قال محمد الدرويش رئيس مؤسسة فكر للتنمية والثقافة والعلوم وعضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي إن قراءة الوثيقة الدستورية وفهم محتوياتها وتأويل مقتضياتها هي قضية طرحها دستور 2011، في العديد من اللحظات السياسية والمؤسساتية، «الأمر الذي يطرح ضرورة إبراز المبادئ الكلية والأسس القانونية التي ينبغي أن تستند إليها القراءة الدستورية ويقوم عليها أي تفسير أو تأويل للدستور أثناء الممارسة». وكان الدرويش يتحدث خلال الندوة الوطنية التي نظمتها مؤسسته يوم الأربعاء الماضي بالمكتبة الوطنية حول «سنوات من تطبيق الدستور 2011 – 2016: الحصيلة والآفاق»، مبرزا أن هاته الندوة تأتي مساهمة من المؤسسة في «تسليط الضوء على مساحة زمنية هامة من تطبيق الدستور بدءا من سنة 2011 وإلى غاية السنة التي نعيشها اليوم مارس (2016)، مستحضرين اللحظات المشرقة وفي نفس الآن اللحظات الصعبة التي رافقت تطبيق المقتضيات الدستورية». وأيضا لمناقشة الحصيلة، و«تبادل الآراء والمواقف في المستقبل الذي نريده لمجتمعنا وسياستنا وثقافتنا والأفق الجماعي الذي يمكن استشرافه دستوريا وسياسيا خدمة للديمقراطية وقيم المواطنة والحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية». وذكر الدرويش في كلمته الافتتاحية بالسياق الخاص الذي توسعت فيه «النقاشات الدستورية لتشمل التوجهات الحكومية ومواقف المعارضة مما دفع المجلس الدستوري في أحيان كثيرة إلى إصدار قرارات حاسمة في وضع أسس تطبيق معين للدستور، لم يلق دائماً صدى إيجابيا من قبل الفاعلين السياسيين والمتتبعين بمن فيهم الباحثين الأكاديميين». كما استعرض رئيس مؤسسة فكر للتنمية والثقافة والعلوم مختلف المراحل التي قطعتها البلاد للوصول إلى دستور 2011، معتبرا أن المغرب سار ب«بإيقاعات مختلفة حسب طبيعة المراحل التاريخية نحو تبني خيار التعددية السياسية والانفتاح الثقافي مما تطلب نصا دستوريا يترجم هذا الخيار ويقيم العلاقات المؤسساتية على أساسه مع إقرار مقتضيات تؤسس للاختلاف في إطار الوحدة والتماسك. وعلى هذا الأساس، شهد التفكير في المجال الدستوري نوعا من التدرج في إقرار التصور السياسي التعددي في تفاعل مع مجريات الحياة السياسية الوطنية ومع الأحداث الإقليمية والدولية المختلفة. فعلى مدار المحطات الدستورية الستة التي مر بها المغرب منذ دستور 1962 وإلى دستور 2011، ساهمت الوثيقة الدستورية، بشكل تصاعدي، في إثراء المنظومة الدستورية عبر اعتماد مبادئ وقواعد متقدمة محطة بعد أخرى، وفي تطوير الممارسة السياسية من خلال وضع الآليات الكفيلة بتشييد الصرح الديمقراطي. وهذا ما جعل التجربة الدستورية المحلية متميزة وطموحة في نفس الآن: متميزة لأنها أسست لنموذج متقدم مقارنة مع مجموعة من دول العالم الثالث التي لم تخرج من نظام الحزب الواحد ومن نطاق الهيمنة السياسية ؛ وطموحة لأنها تسعى في الأفق المنظور إلى ولوج عالم الديمقراطيات المتطورة مع الاحتفاظ بما يميز الذات المغربية». كما عرج المتحدث على مرحلة ما بعد المصادقة على الدستور الجديد مؤكدا أنه «على مدار الفترات الاختبارية التي توجت بتطبيق جملة من المقتضيات الدستورية، شكلت إدارة المرحلة الانتقالية محور اهتمام واسع لمختلف الفاعلين والمتدخلين قصد الإنهاء مع الوضعية المؤقتة عبر الاستكمال النهائي لترجمة كل ما تضمنته الوثيقة الدستورية من آليات وقوانين ومؤسسات على أرض الواقع. هكذا، طفا إلى السطح نقاش عمومي حيوي حول العديد من القضايا: وضعية مجلس المستشارين، تنصيب المحكمة الدستورية، استقلالية السلطة القضائية، التأطير القانوني للديمقراطية التشاركية، ترسيم اللغة الأمازيغية، ملاءمة النصوص التشريعية لبعض المؤسسات والهيئات الدستورية، إصدار النصوص اللازمة لإحداث المؤسسات والهيئات الجديدة، تقوية تمثيلية النساء في الهيئات المنتخبة، تطبيق مبادئ الحكامة الجيدة، وغيرها من المواضيع الأساسية التي أثارت اهتمام الرأي العام الوطني».