العدالة والتنمية تلاحق الأصالة والمعاصرة حتى المقر المركزي للحزب بالرباط، الأمر لا يتعلق بقياديين أو منتسبين إلى حزب المصباح جاؤوا يستعرضون قوتهم أو عضلاتهم الانتخابية أمام خصم من خصومهم، لكن هم بضعة فتية وشبان على متن سياراتهم لا تربطهم بالعدالة والتنمية أي رابط، عنّ لهم أن يهتفوا باسم هذا الحزب. قد يبدو الأمر مفارقا وغير ذي معنى ولكن يحيلنا على صراع بين الحزبين قبل وأثناء الانتخابات. لكن بعيدا عن حضور المصباح في دار «الجرار» ولو بذلك الشكل كان الهم الذي يشغل قياديي وأعضاء الأصالة والمعاصرة هو نتائج حزبهم في هذا الاستحقاق المصيري، وهو ما بدا على وجوهم وعلى حركتهم، وفي مكالماتهم. عبد الحكيم بنشماس الدائب على الحركة والحديث، إلياس العماري الذي كان مشغولا يحضر قليلا ويغيب كثيرا، صلاح الوديع الذي كان بين المنزلتين.... وآخرون يتحلقون في حلقات صغيرة، موضوعها الرئيس الحزب الفائز في انتخابات 25 نونبر. والحضور يتوزع بين الهدوء والحركة، كانت خلية تتبع وتلقي النتائج منهمكة في استيقاء المعطيات من مصادرها. في ظل هذه الحركة وهذا الانشغال، كان الأمين العام للحزب محمد الشيخ بيد الله وبهدوئه المعتاد وخفة ظله، يستقبل على هاتفه النقال، أولا بأول، أحدث النتائج التي تنعكس على وجهه ارتياحا، يحاول ألا يحتفظ به لوحده ولكن يتقاسمه أو يتبادله مع أعضاء حزبه وينقله أيضا إلى رجال الإعلام الحاضرين المتحلقين حوله، ليس فقط بما يرتسم علىتقاسيم الوجه ولكن بالقول وبشهادة المعطيات، فمع أولى النتائج الجزئية، كشف بيد الله للصحافة أن سقف توقعات فوز الحزب بمقاعد في مجلس النواب المقبل، يتأرجح بين 50 و55 مقعدا «لم نراهن على المرتبة الأولى، وتوقعاتنا تتأرجح بين احتلال المرتبة الثانية والثالثة، نسعى إلى ربح الكيف وليس الكم، وهذا مايظهر من ترشيحاتنا حيث بلغ فيها عدد الجامعيين 70 في المائة...». ومع أولى ساعات صباح السبت، تم تداول رقم قريب من التوقعات التي أعلن عنها. وفي صور أخرى، شكل الإعلان عن فوز مرشحين ومرشحات من الحزب بمقاعد في مجلس النواب فرصة للتعبير عن الفرح والابتهاج. فقد قوبل فوز عمدة مراكش فاطمة الزهراء المنصوري في دائرة المدينة سيدي يوسف بن علي، بتصفيق حار واستقبل الحضور بارتياح فوز الحزب بمقعدين آخرين في مراكش في كل من دائرة جليز النخيل (جميلة عفيف) ودائرة المنارة (عدنان بن عبدالله) ونفس الشيء بالنسبة لرشيد العبدي (سلاالمدينة). كما حظي باهتمام خاص فوز توتو مباركة ذات الاحتياجات الخاصة والناشطة الجمعوية من جرادة بمقعد ضمن اللائحة الوطنية، وقوبل بارتياح فوز الحزب بالعديد من الدوائر في مناطق مختلفة. (أكثر من خمسة وعشرين مقعدا حسب نتائج مؤقتة). وفي الوقت الذي استطاع نواب سابقون عن الحزب أن يحافظوا على مقاعدهم أمثال أحمد التهامي، محمد شرورو، رحو الهيلع،عبد الكريم شكري، موحى بوركالن، أحمد بريجة، إبراهيم شكيلي، فقد نواب آخرون (الطاهر شاكر...) تمثيليتهم في الغرفة الأولى من البرلمان المغربي. تلقي النتائج في تلك الليلة لم يتم بمعزل عما تعرض له الحزب من هجومات وما عرفته ساحته من استقالات، وعلى رأسها استقالة عرابه فؤاد علي الهمة التي قيل في البداية أنها كانت من الحزب بأكمله قبل أن يتم التأكيد على أنها همت فقط مهام له في البام، فقد صبت أحاديث لأعضاء من البام في كون الحزب استطاع أن يتجاوز «المحنة» وأن الضربات التي تلقاها بدل أن تضعفه قوته. لقطات من هنا وهناك، وصور من الأمس ومن اليوم، تعكس انتقال حزب من مرحلة اكتساح انتخابي إلى فترة محاولة إثبات وتأكيد الوجود، في ظل معطيات جديدة وواقع سياسي آخر.