دانت الحكومة الليبية المعترف بها دوليا السبت الغارة الاميركية على مقر لتنظيم الدولة الاسلامية في صبراتة قرب طرابلس، معتبرة ان هذه الغارة، التي قالت انها لم تتم بالتنسيق معها، تشكل "انتهاكا صارخا" لسيادة ليبيا. في هذا الوقت، اعلنت بلغراد ان مواطنين صربيين كانا مخطوفين في ليبيا منذ نوفمبر الماضي، هما بين قتلى هذه الضربة الجوية اذ كانا في المقر عند اصابته. وقالت الحكومة الليبية في بيان نشرته على صفحتها في موقع فيسبوك انها "تدين وتستنكر الغارات التي شنها سلاح الجو التابع للولايات المتحدة الاميركية على مواقع محددة في مدينة صبراتة" الواقعة على بعد 70 كلم غرب العاصمة. واكدت الحكومة التي تتخذ من مدينة البيضاء في شرق ليبيا مقرا ان الخطوة الاميركية جاءت "بدون اي تنسيق او مشورة" معها، معتبرة ان "اي تدخلات على غرار ما حدث يعتبر انتهاكا صريحا وصارخا لسيادة الدولة الليبية والمواثيق الدولية". وتسيطر القوات الموالية لهذه الحكومة على غالبية المدن الواقعة في شرق ليبيا، في حين تخضع المدن الواقعة في غرب البلاد، وبينها صبراتة والعاصمة طرابلس، لسيطرة تحالف جماعات مسلحة تحت مسمى "فجر ليبيا" منذ اكثر من عام ونصف عام. وفجر الجمعة، شن سلاح الجو الاميركي غارة على منزل لتنظيم الدولة الاسلامية يبعد نحو ثمانية كيلومترات عن وسط صبراتة، ما ادى الى مقتل 49 شخصا كانوا في المنزل، بينهم المواطنان الصربيان. وافاد مسؤول اميركي ان الهدف الرئيسي للغارة كان القيادي الميداني التونسي في تنظيم الدولة الاسلامية نور الدين شوشان، الذي لم يتاكد مقتله بعد. وهي المرة الاولى تستهدف غارة اميركية مدينة صبراتة الواقعة على بعد 70 كلم غرب طرابلس والخاضعة لسيطرة تحالف "فجر ليبيا" الذي يقاتل تنظيم الدولة الاسلامية ويقاتل ايضا قوات السلطات المعترف بها دوليا والموجودة في شرق البلاد. لكن الطائرات الاميركية سبق ان استهدفت مسؤولا في التنظيم في ليبيا يدعى ابو نبيل العراقي في نوفمبر الماضي ما تسبب بمقتله، والقيادي الجهادي الجزائري مختار بلمختار المرتبط بتنظيم القاعدة في يونيو والذي نفت جماعته مقتله. – "مكان الاحتجاز معروف" – وفي بلغراد، اعلن رئيس الوزراء الصربي الكسندر فوسيتش مقتل الصربيين اللذين خطفا في وقت سابق في ليبيا، في الغارة الاميركية. وقال "لقد تاكد رسميا ان مواطنين صربيين من موظفي السفارة الصربية (في طرابلس)، هما سلاديانا ستانكوفيتش ويوفيتسا ستيبيتش، قد قتلا". واضاف ان الموظفين قتلا "في انفجارات، ومن الواضح اننا نتحدث عن القنابل الاميركية"، مشيرا الى ان "هذه اول ازمة رهائن كبرى تواجهها دولتنا. كان سيطلق سراح مواطنينا لو لم يقتلا". وخطف الموظفان في السفارة الصربية سلاديانا ستانكوفيتش المكلفة الاتصالات وسائقها يوفيتسا ستيبيتش في الثامن من نوفمبر في صبراتة (70 كلم غرب طرابلس)، فيما كانا ضمن موكب سيارات تابع للبعثة الدبلوماسية الصربية متجه الى تونس. وقد تعرض الموكب الذي كان يضم ايضا السفير، لاطلاق نار جرى على اثره خطف الموظفين. وبعيد تاكيد مقتل الصربيين، قال وزير الخارجية الصربي ايفيتسا داسيتش ان بلغراد ستطلب "معلومات رسمية من السلطات الليبية والاميركية حول كيفية تحديد الاهداف". من جهتها، اصدرت وزارة الخارجية الروسية بيانا السبت قالت فيه ان مكان احتجاز الرهينتين "كان معروفا"، داعية "الولاياتالمتحدة (…) الى اختيار اهدافها بعناية، كما تفعل الطائرات الروسية في سوريا"، في اشارة الى الضربات الجوية الروسية دعما لقوات النظام السوري. وقالت متحدثة باسم وزارة الدفاع الاميركية ان الوزارة لا تزال تقيم نتائج الغارة، وانها على علم بالتقارير حول مقتل الصربيين "لكننا في الوقت الحالي لا نملك مؤشرات تؤكد" هذا الامر. وفي ليبيا، اكد المجلس البلدي لمدينة صبراتة في بيان نشره على موقعه السبت انه "بعد التحقق والتثبت من هويات الضحايا اتضح ان موظفي السفارة الصربية المخطوفين منذ فترة كانا من بين ضحايا القصف وهما رجل وامرأة". واصدر مكتب النائب العام في طرابلس تعليمات قضت "بنقل الجثث والجرحى وكل من له علاقة وكذلك المضبوطات الي مدينة طرابلس لاستيفاء الاجراءات والتحقيقات"، على ان يجري نقل جثماني الموظفين الصربيين الى بلادهما الاثنين. من جهة اخرى، عرض رئيس حكومة الوفاق الليبية المكلف فايز السراج السبت برنامج عمل حكومته في مقر مجلس النواب المعترف به دوليا في شرق ليبيا، في جلسة مطولة شهدت نقاشات حادة، قبل ان تعلق ويعلن استكمالها الاحد، على ان يجري التصويت على منح الثقة بالحكومة الثلاثاء. وتدفع الاممالمتحدة ومعها الدول الكبرى نحو توحيد السلطتين المتنازعتين على الحكم منذ اكثر من عام ونصف عام في ليبيا، في حكومة وفاق وطني تتركز مهمتها الرئيسية على مواجهة الخطر الجهادي المتصاعد في هذا البلد.