يكون لحرمان الرضع والأطفال من ساعات النوم الكافية تداعيات سلبية على صحتهم وعلى نفسية أمهاتهم بسبب الحيرة التي تلازمهن في إيجاد الأسباب المؤدية إلى تلك الاضطرابات. في ما يلي تتطرق الدكتورة خديجة بن الدرقاوي الاختصاصية في طب الأطفال وأمراض الحساسية إلى الأسباب والعوامل المؤدية إلى اضطرابات النوم، والحلول التي من شأنها أن تضمن للأطفال الاستفادة من القسط الكافي من النوم. تختلف العوامل والأسباب المؤدية إلى اضرابات النوم بين الرضيع والطفل والذي يتجاوز عمره السنتين. فبالنسبة للأطفال بصفة عامة والرضع بصفة خاصة يمكن القول بأن اضطرابات النوم التي يرافقها البكاء والصراخ تكون مرتبطة إما بأسباب عضوية أو أسباب غير عضوية. أمراض المعدة والجهاز التنفسي أسباب عضوية لاضطرابات النوم تحدث اضرابات النوم لدى الرضع خاصة في الثلاثة أشهر الأولى التي تكون فيها عملية الهضم غير منتظمة في غياب النمو الكامل للأمعاء التي تساعد الطفل على الاستفادة من الطعام وهضمه بسهولة، ويعاني من هاته الأعراض بالخصوص الرضع الذين لا يستفيدون من الرضاعة الطبيعية. وفي حالات كثيرة يبدأ الطفل الذي لا يشتكي من شيء في النهار بالبكاء ليلا، ويتبين فيما بعد بأنه مصاب بالتهاب الأذن الوسطى، أو التهاب في الجهاز التنفسي أو في الحنجرة، ويجد صعوبة في التنفس بشكل طبيعي أو يصاب بنوبات الربو. قد يعاني بعض الأطفال من الحموضة التي تصل إلى البلعوم وتسبب له الحرقة، ليبدأ في البكاء ويحرم بالتالي من النوم. هناك أمراض أخرى تصيب الجهاز العصبي وتسبب اضطرابات النوم مثل التهاب السحايا أو خلل في الجهاز العصبي التي تجعل علامات التوتر تظهر على الطفل في الليل خصوصا، كما يمكن أن تحدث اضرابات النوم ببساطة نتيجة ارتفاع حرارة الطفل.
«التكماط».. عادة سيئة تقيد حركة الرضيع ويحرمه من النوم هناك أسباب أخرى غير عضوية وهي مرتبطة بالطفل نفسه كالجوع مثلا بسبب عدم حصوله على الجرعات الكافية من الحليب، أو بسبب تبوله أو تبرزه أثناء الليل وحاجته إلى الاغتسال، دون أن ننسى الالتهابات في المناطق الحساسة عند الطفل والتي تزداد حدة الآلام المرتبطة بها بعد التبول. تقدم بعض الأمهات على لف جسد صغارهن ك«المومياء» وهي العملية التي تعرف باسم «التكماط»، فهاته العملية غير صحية وتقيد حركة الرضيع وتحرمه من النوم، دون أن ننسى إلباس الطفل الملابس الثقيلة المصنوعة من الصوف، فالأخيرة تجعل الطفل يتعرق ويشعر بالحرارة وبالتالي لا ينام، لذلك يوصى بإلباس الرضيع ملابس قطنية وخفيفة أثناء النوم. وتعتبر غرفة النوم بالنسبة إلى الرضيع فضاءا مهما يضمن له الاستفادة من القسط الكافي من النوم، فإذا كان هذا الفضاء يفتقر إلى التهوية فإن الطفل يكون معرضا لاضطرابات النوم، خاصة إذا كانت تلك الغرفة غير مخصصة للطفل بل مكانا يجتمع فيه أفراد الأسرة طوال اليوم، فهنا سيغيب الفرق بين النهار والليل الذي ينبغي على الآباء إحداثه لتهييء الطفل نفسيا للنوم. المشاهد العنيفة والخلافات الأسرية تسبب اضطرابات النوم بالنسبة للأطفال الأكبر سنا قد تكون اضطرابات النوم مرتبطة بالخوف الذي يصيب الأطفال الذين اعتادوا النوم بجوار والديهم بنفس الغرفة عندما ينتقلون للنوم في غرفة مستقلة، أو الأطفال الذين يخشون الظلام، وهنا يجب على الوالدين الحرص على إبقاء باب الغرفة مفتوحا أو إبقاء أحد المصابيح مضاءة. يجب التأكيد على أن البيئة الاجتماعية والمحيط العائلي الذي يعيشه فيما الطفل لهما دور كبير في هاته المشكلة، فإذا كان هذا الطفل يعيش وسط الضوضاء والمشجارات والخلافات العائلية، فإنه سيتأثر بالتأكيد بكل هاته العوامل، وبالتالي يصاب باضطرابات النوم. كما أن بعض الأمهات يلجأن إلى تشغيل التلفاز لتسلية أبنائهن كي يتسنى لهن القيام بأعمالهن المنزلية، وهاته المسزلة تعتبر خطيرة بالنسبة للطفل لأنه قد يصطدم بمشاهد عنيفة ومخيفة خلال مشاهدته التلفاز، وقد تطارده تلك المشاهد خلال الليل وتتحول إلى كوابيس تحرمه من النوم، وقد تترجم إلى تصرفات وسلوكات لا إرادية كالمشي أثناء الليل الذي يجعله عرضة للعديد من المخاطر كأن يرتمي من الشرفة.
يفضل عدم تنويم الطفل عن طريق الأدوية يعتمد العلاج بالنسبة لاضطرابات النوم المرتبطة بالأسباب العضوية على تشخيص الطبيب الذي يصف الأدوية التي من شأنها القضاء على أعراض المرض الذي يعاني منه الطفل بما فيها اضطرابات النوم. أما بالنسبة إلى الأسباب غير العضوية فلا يكون الحديث عن علاج بالأدوية بقدر ما يكون عن العوامل والمشاكل المؤدية إلى تلك الاضطرابات والبحث عن حلول لها. وهنا يكون الحديث عن علاج وقائي حيث يعتمد تشخيص الأطباء على البحث في الجوانب الحياتية للطفل وبيئته كي يوجهوا فيما بعد النصائح الضرورية التي ستساعد الآباء والأمهات في التعامل مع أبنائهم ورعايتهم بالشكل الذي يمكن هؤلاء الأطفال من الاستفادة من القسط الكافي من النوم. ويفضل عدم تنويم الطفل عن طريق الأدوية، بل يتم البحث عن حلول للمشاكل التي يعاني منها.