بتصويت مجلس النواب زوال أمس الخميس على البرنامج الحكومي، تكون حكومة عبد الإله بنكيران قد نالت ثقة البرلمان، آخر المحطات التي يستوجبها الدستور ليمارس اعضاء الحكومة مهامهم وهم يمتلكون كل الادوات الدستورية اللازمة لذلك، بعد أربع ساعات من ردود رئيس الحكومة على المناقشات التي تقدمت بها الفرق البرلمانية في مجلسي المستشارين والنواب، وعرض البرنامج الحكومي مباشرة للتصويت داخل مجلس النواب غادر عبد الاله بنكيران البرلمان حوالي الثانية زوالا وفي جيبه آخر صكوك الثقة التي يجب على كل حكومة أن تتوفر لديها: ثقة النواب البرلمانيين بعدما صوت 218 نائبا لصالح البرنامج الحكومي وعارضه 135 نائبا ولم يمتنع أحد في الوقت الذي تغيب فيه 42 عضوا في مجلس النواب. قبل ذاك الموعد بساعات كان رئيس الحكومة قد أمضى صبيحة يوم أمس وجزء من زوال نفس اليوم في الرد على مناقشة الفرق البرلمانية للبرنامج الذي تقدمت به حكومته. تخلى رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران في الكثير من لحظات رده على مناقشة الفرق البرلمانية امام اعضاء مجلسي البرلمان عما دون في الاوراق ولم يجد راحته وتلقائيته الا وهو يواجه بالتصفيق العارم من قبل النواب البرلمانيين. فقد عاد بنكيران إلى سابق عهده في إلقاء خطب نصفها مرتجل ونصفها مدون في الأوراق. بالأمس وأثناء رد بنكيران على ملاحظات البرلمانيين في مجلسي البرلمان سادت اللغة التي الفها المغاربة في عبد الاله بنكيران. في مرات عديدة توجه بكلامه نحو عبد الله باها مخاطبا اياه لقد قال البعض ان ما أتى بك للوزارة هو الريع السياسي اعبد الله باها يأتي به الريع السياسي للوزراة وانا كلما نظرت في وجهك استغفر الله. فارق ال 83 صوتا بين المؤيدين والمعارضين للبرنامج الحكومي، جعلت عبد الاله بنكيران ومعه اعضاء الحكومة ونواب الاغلبية يصفقون طويلا للنتيجة التي تمكن البرنامج الحكومي من حصدها بعد معاناة استمرت من يوم تقديم التصريح الحكومي في الاسبوع الماضي، خاصة بعد الانتقاذات التي ووجه بها البرنامج الحكومي من قبل المعارضين. نواب فرق المعارضة أيضا ابدوا انضباطا كبيرا وصوتوا ضد البرنامج دونما تسجيل اي امتناع عن التصويت. عبد الاله بنيكران بدا وهو يغادر مقر البرلمان في غاية الانتشاء من الثقة التي نالتها برنامجه الحكومي فيما انشغل نواب الاغلبية مطولا في تبادل التهاني بعدما ابدى جل رؤساء الفرق زهدهم في القاء كلمة أمام النواب البرلمانيين تفسيرا للتصويت. بنيكران يعتذر لنساء المغرب قبل أن يعرض البرنامج الحكومي لتصويت النواب البرلمانيين كان رئيس الحكومة قد قضى زهاء الثلاث ساعات في الرد على المناقشات التي تدخلت بها الفرق البرلمانية. في الكثير من اوقات الرد استنعان بنيكران بلغته البسيطة وفي كثير من الاحيان خاطب البرلمانيين باسمائهم مذكر إياهم بما سبق وأن انتقذوا به البرنامج الحكومي. وبدون مرواغة قال بنكيران إني أتحمل المسؤولية كرئيس حكومة في التمثيلية الضعيفة للنساء في الحكومة. في مجلس النواب كما في مجلس المستشارين. بنكيران وصل إلى حد وضع استقالته من رئاسة الحكومة اذا ما ثبت انه قال ان كفاءة المرأة هي التي ابعدتها عن مقاعد الحكومة. بنكيران قال إن مثل هذا الكلام آلمه كثيرا. واعتذر لكل نساء المغرب قائلا “اذا ما احست نساء المغرب أن التمثيلية النسائية في الحكومة التي يرأسها تضرهن فأنا أعتذر لهن”. نفس الكلام اعاده رئيس الحكومة مرتين امام مجلس النواب كما امام مجلس المستشارين. ولكن بنكيران لم يتحمل المسؤولية دون أن يوزع وزر تغييب النساء في الحكومة التي يرأسها على الاحزاب نفسها قائلا ” لقد حاولنا جميعا ووجدنا صعوبة في غياب مساطر التمييز الايجابي لفائدة النساء فيجب ان نرتب ذلك في أحزابنا، قبل أن نأتي للحكومة فعدد النساء في مجلس النواب هو 64 امرأة، اربعة منهن ترشحن فقط في اللوائح المحلية، واذا احصينا كم رشحت الاحزاب من النساء بما فيها نحن وجدنا 5٪ في حين رئيس الحكومة وجد نفسه في حصلة، فلي تقولوه ديروه” يضيف بنكيران بنفس لغته الصارمة قائلا إن مجال المناصفة ليس مجالا للمزايدة من أحد على أحد وهذه مسؤولية الجميع أوكد، وكما وعدت عند عرض البرنامج مواقع متقدمة العمل على تكريس التمييز الايجابي لللنساء وفي المجالس الادارية، وتجاوز منطق الذكورية السائد في المجتمع، أما إذا وجدتم كلمة اعيب فيها المرأة بكفاءاتها فأنا مستعد لتقديم استقالتي من هذا المنصب الذي أنا فيه”. بنكيران يدافع عن أرقامه استطاع عبد الإله بنكيران أن يشد في كل لحظات رده على مناقشات مجلسي البرلمان، الانتباه طيلة ساعة وخمس دقائق بمجلس المستشارين وما يقارب الساعتين داخل مجلس النواب. بالكاد استطاع الصحفيون وموظفو البرلمان والعديد من المتتبعين خلالها أن يجدوا موطأ قدم داخل قاعة الجلسات العمومية. وظف بنكيران قاموسا بعيدا عن التعقيدات التي يقتضيها الدفاع عن برنامج حكومي والرد على انتقادات ووجه بها من قبل معارضين كانوا في الكثير من الاحيان شرسين في انتقاداتهم، وفي الكثير من الاحيان توجه بالاسم للنواب البرلمانيين متخليا عن الاوارق وعن الحديث باللغة العربية الفصحى التي أحل بنيكران محلها اللغة الدارجة والامثلة الشعبية البسيطة التي كانت تقابل بتصفيق عارم من قبل معارضيه قبل مؤيديه. لم يتوان بنكيران عن القول ردا على الانتقادات ان الحكومة واعية بالظرفية الوطنية والدولية التي شكلت فيها هذه الحكومة من الأزمة الاقتصادية، والحراك العربي وما يمكن ان ينتج عن ذلك من فرص واكراهات، ولكن الاشكالية الجوهرية يقول بنيكران والتي تعيق انتاج الثروة والتوزيع السيء لها هي الحكامة، فما افتقدناه في مجتمعنا هو الحكامة الكفيلة بتجاوز اختلاس المال العام استغلال النفوذ، والرفع من قيمة العمل كقيمة وطنية ودينية”. واجه بنكيران انتقادات المعارضة التي قالت إن الحكومة لا تملك آليات تحقيق البرنامج الذي وضعته، قائلا ” لقد توصلت بملاحظات داخلية في البرلمان وخارجية في الصحافة تشفق على هذه الحكومة من شدة طموح هذا البرنامج لقد تعاطفت مع هذه الملاحظات كثيرا، ولكني أقول إن هناك فرقا بين البرنامج الحكومي وبين قوانين المالية السنوية التي تحمل البرمجة الدقيقة لكل عمل قطاعي وتحدد إجراءته وأفقه الزمني”. لم يكتف بنكيران بالدفاع عن برنامج حكومته، وإنما انتقد المعارضة قائلا ” إن المعارضة مطالبة بأن تكون شريكا فعالا على مستوى النوعية في الخطاب حتى تكون في مستوى الصلاحيات التي يمنحها لها الدستور عوض ان تكتفي بالانتقاد وتبتعد عن تحديد إجراءات جوهرية بديلة لما أتى البرنامج الحكومي وفق ما جاءت به برامجها الانتخابية”. الجيلالي بنحليمة.