من روسيا جاءت العودة بعد أشهر من الغياب. فجأة ظهر الحارس الشخصي للملك مقتربا من محيط جلالته وسط برد موسكو القارس في مهمته المعتادة. غياب أثار أكثر من تساؤل خصوصا وأن الجعايدي ظل في موقعه منذ بداية العهد الجديد. تناسل الشائعات غير المؤكدة أعطى للغياب أبعادا أكثر مما يحتمل في الحقيقة، ووحدها ظلت صفحات الإعجاب به على المواقع الاجتماعية غير مقتنعة بما يروج له ومصرة على عودته في الزمان والمكان المناسبين. في هولندا التي يزورها الملك في زيارة خاصة هذه الأيام، اضطلع الجعايدي بأكثر من دور، فقد كان عليه التوفيق بين الحراسة المقربة وتلبية رغبات المواطنين المغاربة المقيمين في هذا البلد الأروربي في أخذ صور تذكارية مع جلالة الملك. لكن هل لعودة الجعايدي علاقة بما وقع للموكب الملكي بالرباط حين تعرض مهاجر مغربي سابق في اسبانيا للسيارة الملكية متجاوزا بذلك كل إجراءات الحماية والأمن المفروضة عليها، ومحاولا عرض شكواه الشخصية على عاهل البلاد ؟ ليس هناك من إمكانية لتأكيد أو نفي الخبر، خصوصا وأن بلاغا صريحا للمديرية العامة للأمن الوطني صدر في يناير الماضي، كان قد أكد على أن خبر استبعاد الجعايدي من الحراسة المقربة لعاهل البلاد ليس سوى إشاعة غذتها بعض المنابر الإعلامية عن خطأ. غير أن الربط بين الحدثين ليس مستبعدا خصوصا وأن حدثا مماثلا لم يقع في وجود الحارس الشخصي للملك منذ اضطلاعه بهذه المهمة سنة 1999 . ولعل شخصية عبد العزيز الجعايدي هي الأكثر إثارة للإعجاب والاحترام والتقدير، والفضول أيضا، في محيط الملك محمد السادس بعد الملك. الشاب الذي اكتشفه المغاربة على شاشة التلفزيون عشية وفاة الملك الراحل الحسن الثاني، مقتربا من الملك ‘‘الجديد‘‘ الشاب محمد السادس ، تحول إلى شخص ذو متابعة كبيرة من كافة أفراد الشعب المغربي، الذين غالبهم الفضول في التعرف على هويته. زاد من هذا الاهتمام مظهر الجعايدي المختلف عن سابق الحراس الشخصيين للملوك المغاربة. وجه ‘‘ سينمائي ‘‘ بقسمات وسيمة وطول فارع كان لا بد أن يستأثر بالاهتمام وسط انتباه المغاربة للتفاصيل المحيطة بملكهم. ومع ذلك فقد ظل ضابط الأمن السابق، سؤالا غامضا على ألسنة الجماهير، وزاد في هذا الغموض السرية الكبيرة التي تضرب حول شخصه وحياته. وهو أمر يشترك فيه كل حراس الملوك والرؤساء في العالم، الذين قدر لهم الظهور الدائم في محيط هؤلاء الشخصيات ولكن المكوث في الظل لطبيعة دورهم الحيوي والهام. ازداد عبد العزيز الجعايدي، الحارس الشخصي لجلالة الملك محمد السادس في 10 أكتوبر 1967 بمراكش. وحاز على دبلوم البكالوريا شعبة العلوم التجريبية بميزة جيد، ثم دبلوم الدراسات الجامعية قسم البيولوجيا والجيولوجيا بعد ذلك بسنتين. خلال فترة الدراسة الثانوية أو الجامعية، عرف عن الجعيدي تميزه في الألعاب الرياضية ومشاركته في عدة أنواع رياضية لعل أهمها كرة السلة التي أجادها حين كان لاعبا في صفوف الكوكب المراكشي لكرة السلة و قبلها في الألعاب المدرسية، و بما أن قامته كانت تتيح له فرصة التحكم في فضاء "تحت السلة". كان أساتذة السيد الجعايدي يتنبؤون بمستقبل مهني بعيدا عن أمن القصر، فالفتى كان مجتهدا حريصا على الظفر بشهاة الباكالوريا بتقدير جيد في شعبة العلوم التجريبية، بفضل تمكنه من التوفيق بين الدراسة و الرياضة، سواء لعبة كرة السلة أو فنون الحرب. وضد كل التوقعات التحق السيد الجعايدي بأكاديمية الشرطة بالقنيطرة، و بعد تخرجه التحق بمديرية أمن القصور الملكية، و أضحى الحارس الشخصي لولي العهد سيدي محمد . مباشرة بعد وفاة الحسن الثاني رحمه الله، أزيح ابن مدينته محمد المديوري من منصبه ليصبح الحارس الشخصي للملك محمد السادس. الجعايدي ظل عاشقا لكرة السلة حريصا على متابعة مباريات الدوري الإحترافي الأمريكي لهذه اللعبة. يقول رفاق دربه إنه تمكن من تسجيل نقط كثيرة في سلة حياته، و بقفزة هوائية كما يفعل نجوم السلة الأمريكيين تمكن من الصعود في سلالم السلطة من ضابط إلى والي أمن في ظرف لا يتجاوز العقد من الزمن. في زمن تكنولوجيا الاتصالات، قد لا يجد الباحث عن توثيق مهمات عبد العزيز الجعايدي كثير العناء للتزود بكل ما يحتاجه من وثائق وصور ومقاطع فيديو، فقط عبر المرور من صفحات المواقع الاجتماعية المخصصة له، الرسمية منها والشعبية التي يشرف عليها شبان لا تربطهم أية علاقة بالجعايدي نفسه. صور ومقاطع فيديو تعود إلى بداية عهد صاحب الجلالة محمد السادس في الملك وتوثق لحله وترحاله، و دوره في في حماية ملك المغرب. عبر الصور ومقاطع الفيديو المحملة من هنا وهناك، يشارك آلاف المغاربة إعجابهم بالحارس الشخصي للملك مع بعضهم، لدرجة الحميمة والاقتراب الكبير. عبارات الحب والاعجاب تصل أحيانا حدود الغزل البسيط والبريء خصوصا من الجنس اللطيف، الذي بدون شك ، يرى في عبد العزيز التجسيد الكامل لمعاني الرجولة والبطولة والقوة والوسامة. ومن بين عشرات الصفحات الالكترونية التي تختص بالمتابعة الدقيقة لحارس ملك البلاد، تحوز صفحة " عبد العزيز الجعايدي – الحارس الشخصي لصاحب الجلالة الملك محمد السادس" على ما يقارب السبعين الف "جيم" ما يجعلها واحدة من أكبر الصفحات متابعة على الصعيد الوطني إلى جانب صفحات كبار الساسة والفنانين والرياضيين. باقي صفحات حارس الملك على الشبكة الاجتماعية، لا تصل إلى هذا العدد من المعجبين لكنها تجمع جيمات كثيرة، وتعاليق أكثر. عبد العزيز الجعايدي يثير في المغاربة من الإعجاب والاحترام أكثر مما تثيره كل شخصيات محيط القصر، وفيه تتلخص كل معاني خوفهم على عاهلهم ورغبتهم في أن يكون دائما بأحسن حال وأفضل صورة. وهي صورة مشتركة، يسقطها المغاربة على ملكهم… وظله ‘‘الجعايدي‘‘ .