باشرت وفود البلدان ال195 المشاركة في المؤتمر الدولي للمناخ في باريس الثلاثاء مفاوضات ماراتونية غداة قمة استثنائية لقادة الدول، سعيا للتوصل في غضون عشرة ايام الى اتفاق لمكافحة الاحتباس الحراري، فيما حض الرئيسان الفرنسي والاميركي على تسريع وتيرتها رغم العقبات الكثيرة امام بلوغ الهدف. وعلى هامش المؤتمر وعدت فرنسا افريقيا التي تواجه تبعات الاحتباس الحراري مع زحف التصحر وجفاف مجاري المياه، بمنحها ملياري يورو بحلول 2020 لتطوير طاقاتها المتجددة. وقد اعلن ذلك الرئيس فرنسوا هولاند اثناء قمة مصغرة في لوبورجيه قرب باريس جمعت حوله اثني عشر رئيس دولة افريقية حول موضوع "التحدي المناخي والحلول الافريقية". من جانبه حث رئيس المؤتمر الدولي للمناخ لهذه السنة وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس في كلمة اطلق بها اعمال المؤتمر الذي تستمر اعماله حتى 11 ديسمبر، المشاركين "على احراز تقدم في الجوهر بحيث نحترم التفويض البالغ القوة الذي منحنا اياه مختلف رؤساء الدول والحكومات". ودعا المندوبين الى "عدم ادخار اي جهد" لدفع المفاوضات قدما بعدما راوحت مكانها في الاشهر الاخيرة. وكان قادة العالم اجمع اعطوا الاثنين دفعا سياسيا للمحادثات التي لم تسجل اي تقدم في الاشهر الاخيرة، من خلال اطلاق دعوات اجماعية لانقاذ الكوكب. من جهته اعتبر الرئيس هولاند الذي قام بزيارة الموقع الثلاثاء ان المؤتمر "انطلق بشكل جيد"، حتى وان لاحظ "عقبتين": "فاما ان نحمل المركب ويغرق، واما نخفف حمولته ولا يذهب الى اي مكان". واضاف "يجب ان يكون مركبا يجعل العالم يتقدم للسنوات المقبلة مع افق وهدف وسبل لنكون متأكدين من الوصول الى اقل من درجتين" مئويتين لحرارة الكوكب. كذلك زاد الرئيس الاميركي الضغط بالتشديد على ان العمل بشأن المناخ "ضرورة حتمية" للاقتصاد والامن. وعبر اوباما عن تفاؤله ازاء التوصل الى اتفاق طموح للحد من الاحتباس الحراري. وقال "اني متفائل وسننجح"، مضيفا ان مكافحة ظاهرة الاحتباس "ضرورة اقتصادية وامنية علينا التصدي لها الان" لانه بالوتيرة الحالية "سنضطر سريعا الى تخصيص موارد اقتصادية وعسكرية اكبر (…) للتأقلم مع عواقب كوكب يتغير". وشدد دانييل ريفسنايدر المشارك في ترؤس المناقشات على وجوب عدم اضاعة الوقت "لاعادة صياغة المواقف. الوقت قد حان لاعداد مواقف جماعية تستجيب لقلق جميع الاطراف ويمكن تبنيها بالتوافق". – اكثر من 200 خيار – لكن المهمة تبدو صعبة. وتساءل مندوب اوروبي "ان مشروع الاتفاق طويل وينطوي على الكثير من الخيارات. فباي وتيرة يمكن ان تتقدم المفاوضات؟". واحصت المنظمة غير الحكومية التي اسسها نيكولا اولو، الصحافي والكاتب والناشط البيئي الذي عينه هولاند "موفدا خاصا لحماية الكوكب"، "اكثر من مئتي خيار واكثر من تعبير او جملة +بين قوسين+" مطروحة للنقاش. والنص الذي يناقش ويقع في خمسين صفحة ينقسم الى فصول كبرى منها: الهدف الطويل الامد لخفض انبعاثات الغازات السامة ذات مفعول الدفيئة، التكيف مع التغير المناخي، تمويلات السياسات المناخية لدول الجنوب، وآلية مراجعة لرفع التزامات الدول بصورة منتظمة. وعلى المفاوضين ان يسلموا نسخة مشذبة للنص السبت الى الوزراء الذين سيتناقشون بشأنها خلال الاسبوع الثاني لمؤتمر المناخ. والهدف هو التوصل الى اول اتفاق تلتزم بموجبه الاسرة الدولية تقليص انبعاثات الغازات السامة ذات مفعول الدفيئة لاحتواء ارتفاع حرارة الارض بدرجتين مئويتين قياسا الى الحقبة السابقة للثورة الصناعية. الا ان التعهدات التي اعلنتها 183 دولة من اصل الدول ال195 الممثلة في المؤتمر ما زالت تضع العالم على مسار يشير الى ارتفاع حرارة الكوكب بثلاث درجات مئوية. ويفترض بالاتفاق الذي تامل الاطراف في التوصل اليه بحلول 11 ديسمبر، ان يسمح للعالم بدخول منعطف تاريخي للابتعاد عن مصادر الطاقة الاحفورية التي تؤمن اليوم قسما كبيرا من الطاقة في العالم غير انها تتسبب باحتباس حراري غير مسبوق. لكن مواقف المفاوضين تكون احيانا متباعدة جدا، بحسب مدى اعتماد الدول على مصادر الطاقة الاحفورية (الفحم والنفط والغاز) ومستوى التطور وموارد كل بلد. وفيما تأمل المنظمات غير الحكومية باسماع صوتها، حظرت التظاهرات حتى منتصف ليل 13 ديسمبر في المناطق المجاورة للوبورجيه وكذلك في باريس نفسها في قطاع الشانزيليزيه وغران باليه والكونكورد.