتقة لا يتجاوز 1 % على الأقل، مما يساهم في رفع درجة حرارة الأرض وخاصة في السنوات القادمة، إلى أكثر من ثلاث درجات ونصف حرارية، مما ينتج عنها تبخر مياه السقي بسرعة متهورة (Evapotranspiration) وتقليص نسبة المياه السطحية والعميقة، ولا قدر الله سيشكل ذلك خطرا على النمو الاقتصادي لعدة دول وخاصة السائرة في طريق النمو ومن ضمنها المغرب. هذا الوضع قد يتحول إلى آفة من آفات القرن، وسيؤثر سلبا على عيش سكان الدولة المذكورة، مما يفرض اتخاذ التدابير الناجعة لترشيد المياه والمحافظة عليها من الضياع سواء في الحواضر أو البوادي، من خلال إعادة استعمال مياه الأمطار والاستفادة منها في سقي الحدائق خاصة في المدن الجديدة. تدعيم السدود لتعميق اختيارات المغرب الاستراتجية التي اختارها منذ زمان، وذلك من خلال بناء خمسة سدود على الأقل في العشر سنوات المقبلة لأنها تلعب أدوارا طلائعية في تخزين المياه ومد المدن والبوادي بالمياه الصالحة للشرب ومياه السقي وتساعد على تمويل الفرشات المائية منها السطحية والعميقة، لأن نسبة المساحة المسقية، من هذه الفرشات تقدر ب 45 %، كما تصل نسبة المساحات المسقية بأنظمة الري الحديث إلى حوالي، 20% من مجمل الأراضي المسقية وهي كالآتي : 11 % بالتنقيط و9% بالرشاش وتمثل 45 % من الإنتاج من مجموع الأراضي المسقية، وتقدر بمليون ومائة وستون ألف هكتار. حث وإرشاد المزارعين باستبدال السقي البدائي بأنظمة الري الحديثة، تشكل أولوية، ينضاف إليها تدعيمهم برفع سقف الإعانات المخصصة لهذا الغرض ب 100 % من كلفة المشروع وتتمثل في حفر الآبار وانتقاء جميع آليات الري بالتنقيط والرشاش. والمضخات وبناء الصهاريج لتخزين المياه وخاصة في المناطق التابعة لمكاتب الاستثمار الفلاحي والاقتصاد على المياه من الهدر المفرط. هذه الصهاريج تساعد على مد المزروعات بالأسمدة الآزوتية وبعض الأدوية والمواد العضوية داخل مياه السقي وتخزين مياه السقي لعدة ساعات وأكثر نجاعة، والاستفادة من مياه الأمطار الراكدة في البحيرات والبركات المائية قصد ري الأراضي المجاورة وإصلاحها، حيث تصبح قادرة على الحفاظ على هذه المياه من الضياع والتبخر، أما داخل المساحات المسقية والتابعة لمكاتب الاستثمار الفلاحي . كما يتوجب القيام بدراسات رزينة لكل المشاريع وتطبيقها على أرض الواقع لاختيار أنواع أنظمة الري الملائمة وأخذ كل المعايير المذكورة بعين الاعتبار وبرمجة الخيارات الأفضل ومراعاة نوعية التربة والتضاريس وبأقل كلفة جد اقتصادية. فقد أثبتت الدراسات العالمية أن الحل الوحيد والناجع والمتمثل في مشاريع الري للموارد المائية المتوفرة هو اللجوء إلى استخدام أنظمة الري الحديثة، وتحويل كل المشاريع التي هي قائمة على استخدام الري التقليدي، والتي لا يزيد كفاءة عن 50% ويسيء لهدر كثير للمياه، وتصميم المشاريع الجديدة لاستخدام أنظمة الري الحديث والتي تزيد كفاءتها عن 90% مما يساعدنا على القضاء على الري التقليدي ودراسة جميع المشاريع أعلاه وأخذ المعايير المذكورة بعين الاعتبار وتطبيق الخيار الأفضل بأقل كلفة جد اقتصادية وتمكننا من رفع هامش الأرباح عند المزارعين. ميزات الري الحديث : 1) الري بالتنقيط : • لا يحتاج المساحات المزروعة والمتساوية ويمكن استخدامها في الأراضي ذات التضاريس الجد مائلة ويساعدنا على الاستغناء على الممرات الحقلية ومصاريف المياه مما يزيد في المساحة المزروعة. • يمكن حل هذه الأنظمة وإضافة الأسمدة والأدوية ومحسنات التربة ضمن مياه الري والاقتصاد عليها وتوزيعها بشكل منتظم إسهاما منها في توفير اليد العاملة ذات التكلفة العالية. • تحد من التعرية مقارنة مع الري السطحي (أي البدائي لعدم حدوث جريان مياه السقي) • رغم الكلفة الجد باهظة لهذه الأنظمة فهي تزيد في كمية الإنتاج بوفرة. • تقلل من نمو الأعشاب الضارة والتخلص منها بالتعشيش والحرث. 3 أسئلة إلى : محمد السعيدي مدير الكونفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية الوضعية جد مقلقة وقطاعات تضررت بالفعل ما هو انطباعكم حول الموسم الفلاحي الحالي؟. الآن نحن في وضعية مقلقة، فبعد حوالي ثلاثة أشهر من غياب الأمطار أصبح الوضع يزداد قتامة، وإذا ما استمرت الأحوال الجوية على ما هي عليه، سنكون أمام موسم جاف، فإضافة إلى تأخر الأمطار عاش القطاع لفترة مهمة موجة من الصقيع والبرد أثرت بشكل كبير علي بعض المنتوجات الفلاحية خصوصا البطاطيس، إضافة إلى التأثير غير المباشر على قطاع تربية المواشي . الوضعية إذا آخذة في التأزم ، ونشعر بأننا نعود إلى سنوات الثمانينات فالسنة يمكن أن تكون صعبة، لكن نتمنى أن تكون هناك أمطار في القريب العاجل، لتتمكن بعض المناطق التي لم تتضرر من إنقاذ جزء من الموسم الفلاحي الحالي. إزاء هذه الوضعية، يتم الحديث عن قضية التأمين عن الأخطار التي تم الاعلان عنها، هل ترونها كافية لطمأنة الفلاحين؟. على العموم نظام التأمين بالنسبة للقطاع جد مهم، لكن ما يوجد اليوم هو أن نسبة التأمين على الأخطار لم تشمل سوى مساحات محدودة ، لا تتعدى 320 ألف هكتار، أي بنسبة 6 في المائة، وهو رقم كافي لإظهار الخصاص في هذا المجال، فالمؤكد هو أن التأمين بالنسبة للفلاح سيخلق نوعا من الطمأنينة مع تكرار الأخطار التي تهدد الفلاحة، ليس فقط في السنوات القليلة الأمطار، بل كذلك في حالة السنوات المطرة، خلال حدوث فيضانات مثلا. لكن ألا يمكن الخروج من دورة التخوف التي يعيشها الفلاح كل سنة؟. من الصعب الحديث عن وجود ما يخرجنا من هذه الدورة، فإضافة للتقلبات المناخية التي بدأت تضرب العالم كله، والتي يصعب توقعها، حيث وجدت الدول النامية كفرنسا مثلا، نفسها في مواجهة هذا المإزق المناخي، إضافة إلى ذلك فإن المغرب الذي يعتمد في فلاحته علي جزء مسقي يعاني اليوم من تراجع كميات المياه المتوفرة، فالمغرب انتقل من 2500 متر مكعب للفرد الواحد، إلى 900 حاليا ومن المؤكد، أن التراجع سيستمر، وقد ندخل في فترات الجفاف المستمر، والمطلوب اليوم هو أن يجتهد الجميع لتدبير ما يوجد لدينا من مياه لتحقيق أكبر منتوج. المخطط الأخضر جاء بأفكار مهمة في هذا المجال ، لكن ما هو مطلوب من بلادنا كبير جدا، يرتبط بالتدبير كما يرتبط بالتخليق والتربية، لكي نتغلب على صعوبات جمة تنتظرنا.