اشتهر بفتاواه الدينية التي يخلق معظمها جدلا واسعا داخل المجتمع المغربي، بل ويتعدى ذلك الجدل في كثير من الأحيان حدود الوطن ليصل إلى باقي الدول الإسلامية. إنه عبد الباري الزمزمي رئيس الجمعية المغربية للدراسات والبحوث في فقه النوازل المعروف باجتهاده في أمور الدين وبعده عن الجمود والتقليد في دعواه. لكن العديد من الناس يجهلون الجوانب الخفية من حياته، خاصة تلك المرتبطة بتفاصيل يومه، وعلاقته بأفراد أسرته. تفاصيل خاصة قرر الرجل المثير للجدل الكشف عنها بكل تلقائية، وتقاسمها مع القراء في السطور التالية. يتحدث بعفوية شديدة وتلقائية مغلفة بشيء من الدعابة، عكست التناقض الصارخ بين الهدوء والجدية اللذين يميزان مظهره الخارجي، وبين الشخصية المتواضعة والمرحة التي يتمتع بها، وتظهر بشكل واضح في كلامه وهو يصف تفاصيل حياته اليومية والعلاقة الخاصة التي تجمعه بزوجته وأبنائه. يقضي عبد الباري الزمزمي معظم ساعات يومه في البيت، حيث ينكب على المطالعة وقراءة الكتب وإعداد الدراسات في مجال الفقه والشريعة، دون أن يكل أو يمل، إلى أن تعلن عقارب الساعة عن الخامسة، ويحين بذلك موعد خروجه لممارسة رياضة المشي، التي يواظب عليها بشكل يومي لمدة ساعة. لكن ممارسته لهويته المفضلة تظل رهينة بأحوال الطقس، بحيث يفضل البقاء بالمنزل في حال كان الجو ممطرا أو شديد البرودة. لا يشعر عبد الباري الزمزمي بأي نوع من الملل أو الوحدة طالما هو محاط بأفراد أسرته الصغيرة، وخاصة في وجود ابنيه اللذين مازالا يقيمان معه في نفس اليت، وعوضا غياب ابنته الكبرى التي تزوجت واستقرت خارج أرض الوطن، حيث يؤكد الزمزمي أن العلاقة التي تجمعه سواء بابنه أو ابنته علاقة صداقة تجعلهم يخوضون في كل الأمور، ولا يكون بينهم أي مكان للأسرار. يحرص رئيس الجمعية المغربية للدراسات والبحوث في فقه النوازل على أن يقدم لإبنيه دروسا في الدين والحياة، وينقل إليهم كل ما راكمه من معارف في الفقه والشريعة وفي الثقافة العربية، لأن تلك الدروس والمعارف التي يعتبرها أساسية في حياتهما تغيب عن المناهج الدراسية والمحاضرات الجامعية، حيث يكون التركيز على العلوم نظرا للتوجه العلمي الذي اختاره كل من الإبن والإبنة. بعيدا عن العمل والدراسة، يتقاسم الزمزمي في أوقات الفراغ مع أفراد أسرته متعة سرد النكت وفك الألغاز، ما يقضي على الإحساس بالملل ويظفي جوا من المرح داخل منزله. على عكس العديد من المنتمين إلى الجنس الخشن لا يعتبر عبد الباري الزمزمي أن مساعدة الزوج لزوجته في شؤون المطبخ من الأمور التي تنتقص من رجولته، لكنه في المقابل يعترف بعدم إلمامه بشؤون المطبخ والمنزل، لأنه لا يجيد سوى تحضير الشاي والقهوة، بينما لم يخض يوما ما تجربة تحضير أحد الأطباق، ويفضل تناولها من يدي زوجته، خاصة عندما يتعلق الأمر ب«الشهيوات» التي تتفنن الزوجة في تحضيرها مثل «الكسكس» الذي يحرص على تناوله كل يوم جمعة تطبيقا لسنة المغاربة، و«اللوبيا» التي تعتبر طبقه المفضل بالإضافة إلى السمك الذي يشتري منه كمية تكفي لثلاثة أيام. يحرص عبد الباري الزمزمي أيضا على أن يرتب فراشه وخزانة ملابسه التي تنفرد الأزياء التقليدية بمعظم رفوفها، فهو يفضل ارتداء الزي الوطني بشكل دائم، ليس فقط بسبب الصفة والمكانة التي يتمتع بها داخل المجتمع، بل لأنه يجد راحته في ارتداء الزي التقليدي، الذي لا يستغني عنه إلا في بعض المناسبات أو حين يمارس رياضة المشي. يفضل الزمزمي أن يقتني بنفسه الملابس التي يرتديها، لكنه يستشير في كثير الأحيان زوجته ويأخذ رأيها بعين الاعتبار عندما يتعلق الأمر بالملابس التي يرتديها في المناسبات، لأنها تتمتع بذوق رفيع، وتجيد الدمج بين الألوان، وهو الأمر الذي يفتقر إليه، فهو لا يكون هو موفقا في اختيار الملابس والأكسسوارات التي ترضي ذوق زوجته، كما أن الهدايا التي كان يحرص على اقتنائها لزوجته وابنتيه كلما سافر إلى الخارج لم تكن تنال إعجابهن. يعترف عبد الباري الزمزمي بأن ذوقه السيء في الملابس النسائية جعله يقرر الإقلاع عن عادة اقتناء الهدايا لزوجته وابنتيه ويقدم لهن المال بدلا منها، كي يتولين بأنفسهن شراء ما يروق لهن، مفضلا الابتعاد عن الأمور النسائية، كما هو الشأن بالنسبة لاقتناء متطلبات البيت، بحيث يفضل أن يوكل مهمة التسوق إلى زوجته، ف«التقديا» بالنسبة إلى عبد الباري الزمزمي أيضا اختصاص نسائي بامتياز وتتطلب خبرة خاصة تمكنهم من اقتناء منتوجات ذات جودة عالية وبأقل الأسعار. عبد الباري الزمزمي ليس من هواة الإبحار عبر الأنترنت، وليس من عادته تصفح المواقع التي تحتضنها الشبكة العنكبوتية، خاصة أنه يعاني من ضعف البصر، لكن ذلك لم يمنعه من إنشاء صفحته الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» حتى يتسنى له التواصل مع كل محبيه، والإجابة عن استفساراتهم فيما يخص الدين والشرع من أحكام فقهية وفتاوى. انشغال الزمزمي الدائم في مجال البحث والدراسات الإسلامية لم يمنعه من الحفاظ على صداقاته، فهو يحرص بشكل شبه يومي على لقاء عدد من أصدقائه، حيث يتوجه برفقتهم في الصباح إلى إحدى المقاهي من أجل تناول وجبة الإفطار، كما يلتقي بعدد منهم في المسجد كلما ذهب لآداء الصلاة، بينما تقتصر اللقاءات بينه وبين بعض أصدقائه على يوم الأحد والعطل. يسود التفاهم والمحبة معظم الجلسات التي تجمع عبد الباري الزمزمي بأصدقائه، الذين تقوم علاقته بهم على أساس الاحترام المتبادل والتقدير، فلا تجد بذلك الخلافات مهما كانت بسيطة أي موطئ قدم لها في حياته وتعاملاته مع الناس، بفضل شخصيته الهادئة وقدرته على ضبط النفس التي تجعله يتغاضى عن أي تصرف مزعج ودائم التسامح مع الاخرين. شادية وغزو