من لا يعرف عبد الواحد التطواني يعرف أنه من رواد الأغنية المغربية فقط بالإضافة إلى نزر يسير من المعلومات تروي شذرات بسيطة من حياة ومشوار هذا الفنان. لكن من يعرفه جيدا، يعلم أن عبد الواحد التطواني كان أول من غنى في التلفزة المغربية في أول بث حي ومباشر في العام 1962 . الصدفة فقط كانت وراء هذا السبق . فقد حضر الفنان الشاب آنذاك، عن عمر لا يناهز الثامنة عشرة لمسرح محمد الخامس ( التلفزيون المغربي ابتدأ بثه من مسرح محمد الخامس ) في نفس الوقت الذي كانت فيه الحاجة الحمداوية تستعد لتقديم وصلتها الغنائية. تأخر بعض أفراد فرقتها في الوصول، حتم على القائمين على التلفزيون تقديم فقرة مستعجلة واستثنائية. أمام حيرة الجميع، طلبت الحاجة الحمداوية ‘‘ الي كانت كتحكم فداك الزمان ‘‘ من الأعضاء الحاضرين عزف مقطوعة ‘‘ علاش يا غزالي ‘‘ للمعطي بنقاسم، على أن يغنيها الشاب المتواجد في تلك اللحظة : عبد الواحد التطواني. بذلك يدخل التطواني تاريخ الفن والتلفزيون المغربي كأول من غنى مباشرة على المغاربة . عبد الواحد التطواني، لمن لا يعرفه أيضا، هو أول من غنى في أوبيريت في تاريخ الفن المغربي . أوبريت ‘‘ بناة الوطن ‘‘ كتبها أحمد الطيب العلج و أخرجها فريد بنمبارك، وكانت من ألحان كبيري التلحين العربي الكوكبي و محمد بن عبد السلام، ومن بطولة عبد الواحد التطوانيو أحمد الطيب العلج و محمد حسن الجندي و عزيز موهوب و بهيجة إدريس و اسماعيل أحمد و محمد الإدريسي وقدمت للتلفزيون سنة 1967 . الحس الفني لعبد الواحد التطواني لم يقتصر على الغناء أو التلحين، بل شارك في مسرحيات غنائية وعادية، كمسرحية ‘‘ شجرة الاوفياء ‘‘مع الفرقة الوطنية لمسرح محمد الخامس، و مسرحية ‘‘ الأبطال ‘‘ ، ثم مسرحية ‘‘ هبل تربح ‘‘ مع فرقة النخيل المراكشية. عبد الواحد التطواني، ولد في تطوان في 12 مارس 1944 لقب ‘‘ كنار المغرب ‘‘ و ‘‘ مطرب الملوك‘‘ من والد حلاق عسكري بالحرس الخليفي لمدينة تطوان، وإسمه الحقيقي عبد الواحد كريكش. ترعرع الفنان عبد الواحد التطواني في جو موسيقي فوالده كان يحيي مرة كل أسبوع أمسية موسيقية للطرب الأندلسي والموسيقى العربية وكان يردد مع والده مقطوعات للشيخ أبو العلا ،سلامة الحجازي ،الشيخ حنطور، أمين الحسنين ،صلاح عبد الحي عبده السروجي، السيد درويش أم كلثوم وكامل الخلعي وغيرهم … تولى تكوينه الموسيقي الأولي الفنان عبد السلام السعيدي و الفنان سلام الدريدب والفنان أحمد الشنتوف بالمعهد الموسيقي لتطوان، و عرف بمدينة تطوان بلقب ‘‘ الفنان الصغير‘‘ لاشتغاله في إحياء حفلات الأعراس مع أساتذة ومشايخ الموسيقى الأندلسية كأحمد الدريدب و محمد القفل وسلام الدريدب، و لعب ملهى ‘‘ الديك الذهبي‘‘ الذي كان يديره الفنان سليم الهلالي دوراا في كبير في صقل موهبته الفنية، ليجد نفسه مؤهلا للتعامل مع أكبر الملحنين في تاريخ الأغنية المغربية كعبد القادر الراشدي، محمد بن عبد السلام، العربي الكوكبي، عبد الله عصامي، لحبيب الإدريسي، محمد صادقي مكوار، عبد الرفيق الشنكيطي، محمد بلخياط … وغيرهم من الملحنين المغاربة الكبار ، وكذالك مع مجموعة كبيرة من الشعراء المغاربة والزجالين كالمرحوم أحمد الطيب لعلج، فتح الله المغاري، علي الحداني، مصطفى بغداد، جمال الدين بنشقرون، محمد شهرمان، عمر التلباني وغيرهم. عايش عبد الواحد التطواني كل الأجواق الرسمية الوطنية باستثناء الجوق الجهوي للدار البيضاء الذي سجل له فقط بعض الأغاني. في سنة 1960 التحق بالجوق الوطني للإذاعة و التلفزة المغربية، ثم مارس ضمن أعضاء جوق إذاعة طنجة مع الراحل عبد القادر الراشدي، ومالبث أن انتقل إلى جوقي فاس ومكناس الجهويين وفي 3 مارس 1968 التحق كمطرب بالجوق الملكي بأمر من الملك الراحل الحسن الثاني، وكان المطرب المغربي الوحيد الذي حضر أحداث محاولة الإنقلاب الفاشل سنة 1971 بالصخيرات. كملحن غنى لعبد الواحد التطواني ثلة من كبار المطربين والمطربات المغاربة من أجيال مختلفة نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر كسعاد محمد ونادية أيوب، فاطمة مقدادي، أمال عبد القادر، حياة الإدريسي، محمد علي، نزهة الشعباوي، البشير عبده، عزيزة ملاك، رشيدة طلال … عبد الواحد التطواني في بيته رسام وطباخ ماهر ومبدع ‘‘ بريكولاج ‘‘ من الطراز الرفيع، وهي صورة لا يقدم نفسه بها إلا للمقربين. أبناءه السبعة يتذكرون عبد الواحد الوالد الذي كان ينقص سروايلهم الطويلة ويعيد خياطتها لتكون على المقاس. يتذكرون أيضا كيف كان مصرا على إصلاح كل ما يعطل الأجهزة الالكترونية وغيرها في البيت، لدرجة أن عمال الصيانة والإصلاح نادرا ما ولجوا بيت عبد الواحد التطواني. في البيت أيضا، يقضي عبد الواحد التطواني وقتا كبيرا أمام لوحاته، يرسم فيها بإحساس الفنان كل ما يجول في خاطره، من معاني إنسانية وفلسفية وكونية . تكريم عبد الواحد التطواني من طرف الإذاعة الوطنية التي كان له فيها سبق كبير، استدراك لنسيان طاله السنوات الأخيرة. علنا نفهم أخيرا الدرس ونستوعب قيمة الكبار الذين مازالوا بيننا قبل أن يفوت الأوان . تواريخ مهمة: 1944 : الولادة بتطوان 1960 : الالتحاق بالجوق الوطني للإذاعة 1962 : أول من غنى مباشرة على التلفزيون المغربي 1967 : المشاركة في أول أوبريت مغربية ‘‘ بناة الوطن ‘‘ 1998 : المشاركة في مسرحية ‘‘هبل تربح‘‘ مع فرقة النخيل المراكشية