يعتبر السرطان مرض العصر والذي يطرح العديد من المشاكل الصحية والمادية بسبب الأثمنة الباهضة للأدوية التي تدخل في علاجه، والتي كانت تدفع الكثير من الناس إلى اللجوء إلى الطب التقليدي الذي يعتمد على الأعشاب، مما يزيد من تردي حالتهم الصحية وتراجعها، الشيء الذي يصعب معه علاجهم بالأدوية الطبية الحديثة. في الحوار التالي يقدم الدكتور عبد اللطيف آيت إيدار مدير مركز الإنكولوجيا بالمركز الاستشفائي ابن رشد بالدار البيضاء شرحا مبسطا للمرض وتكاليفه والمجهودات المبذولة من طرف جميع الجهات من أجل توفير العلاج بأقل تكلفة والحد من تزايد عدد المرضى. ما هي تكلفة علاج مرض السرطان في المغرب؟ يمكن اعتبار علاج السرطان من بين أغلى العلاجات فتكلفة العلاج باهضة جدا ويصعب على أي شخص الاستمرار في العلاج في غياب التغطية الصحية، التي تغطي نسبة قليلة من كلفة العلاج، الذي كان يتحمله المرضى سابقا. لكن حاليا نجد أن نسبة ثمانين في المائة من الأدوية الكيماوية التي يحتاجها مرضى السرطان موجودة في المستشفيات الجامعية التي يتابع فيها مرضى السرطان علاجهم، يعنى أن أغلب المرضى المعوزين والذين لا يتوفرون على إمكانيات العلاج يتابعون علاجهم بالمجان في المستشفى ويستفيدون من الأدوية مجانا. تبقى تكلفة علاج السرطان غالية جدا، فثمن الحصة الواحدة من العلاج الكيماوي تصل إلى عشرين ألف درهم، فمثلا سرطان الثدي قد تطالب المريضة في بعض الأحيان بإجراء ما يعادل ثمانية عشر حصة وثمن الحصة هو عشرون ألف درهم والمريضة تستفيد من هذه الحصص بالمجان، فجمعية وزارة الصحة بمساعدة جمعية لالة سلمى ومديريات المستشفيات الجامعية تتكلف بكل مصاريف الأدوية. من هم الناس الذين يتابعون العلاج إلى نهايته ولا ينقطعون عن العلاج؟ هذا المشكل كان مطروحا من قبل بحدة عندما كانت المستشفيات لا تتوفر على الأدوية، فكان المريض خاصة الذي ينتمي لفئة معوزة لا يستطيع شراء الأدوية الباهضة الثمن، فيبذل مجهودا كبيرا من أجل شراء أدوية الحصة الأولى، وفي الحصة الثانية لا يستطيع شراءها بسبب عدم توفره على المال، الذي يمكنه من متابعة شراء الأدوية اللازمة في كل حصة، وهذا المشكل أصبح متجاوزا اليوم بسبب توفر الأدوية بشكل مجاني في المستشفيات العمومية، والحالات التي يمكن فيها للمريض أن يتوقف فيها عن متابعة العلاج اليوم تكون بطلب من الطبيب المعالج لأن تلك الأدوية قد أثرت على بعض أعضاء جسمه، أو بسبب عدم تحمل صحته لأدوية السرطان التي يكون تأثيرها قويا، أو بسبب الحالة المتقدمة للمريض. وهذه الفئة تتوافد على المستشفى بكثرة، فالمريض عندما يأتي للمستشفى في حالة مزرية لا ينفع معها لا دواء ولا علاج ولا يمكن بأي حال أن نصف لهم إلا الأدوية المهدئة التي تنقص من حدة الآلم، وهذه الفئة لا تتقبل أن مرضها لم يعد ينفع معه علاج. ويمكن الإشارة إلى أن 40 في المائة من حالات الإصابة بداء السرطان يمكن علاجها بفضل التشخيص المبكر والتكفل الجيد. ما هو رأيك في الناس الذين يبحثون عن العلاج في الطب التقليدي الذي يقوم على العلاج بالأعشاب؟ هذه الفئة تمثل الحالات التي تأتي في وقت متأخر يكون فيه المرض قد بلغ حالة متقدمة لا ينفع معها علاج، وهذا ما يجعل هؤلاء الناس يبحثون عن أي شيء لإيقاف الألم الذي يحسون به ومن بين هذه الأشياء يكون التداوي بالأعشاب هو الباب الذي يطرقونه بعد المستشفى، ومشكل التداوي بالأعشاب بالطريقة التقليدية نجدها أيضا عند بعض المرضى الذين يلجؤون إليها حتى قبل المجيء إلى المستشفى ولا يلجؤون إلى المستشفى طلبا للعلاج إلا بعد أن يتيقنوا من عدم جدوى هذه الأعشاب في علاج مرضهم، وفي غالب الأحيان يكون الوقت قد فات وتطور المرض ولم يعد ينفع معه علاج. ما هي مخاطر هذه الأعشاب على صحة المريض؟ يؤدى التداوي بالطرق التقليدية وبالأعشاب إلى نتائج سلبية على صحة المريض فهذه المواد السامة تؤثر على وظيفة الكبد والكلية والمعدة وغيرها من الأعضاء الحيوية والحساسة في جسم الإنسان، وفي الوقت الذي نقوم فيه بإجراء التحاليل والفحوصات لهذه الأعضاء للتأكد من سلامتها قبل البدء في العلاج، يتبين لنا أن هذه الأعضاء لم تعد قادرة على تحمل العلاج الكيماوي، ففي بعض الأحيان يكون المرض ما زال في بدايته وقابلا للعلاج لكن كبد المريض لن تتحمل العلاج الكيماوي ومن بين أكثر هذه الأعشاب ضررا نجد عشبة تسمى «برزطم» تؤثر كثيرا على الكلي وعلى وظيفتها داخل الجسم، وفي هذه الحالة لا يمكن للطبيب أن يصف العلاج الكيمياوي للمريض لأن هذا العلاج سام أيضا والكلي هي التي يمكنها تخلص الجسم منها ونضطر كأطباء في هذه الحالة إلى عدم الشروع في علاج المريض وكل هذا بسبب الأعشاب التي استعملها من قبل. وهناك الكثير من الناس الذين عاشوا تجربة التداوي بالأعشاب تراجعوا عن هذه الفكرة والتزموا بالعلاج الطبي العلمي لغياب أي نتيجة من التداوي بالطريقة التقليدية. ما هي الإجراءات التي تتخذونها من أجل توعية المواطنين بمخاطر العلاج التقليدي الذي يلجؤون إليه؟ أول شيء قمنا به في إطار جمعية لالة سلمى لمحاربة السرطان هو الحملة التحسيسية التي كانت مخصصة للأشخاص الذين يلجؤون للتداوي بالطرق التقليدية كالأعشاب، تلتها الكثير من الحملات التحسيسية في هذا المجال، ثم توعية الناس من خلال برامج تبث عبر القناتين الأولى والثانية يتم فيها النقاش حول مخاطر هذه الأعشاب، وكان لهذه البرامج تأثير كبير لأن الملاحظ هو أن عدد الناس الذين يلجؤن للتداوي بالطرق التقليدية قد تقلص بشكل كبير عما كان عليه الأمر في البداية، بالرغم من أنه مازالت تتردد علينا الكثير من الحالات التي تزاوج بين العلاج الطبي والتقليدي. حاورته مجيدة أبوالخيرات مدير مركز الأنكولوجيا بالمركز الاستشفائي ابن رشد بالدار البيضاء