نيودلهي, 24-10-2015 (أ ف ب) - تستضيف الهند اعتبارا من الاثنين تجمعا غير مسبوق لرؤساء دول افريقية, في محطة هامة في اطار مساعيها لترسيخ حضورها في قارة تقدم فيها منافسها الصيني العملاق في السباق على المواد الاولية. وبعد تأجيلها منذ دجنبر بسبب انتشار وباء ايبولا, ستكون القمة بين الهند وافريقيا التي ستعقد من 26 الى 29 اكتوبر, الاولى لرئيس الوزراء الهندي نارندرا مودي واهم تجمع لقادة اجانب في الهند منذ 1983. واكد اكثر من 40 رئيس دولة وحكومة حضورهم واحتمال مشاركة الرئيس السوداني عمر البشير قد يثير الجدل بسبب صدور مذكرة توقيف بحقه من المحكمة الجنائية الدولية. والصين تتقدم باشواط كبيرة على الهند في افريقيا, حيث بلغت قيمة مبادلاتها مئتي مليار دولار العام الماضي, اي اكثر من اجمالي الناتج الداخلي لثلاثين اقتصادا افريقيا. لكن المبادلات بين الهند وافريقيا تعززت لترتفع من 3 مليارات دولار في العام الفين الى 70 مليارا في 2014 بحسب نيودلهي. وتبدو الهند حريصة على الظهور كصديق اكثر من طامع بالثروات, لذلك تشدد نيودلهي على تاريخها المشترك مع القارة مشيرة الى التجارة البحرية مع افريقيا في القرن السادس عشر او النضال المشترك ضد الاستعمار. وتستند السياسات على المغتربين الهنود وعددهم نحو 2,7 مليون العديد منهم في جنوب افريقيا حيث بدأ غاندي بطل الاستقلال نضاله. ولفت نافتج سينغ سارنا الاخصائي في شؤون افريقيا في وزارة الخارجية الهندية الى انه "اثناء النضال من اجل استقلال افريقيا في وجه الاستعمار الجديد, بدءا بالفصل العنصري وصولا الى التمييز, كنا اخوة سلاح". لكن بالرغم من هذا التاريخ المشترك فان اول قمة هندية افريقية عقدت قبل سبع سنوات اي بفارق زمني كبير عن الاجتماعات المماثلة التي نظمتها الصين والاتحاد الاوروبي او اليابان. وبلغت قيمة الاستثمارات الهندية في افريقيا 30 مليار دولار بحسب الحكومة, اي ما يوازي سدس الاستثمارات الصينية. والدول الافريقية لا تعتمد سوى على 11% من الصادرات الهندية, ما يقود منظمة ارباب العمل الهندية اسوشام الى التحدث عن علاقة "غير مستثمرة الى حد كبير". واذا كان القادة الصينيون يزورون كثيرا افريقيا فان الهند تتخلف عنهم بمسافة كبيرة. ومودي الدبلوماسي المعروف بتنقلاته لم يزر بعد القارة الافريقية حتى وان قام بزيارتين الى جزر موريشيوس والسيشل. واعتبر سانوشا نايدو من مؤسسة الحوار الشامل للبحوث, مقرها في بريتوريا, "ان الهند تصل في وقت متأخرا بعض الشيء", مضيفا "ان الالتزام السياسي ليس على مستوى الالتزام الاقتصادي". وكما هو الامر بالنسبة للصين تثير الثروات الطبيعية الافريقية مطامح الهند التي تستورد 80% من نفطها. في المقابل تشمل الصادرات الافريقية الى الهند المعادن على انواعها والاحجار الكريمة والمنتجات الكيميائية. لكن الاهم يتركز في مجال الطاقة اذ ان الهند تتطلع الى نيجيريا وانغولا لتخفيف تبعيتها تجاه الشرق الاوسط. وقد استثمرت شركات كبرى مثل قطب الاتصالات "بهارتي ايرتل" التي استحوذت على فروع مجموعة زين الكويتية المتواجدة بقوة في افريقيا ب10,7 مليار دولار. وقامت الحكومة الهندية من جهتها بتسليف 300 مليون دولار لبناء خط قطار بين اثيوبيا وجيبوتي. لكن معظم الاعمال هي عبارة عن استثمارات صغيرة خاصة تتباين مع الهجمة الصينية المدعومة من الدولة في المناجم والصناعة الحرفية. وقال رجل الاعمال الهندي رامش اوتاني مؤسس مجموعة ايسون غروب التي تدير مشاريع تكنولوجية متطورة في بوركينا فاسو وتنزانيا وتشاد لوكالة فرانس برس, "ان حكوماتنا لم تعمل بشكل كاف". واضاف "ان الصين تدفع بيادقها الى افريقيا بشكل يجعل الهند في موقع متأخر عنها بكثير. اود ان يكون هناك مزيد من اللقاءات الثنائية". وحكومة مودي شحيحة بالمعلومات عن اهداف هذه القمة بمعزل عن بعض العموميات. لكنها ستكون مناسبة للافادة من زوال الوهم المتعلق بالعملاق الصيني الذي تراجعت حاجته للمواد الاولية مع تباطوء نموه. وتمول بكين منذ عقود ملاعب ومستشفيات وطرق سريعة في افريقيا مقابل عقود تموين. ويشير المنتقدون الى ان هذه الاستراتيجية اثقلت البلدان الافريقية بالديون وصبت في مصلحة المجموعات الصينية اكثر من المحلية. والهند لا تستطيع مجاراة الصين ماليا لكنها تعول على تقاسم المعارف والتكنولوجيات وقد زادت مساعدتها للتنمية الى 5,4 مليار دولار. وتتشاطر الهند وافريقيا التحديات نفسها بخاصة توفير فرص عمل لملايين الشبان كل سنة واخراج مئات ملايين الناس من دائرة الفقر.