ظللهم الغمام. وتحت رذاذ مطر خفيف، مشوا أول أمس الخميس في مسيرة حاشدة. توارت الشمس وفسحت المجال كي تسطع مطالبهم، وفق المعنى الأبرز الذي توحدت حوله الشعارات المختلفة، التي رددوها على طول المسار التي خطته أقدامهم، انطلاقا من أمام مقر وزارة الصحة بشارع باتريس لومامبا ونهاية بباب البرلمان بشارع محمد الخامس. أطباء طلبة وأطباء داخليون ومقيمون من كافة المراكز الاستشفائية الجامعية بالمغرب، الذين خرجوا يتحدون الوزير الوصي على قطاعهم، التقدمي الحسين الوردي، ويحتجون ضد مشروع قانون الخدمة المدنية الإجبارية. أزيد من 10 آلاف طالب وطبيب داخلي ومقيم وفق تقديرات اللجنة المنظمة للمسيرة الاحتجاجية ، ساروا لأكثر من نصف ساعة ثم وقفوا أمام البرلمان نصف ساعة أخرى وغايتهم « ليس الاحتجاج فقط على مشروع الخدمة المدنية الإجبارية فقط» يوضح الدكتور كمال سرار، طبيب مقيم بالمستشفى الجامعي ابن سينا، وعضو اللجنة الوطنية للأطباء الداخليين والمقيمين بالمغرب، يضيف موضحا :«هذا المشروع هو فقط النقطة، التي أفاضت الكأس. نحن نحتج اليوم على المنظومة الصحية المختلة برمتها. بداية من التكوين وانتهاء بشروط وظروف العمل، التي يشتغل في إطارها الطبيب المغربي، الذي تُنتهك كرامته في ظل غياب استفادته من الاعتبار المعنوي والمادي. لذلك، انضم إلى المسيرة الأطباء الداخليون والمقيمون، الذين هم غير معنيين بشكل مباشر بمشروع الخدمة الإجبارية، لكنهم خرجوا تضامنا مع الطلبة وأيضا للمطالبة بإعادة النظر في المنظومة الصحية بشكل عام والقطع مع الإجراءات والقرارات المرتجلة والترقيعية التي تعمق إشكالات القطاع». وبالرغم من أن جموع الأطباء المحتجين رددت شعارات في مجملها عادية ومكرورة تُسمع في هكذا احتجاجات طلابية، إلا أنهم أبانوا عن قدرة عالية في التنظيم والانضباط إلى تعليمات أعضاء تنسيقية اللجان التنظيمية. بدوا كلهم أو جلهم متنبهين ومهتمين لإجلاء سوء الفهم، الذي ارتبط باحتجاجهم ضد الخدمة الإجبارية، وتصحيح ردود الفعل السلبية، التي تلت مباشرة احتجاج ال3شتنبر 2015، حيث تم اتهامهم ب"التملص من قسم أبو قراط" وب"الإخلال بالواجب المهني من خلال رفض خدمة مواطنيهم في القرى والمداشر النائية" . فكانوا لا يترددون في الخروج من المسيرة وملاقاة المستفسرين من المارة لشرح موقفهم وحشد التعاطف مع قضيتهم. وفي هذا السياق، أوضح أسامة عدوي، رئيس جمعية الأطباء الداخليين والمقيمين بالمركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد بالدارالبيضاء :«نرفض التعامل بدكتاتورية مع مطالبنا المشروعة والعادية. نحن لا نتنصل من واجبنا مثلما ما يشاع عنا. بل على العكس نحن مستعدون للاشتغال في أقاصي البلاد في إطار التوظيف وشريطة توفير ظروف العمل وأدواته بما يحفظ كرامتنا وكذلك حق المواطن البسيط في الولوج إلى الصحة. الخطاب المغلوط، الذي يتم توريجه حول رفضنا للخدمة المدنية، نتصدى له ونرفضه بحذافيره ونطلب من الوزير أن يتحلى بروح المسؤولية ويعمد إلى إحداث الإصلاحات البنيوية الفعلية وفي مقدمتها الاستثمار في تحسين شروط العمل في كافة المراكز الصحية، سواء تلك داخل المدن الكبرى أو تلك في القرى النائية. ليكن صريحا ويكشف لنا مآلنا بعد سنتي الخدمة المدنية.. بكل تأكيد هو يرمينا في أحضان العطالة أو القطاع الخاص ». وأعلن الأطباء المحتجون عن تنفيذهم لإضراب عام في فاتح أكتوبر المقبل في كافة المراكز الاستشفائية بالمغرب وهم يهددون بشل القطاع برمته للدفع بالحسين الوردي إلى إلغاء مشروع القانون المتصل بإجبارية الخدمة المدنية. لكن، وبالموازاة أعلنوا أيضا أنهم بصدد التنسيق لتنظيم قوافل طبية في العديد من المناطق المغربية.